من المفترض عدم المبالغة وتضخيم الأمور أكثر مما تحتمل عند الحديث عن التبعات السياسية والأمنية لما يُسمى إعلاميا «خلية العبدلي»، ولكن ذلك لا يعني، بأي حال من الأحوال، التبسيط المُخلّ الذي من الممكن أن يؤدي إلى تمييع القضية وخدمة أهداف المجموعة الإرهابية ومن يرعاها ويدعمها ويؤيدها، إذ إنه ليس بالأمر الهيّن، سياسيا وأمنيا، أن تُكتشف خلية إرهابية معظم أعضائها من المواطنين ومُدرّبة تدريبا عسكريا عاليا، علاوة على أن تحت أيديها ترسانة أسلحة ضخمة كماً ونوعاً، ولها ارتباطات سياسية وتنظيمية مع الخارج (إيران و»حزب الله»).

Ad

اكتشاف «خلية العبدلي» قضية تمسنا جميعا، أمنيا وسياسيا، لأنها تتعلق بأمننا الوطني ووجودنا، إذ إنها تعكس النوايا الإيرانية غير الطيبة تجاه الكويت ودول مجلس التعاون، والتي لا يمكن تغطيتها بالتصريحات السياسية الإنشائية المُرسلة التي تصدر أحيانا من بعض المسؤولين الإيرانيين وتفضحها الممارسات العملية في عموم المنطقة العربية، بالإضافة إلى تصريحات بعض كبار المسؤولين الإيرانيين التي كانت تتحدث عن حدود ما تُسميه «الإمبراطورية الفارسية» مدعيةً أن عاصمتها بغداد!

إن التدخلات المباشرة لإيران في دول عربية عديدة وبالذات في العراق وسورية واليمن، والتصريحات الاستفزازية لبعض كبار مسؤوليها تجاه دول المنطقة توضحان أن الحديث الدبلوماسي الذي يردده بعض مسؤوليها بين الحين والآخر حول التعايش السلمي وحسن الجوار هو مجرد عملية توزيع أدوار مُغلّفة بالتُقية السياسية. لقد كشف افتضاح أمر «الخلية» عن وجود خلايا نائمة لإيران في الداخل، وهو ما يعني أن نواياها تجاهنا غير طيبة، والمؤسف أن معظم أعضاء هذه الخلية الإرهابية المُسلّحة، التي يبدو أنها كانت تنتظر أوامر من الخارج، هم من المواطنين، وهو أمر في منتهى السوء ينبغي الوقوف الجدي أمامه ومعالجته جذريا لأنه يعني، من ضمن أمور كثيرة، وجود ارتباط تنظيمي-سياسي بين إيران وذراعها السياسي-العسكري «حزب الله» من جهة، وبعض الأطراف العاملة في المجال السياسي-الديني في الداخل من الجهة الأخرى.

من هذا المنطلق، فإنه ينبغي على الجميع لا سيما الحكومة وضع الأمور في نصابها السياسي الصحيح، وتسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية بعيدا عن الاصطفافات الطائفية البغيضة التي تدفع في اتجاهين متناقضين: إما تضخيم طائفي مبالغ فيه من هذا الطرف، أو تبسيط طائفي مُخلّ من الطرف المقابل. وبعيداً أيضا عن الارتباطات العقائدية-التنظيمية، أو المصالح السياسية والتجارية، (لا ننسى أن إيران بعد «الاتفاق النووي» ستصبح سوقا واسعة يسيل لها لعاب أصحاب رؤوس الأموال والشركات التجارية)، والتي تدفع في اتجاه تمييع القضية من الناحية السياسية، واعتبارها مجرد جريمة جنائية بسيطة لا تتعدى «حيازة أسلحة غير مرخصة»!