كانت جين فوندا رمزاً للجاذبية خلال السبعينيات وحصدت جائزة أوسكار كأفضل ممثلة ولا تزال {ملكة الرشاقة} حتى اليوم! في عمر السابعة والسبعين، تتابع جين فوندا تجديد حياتها، فهي نجمة مسلسل تلفزيوني وأيقونة في عالم الموضة. ما هي أبرز المراحل التي مرت بها هذه المرأة التي تعشق الحياة؟

Ad

ظهرت جين فوندا بكامل أناقتها وبدت متصالحة مع عمرها: {من الممتع أن أُعتبَر أيقونة الموضة في عمري}. هي اعترفت بأنها مصابة بالفصال العظمي مع أن شيئاً لا يدلّ على ذلك. لقد استفادت على الأرجح من الوقت الذي أمضته في ممارسة الرقص الكلاسيكي وتمارين الأيروبيك: هي تتنقل بكل رشاقة ومن دون مشكلة ظاهرية. لا مفر من ملاحظة جسمها النحيف، وهو أمر مدهش بالنسبة إلى امرأة تقترب من الثمانين.

في فبراير 2015، حضرت جين فوندا حفل توزيع جوائز {الغرامي} وكانت ترتدي ثوباً أخضر جذب أنظار الجميع وقد بدا جسمها شبيهاً بأجسام عارضات الأزياء! حتى إن ريهانا صرخت حين رأتها: {حين أكبر، أريد أن أكون مثلك!}.

تضحك الممثلة حين تتذكر ما حصل: {أليس الأمر غريباً في عمري؟ بصراحة، لطالما كانت علاقتي بالموضة إجبارية. حين بدأتُ أمثل في هوليوود، كنت أعمل كعارضة أزياء كي أتمكن من دفع تكاليف دروس المسرح، لكني لم أكن أتمتع بالمؤهلات اللازمة لخوض هذا المجال. كنت أكره أن يركز الناس على شكلي ولم أكن أهتم كثيراً بالملابس}. كانت وسائل الإعلام تسلّط الضوء على زيجاتها من ثلاثة رجال مختلفين جداً (مخرج ومناضل وملياردير) وعلى الأدوار القوية التي لعبتها، ولطالما تميزت جين فوندا في أسلوبها. قبل فيلم Klute، كان شعرها قصيراً ومتدرجاً وقد أصبحت هذه التسريحة علامة تجارية لها خلال السبعينات وقلّدها الكثيرون طوال عقود: {أفترض أنني كنت أجيد دوماً تحديد ما يناسبني. كان يكفي أن ألقي نظرة على مجموعة الملابس كي أختار ما يليق بي. تناسبني الملابس التي تُبرِز خصري وردفيّ. لكن ما عدتُ أكشف عن ذراعيّ لأنني بلغتُ عمراً معيناً الآن ويجب أن أتصرف على هذا الأساس. في عمر الشباب، كل شيء مسموح. لطالما ظننتُ أن تجنب العقد في الحياة ضروري. لكني أفكر بطريقة مختلفة الآن. أنا اليوم أهتم بصورتي وأدرك أنها مهمة}.

لطالما تأثرت هوية جين فوندا، بدءاً من لون الشعر وصولاً إلى المواقف السياسية، بالرجال في حياتها. في بداية الستينات من عمرها، قررت تنفيذ فيلم وثائقي عن سيرتها الذاتية. كانت فوندا تتغير وتكشف عن هوية مختلفة مع كل رجل جديد في حياتها. يمكن اعتبار هذه الممثلة مناضلة قوية لأنها تستغل كل حدث تواجهه لإطلاق بداية جديدة. في الوقت الراهن، هي نجمة تلفزيونية وهي تقوم بالأعمال الخيرية وتتمسك بالتزاماتها بكامل قوتها. هي اعترفت بكل عفوية: {بدأتُ أولي اهتماماً لرأي الرجال مع والدي. كنت أرى نفسي فيه وأردتُ أن أكسب رضاه}.

