في الأيام القليلة الماضية، شهدت الكويت حادثتي مشاجرة كانت لهما أصداء سيئة في المجتمع المحلي، وتعدته إلى بعض المجتمعات العربية، ونقدم هنا خالص العزاء لأسرة من سقط ضحية، مع دعواتنا أن يمنّ الله بالشفاء العاجل على من أصيب، ولهذه المشاجرة التي حدثت بين مجموعة من شباب الكويت وأخرى من الإخوة المصريين آثارها السلبية على العلاقة الحميمة بين الشعبين، فقد أوقد نار فتنتها بعض ناعقي الخراب والكثير من نافخي الكير، إما لتوظيفها لأهداف سياسية محلية رخيصة، أو من أولئك الذين لا يريدون للكويت أن تعيش بأمن وأمان، وهم يتربصون شراً بالكويت ويتصيدون الهفوات، فجعلوا منها أحداثاً عظاماً، وحاولوا تأليب ودغدغة مشاعر الشعب المصري الشقيق بتصوير الأمر على أن العمالة المصرية في الكويت تسام العذاب وأنها مسلوبة الحرية وأن حقوقها منتهكة، وكأن الكويت بلاد غاب، وهو ما يسعون إليه ويحاولون تحقيق أهداف خارجية لزعزعة الأمن والاستقرار، ولعل آخرها تلك الدعوة للإضراب، وهم يعلمون أن الإضراب والعصيان غير قانونيين، ويحاسب عليهما القانون.
وهنا أوجه النداء والرجاء لإخوتنا وأحبائنا المصريين، فأنتم أكبر الجاليات الموجودة في الكويت، وأيضاً أكبر جالية عربية في كل دول الخليج، وأعتقد أن من يدعون إلى مخالفة النظام العام للدولة لا يمثلونكم، ومن يحمل نفس توجهاتهم، فهناك مثل مصري يقول "يا دار ما دخلك شر"، فإذا وجد أحدكم أن حقوقه مسلوبة فليتوجه إلى مؤسسات الدولة، فهي كفيلة بأخذ حقوقه، أما من يلجأ إلى الطرق غير القانونية وأخذ الحق باليد، فهذا ما لا يمكن أن يقبله ذو لب، وعليه أن يحزم حقائبه معززاً مكرماً، وألا ينجرف وراء كل حادث صغيراً كان أو كبيراً، فأحداث المشاجرات تكاد تكون شبه يومية، ولا يخلو منها أي مجتمع، فهي أحداث شبه يومية، وما حدث في الأيام القليلة الماضية ما هو إلا نتيجة لتراكمات ثقافية مجتمعية سيئة تغذيها وسائل إعلامية موجهة سياسياً ووسائل تواصل اجتماعي موجه.لقد وصل الأمر بالبعض لنعت الكويتيين والخليجيين بالبداوة والرعاة، وهذا فخر لا عيب، فحبيبنا محمد، صلى الله عليه وسلم، عاش في البادية مع قبيلة بني سعد، وكثير من الأنبياء امتهنوا الرعي والأشغال، فلم يكن هناك نبي إلا وامتهن مهنة، ووصفهم هذا مصدر فخر وإشادة ليس إلا، فالكويت كانت ومازالت هي بلاد العرب وسندهم، ولا يوجد شعب أو بلد لم يمد الكويتيون إليه يد المعونة والنصرة والتأييد، ومن قبل أن تصبح دولة مستقلة وحتى اليوم وهي تدفع ضريبة ذلك تهديدات واختراقات وحوادث أمنية. ففي الثورة الجزائرية كان للكويت دور وتأييد، ومنظمة التحريرالفلسطينية انطلقت من الكويت واحتضنت مقرها وكانت الكويت أول من اعترف بها كدولة وأول سفارة لها أقيمت في بلادنا، ومن الكويت كانت المساعدات المالية والثقافية والتعليمية والاجتماعية للبنية التحية لدول الخليج وجنوب الجزيرة العربية. وفي العدوان الثلاثي على الشقيقة مصر خرجت مظاهرات داعمة في الكويت، وبذلت الأموال وسقط أبناؤها على الجبهة المصرية في عام 1967، وفي عام 1973، وإذا كان هناك من يدعي أن هناك فضلاً لبعض المجتمعات العربية على الكويت من مدرسين ومهندسين وأطباء، فنقدم الشكر لكل شعب عربي، ولكن نقول: لم يحضر أي عربي أو أجنبي سابقاً ولا لاحقاً متطوعاً يبتغي وجه الله، ولمن يعرف التاريخ فإن أول بعثة تعليمية كانت من فلسطين المحتلة. وبالمناسبة فإنني أحمّل الحكومة الكويتية مسؤولية أرواح ومستقبل الطلبة الكويتيين والعاملين والزائرين والسياح الموجودين في مصر، وعليها أخذ الموضوع على محمل الجد، فهناك فئات تبث روح الكراهية ضد كل ما هو كويتي، وعليها في حالة تطورت الأمور وازداد الأمر سوءاً ـ لا قدر الله ـ اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية أرواحهم وأموالهم وإيجاد جامعات أخرى في الكويت أو خارج مصر في دول العالم التي أكثرها الله؛ فكفانا ابتزازاً من قبل بعض الفرق والتوجهات السياسية الفاشلة وبعض الوسائل الإعلامية الفاسدة والصحف الصفراء البغيضة، وليوفر الإخوة من كل الجنسيات على أنفسهم جهد الإضرابات أو المظاهرات أو المطالبات غير السلمية، ويتوقفوا عن توجيه السباب والإهانات، وليرحل من لا يجد في الكويت ملاذاً آمناً، وإلا فإن في الكويت مؤسسات قادرة بعون الله على تحجيم و"تقزيم" كل دعوة شاذة ووأدها في مهدها، وستبقى الكويت واحة أمن وأمان، وبلاداً للعرب والحافظ الله يا كويت.
مقالات - اضافات
فعلاً كرامة الكويت أولاً
07-11-2015