كان عمرها 12 سنة حين انتحرت والدتها. في تلك المرحلة، انغلقت جين الصغيرة على نفسها: {تغيرتُ بالطريقة التي ترضي الأشخاص الذين أردتُ كسب حبهم وجذب انتباههم. كنت أجبر نفسي على التحول إلى شخص مثالي}.

أرادت جين فوندا أن تصبح ممثلة رغم رفض والدها. فخاضت أول تجربة لها مع وارن بيتي في عام 1959 تحضيراً لفيلم Parrish. بالنسبة إلى وارن بيتي، كانت تلك تجربته الأولى أيضاً وهو يتذكر أنهم طلبوا منهما الصعود على المسرح وكأنهما أسدان تم إطلاقهما من قفص كي يخوضا مواجهة شرسة. لا تتذكر جين فوندا هذه المرحلة بتفاصيلها، لكنها تعترف بأنها كانت منجذبة إلى روبرت ريدفورد، شريكها في فيلم Barefoot in the Park في عام 1967: {كنت مغرمة جداً ببوب. لم يحصل شيء بيننا يوماً لكنه يجيد التقبيل في الأفلام!}. كان هذا الفيلم كفيلاً بإطلاق مسيرتها التمثيلية وترسيخها كرمز للموضة. في هذه المرحلة، كانت قد وقعت تحت سحر المخرج روجر فاديم الذي أصبح زوجها. كان هذا المخرج معروفاً بمغامراته مع النساء، منهم بريجيت باردو وكاثرين دونوف. سرعان ما أطالت فوندا شعرها وصبغته باللون الأشقر واستقرت في فرنسا. خلال هذه الفترة، بدأت التقلبات في حياتها بعد زواجها من فاديم في عام 1965. هو لم يكن مخلصاً لها وكان يكرر دوماً أن الغيرة شعور {برجوازي}.

ناشطة بارزة

كان زوجها المخرج هو الذي وجّه مسيرتها التمثيلية وهو الذي نصحها بالمشاركة في فيلم Barbarella حيث كانت الشخصية الرئيسة مقتبسة من قصة مصوّرة فرنسية. إنها الصورة المبتكرة والسابقة لعصرها التي اشتهرت بها خلال الستينات: {لم أقم بأي دور مماثل قبل هذا الفيلم ولا بعده. كان هذا الفيلم مرعباً ومضحكاً وشرساً. خلال تصويره، اكتشفت الممثلة التي كانت تبلغ حينها 30 عاماً أنها حامل بطفلتها الأولى فانيسا. عند صدور الفيلم في عام 1968، ظهرت جين فوندا على غلاف مجلة Life وبدت المرأة الأكثر جاذبية في العالم. لقد حوّلها دورها في فيلم Barbarella، سواء أحبّته أو لم تفعل، إلى رمز للجاذبية.

لكنها عكست هذه الصورة بالكامل في فيلمها اللاحق، They Shoot Horses, Don’t They? 1969، للمخرج سيدني بولاك. يعرض الفيلم {ماراثون رقص} يمتد على أسابيع عدة. شعرت فوندا بأن زواجها يوشك عل الانهيار لذا كانت تحتاج إلى التغيير، فانتقلت إلى لوس أنجلوس: {لم يشأ أي منا أن يعترف بأن الزواج انتهى. فطلبتُ من مصفف الشعر أن يعيدني إلى الشخص الذي أعرفه}. هكذا أصبح شعرها قصيراً وبنياً داكناً وقد غيّر حالتها النفسية وفتح لها مجالات جديدة. فقبلت دور العاهرة {بري دانيال} في فيلم Klute وحصدت جائزة أوسكار عن فئة أفضل ممثلة وقد استلمت الجائزة ببذلة نسائية أنيقة: {لم أصدق أنني ربحتُ جائزة الأوسكار وأبي لم يفعل. كان الوضع غريباً. في تلك الأمسية، لم أذهب إلى أي احتفال بل عدتُ إلى المنزل}.

بعد انفصالها عن روجر فاديم، أقسمت جين فوندا أنها لن تعيش بعد الآن مع أي رجل. لكن في عام 1971، قابلت توم هايدن، وهو مناضل سياسي يتقاسم معها الاهتمامات نفسها، فوقعت في حبّه سريعاً. بين ليلة وضحاها، دفنت  فوندا الشخصية التي عُرفت بها خلال الفترة التي أمضتها مع روجر فاديم وتخلصت من كل ما يذكرها بتلك المرحلة. كان الثنائي الجديد يتردد باستمرار إلى شمال فيتنام ثم استقر في زاوية بعيدة من سانتا مونيكا. في عام 1973، وُلد ابنهما تروي الذي حمل شهرة والدة هايدن كي لا يبدو اسمه ثقيلاً.

في عام 1978، اقترحت عليها حماتها شيرلي التسجل في حصة أيروبيك. سرعان ما أدمنت على هذه التمارين ثم أسست مع أستاذها ريتشارد سيمونز مؤسسة مشتركة وأصدرت فيديو فيه التمارين الأصلية التي تمارسها في عام 1982. بيعت 17 مليون نسخة من هذا الفيديو وأطلقت فوندا بذلك نزعة رائجة على نطاق واسع.

رغم انتخاب توم هايدن في جمعية كاليفورنيا التشريعية بفضل حملة موّلتها مؤسسة زوجته، بدأ زواجهما يتفكك لأنه وجد صعوبة في التعامل مع صورتها الجديدة، فقد تحولت من مناضلة سلمية إلى {ملكة الرشاقة}! توضح فوندا: {اعتبر توم أنني أروّج لأفكار سطحية. يظن الناس أن نجوم السينما أغنياء. لكني لم أكن أملك المال قبل أن تحقق مؤسسة الأيروبيك النجاح وقد أردتُ دعم القضايا التي أؤمن بها. لشراء منزل، اقترضتُ من والدي المال وتمكنتُ من تسديد الدين خلال سنة بفضل مؤسستي. كان يهمني أن أصبح مستقلة مادياً}. لم يكن هذا النوع من الجمال يستهوي توم هايدن وسرعان ما طلّق الزوجان: {حين تطلقنا أنا وتوم أردتُ قتله. لكن قالت لي امرأة حكيمة إننا سنصبح صديقين مجدداً خلال سنتين. كانت محقة. في ما يخص فاديم، كنت إلى جانبه على فراش موته.

بغض النظر عن الغضب الذي أشعر به تجاه الرجال المقربين مني، أحاول دوماً أن أبقى صديقة لهم}. عند الإعلان رسمياً عن طلاقها من هايدن، استدعاها تيد تيرنر، رجل الأعمال الأميركي النافذ الذي يملك وسائل إعلام عدة، بطريقة مفاجئة وغير متوقعة: {في اليوم نفسه، كنت مصابة بانهيار عصبي وقلت له أن يتصل بي بعد ستة أشهر!}. فاتصل بها بعد ستة أشهر بالتمام! لا تزال فوندا تتذكر الثوب المثير الذي ارتدته في ذلك اللقاء لكنها شعرت بالتوتر لأنها لم تقم بمقابلات منذ سنوات. وقع تيد تيرنر تحت سحرها: {لم يسبق أن نظر إلي أحد بهذه الطريقة. كان يلتهمني بنظراته. لم أشاهد رد فعل مماثلاً تجاهي منذ فترة طويلة. أصبحتُ امرأة مختلفة جداً مع تيد مقارنةً بما كنت عليه مع هايدن وفاديم. شعرتُ بالراحة معه وكأنني تحررتُ فعلاً!}.

ماذا عن وضعها اليوم؟

قررت فوندا مجدداً العيش مع شريكها الجديد. ثم تخلت عن مهنتها كممثلة وعادت شقراء وغيرت أسلوب ملابسها في المناسبات العامة استعداداً لدورها الجديد في الحياة: زوجة تيرنر الشابة. في عام 1991، بعد سنتين على بدء علاقتهما، تزوجا. بعد مرور شهر، اكتشفت أن لزوجها عشيقة فتركته لكنها عادت إليه بعد أن وعدها بأن يبقى مخلصاً لها: {أنا وتيد عشنا لحظات رائعة معاً لكنه يحب التنقل من مكان إلى آخر على عكسي أنا}. سرعان ما تطلقا في عام 2001: {كان عمري حينها 63 عاماً وكانت حياتي توشك على البدء من جديد}.

بقيت على تواصل مع عدد كبير من أصدقائها في هوليوود ومدّت لها مديرة أعمالها السابقة بولا واينستاين يد المساعدة قبل الطلاق وعرضت عليها تقديم إحدى الجوائز في حفل الأوسكار وأصرت عليها كي تقبل العرض. حين صعدت على المسرح بتسريحتها الجديدة وثوبها المبهر، بدأ الحاضرون في القاعة يتهامسون: {كنت حزينة بسبب انفصالي عن تيد لكني أدركتُ في تلك اللحظة مدى أهمية الملابس لأنها تستطيع تغيير المزاج خلال ثانية. لذا أقنعتُ نفسي بأنني قادرة على البدء من جديد}.

انطلاقاً من تلك اللحظة، بدأت المرحلة الراهنة من حياة فوندا: {أدركتُ أن الوقت يمر وأردت جذب الانتباه مجدداً ورغبتُ في تقديم صورة عن النساء المتقدمات في السن عبر وسائل الإعلام. خضعتُ لجراحة تجميل ولست فخورة بذلك  لكني بنيتُ نفسي عبر نظرة الآخرين إلي. اقتنعتُ بضرورة أن أصبح نحيفة وجميلة كي أكسب حب الناس. هذا الوضع يسبب مشاكل كثيرة}. ربما تكون نقطة ضعفها الأساسية أهم نقطة قوة تتمتع بها: لم تتوقف جين فوندا يوماً عن تطوير نفسها!

لإعادة إطلاق مسيرتها التمثيلية، عادت إلى لوس أنجلوس حيث تعيش اليوم مع حبيبها، منتج الألبومات ريتشارد بيري. باتت تحب الطبخ مع أنها كانت تدعي دوماً أنها فاشلة فيه. لا تزال تقبل أدواراً في أفلام السينما، لكنّ التلفاز يجذبها أكثر: {منذ أن تقدمتُ في السن، أحب المشاركة في أعمال تلفزيونية لأن العمل فيها أكثر تساهلاً مع النساء الناضجات. في مسلسل Grace and Frankie، تؤدي جين فوندا وليلي توملين دور امرأتين يهجرهما زوجاهما. تتساءل الشخصية التي تجسدها، {ماذا الآن؟}، كما يفعل الجميع في لحظات مختلفة من حياتهم. الأهم متابعة المسار بحسب رأيها!

إنه أهم بُعد في حياتها على الأرجح: {ربما تعكس هذه النظرة قوة تحمّل، وهو مفهوم غامض جداً. في بداياتي، كنت أسارع إلى تجارب الأداء وأعرف معظم الفتيات الأخريات. كان بعضهن أجمل مني أو أكثر مهارة مني. لذا تساءلتُ عما جعلني أنجح بدلاً منهنّ. اليوم أظن أن الأمر يتعلق بقوة التحمّل هذه. أنا هكذا منذ ولادتي بكل بساطة. في أيامي الصعبة أقول لنفسي: {فوندا أنت قوية ولن تتوقفي عن التحسّن مطلقاً}. هذا هو شعاري وقد أنقذني في مناسبات كثيرة}!