تبدأ البنوك تباعا في رفع ميزانياتها وبياناتها المالية إلى البنك المركزي، لطلب الموافقة عليها، وبحسب المصادر فإن النتائج جيدة والأرباح إيجابية، لكن في ظل الظروف المتسارعة ستبقى الكلمة الفصل للجهات الرقابية بشأن الأرباح والتوزيعات.

Ad

كشفت مصادر مصرفية مطلعة لـ"الجريدة" أن القطاع المصرفي يدخل من جديد نفقا صعبا، إذ يخشى شبح المخصصات المستمر منذ 8 سنوات.

وقالت المصادر إن شبح المخصصات يطل هذه المرة من باب تعثر أداء سوق الكويت للأوراق المالية، الذي طوى واحدة من أسوأ سنوات الأزمة أداء، حيث خسرت القيمة السوقية 3.6 مليارات دينار، أي ما يعادل 12 مليار دولار.

وأضافت أنه بعد سنوات مريرة على العديد من المصارف نتيجة معالجات جذرية قامت بها تجاه إعادة هيكلة محفظة الائتمان ومعالجات انكشافات واسعة على الشركات المتعثرة، وما إن هضمت هذه المرحلة والسنون العجاف، جاء دور سوق الأوراق المالية الذي يحتوي على نسبة من الضمانات التي لا يستهان بها في "بطن" القطاع المصرفي.

وزادت ان مؤشر كويت 15، الذي يحوى قائمة ممتازة من الشركات الجيدة اداء وسيولة وأصولا، سجل اداء سلبيا بلغت خسارته 15 في المئة ما يعني ان نصيبه من إجمالي خسارة السوق كله تقدر بقيمة 540 مليون دينار، ما يمكن وصف هذا النزيف بأنه من رصيد الضمانات لدى القطاع.

وتابعت انه من المعروف ان الضمانات تتوزع بين عقار وأسهم محلي، وفي ظل التعليمات الجديدة ضمن "بازل 3" فإن العقار لم يعد ضمانا مفضلا ومرغوبا فيه، رغم استمرارية الاعتداد به حتى الآن في ظل الوضع السيئ لأسواق المال.

وشددت على ان البنك المركزي المعروف بتحفظه الشديد وتحوطه لا يمكنه تجاهل خسائر الأسهم في العام الماضي او التحوط للوضع السيئ المستمر حاليا من بداية العام، فماذا يعني ذلك مصرفيا:

1 - استمرار باب المخصصات مفتوحا على مصراعيه بنسب متفاوتة بين كل بنك حسب نسب انكشاف الضمانات.

2 - تباطؤ شديد الائتمان المؤسسي وخصوصا تمويل الشركات ما يعني شحا اضافيا ومستمرا في منسوب السيولة.

3 - استمرار التحفظ الذي بدأ منذ اندلاع الأزمة المالية ما يعني ايضا تباطؤا اكبر في عمليات الشركات ونشاطاتها وترقبا.

4 - ما سبق من تحديات سيؤثر على نسب التوزيعات حتما، خصوصا انها كانت تأخذ طريقا متناميا في السنوات الأخيرة، بعد ان خرجت العديد من البنوك من عنق الزجاجة ومسحت انشكافاتها على الشركات المتعثرة من الميزانيات تمام.

5 - ضغوط إضافية تنتقل بالتبعية الى العملاء للمطالبة بعمليات سداد أو تغطية ضمانات منكشفة بسبب سوء الأوضاع ليس إلا.

6 - تبقى الإشارة إلى أن 113 شركة مدرجة انحدرت أسعارها السوقية بين 20 و40 في المئة معظمها جزء من الضمانات.

أزمة إضافية

وكأن القطاع المصرفي تنقصه ضغوط فاستمر تهاوي أسعار النفط لتعود بمستوياتها الى الوراء 14 عاما عند مستويات عام 2002، حيث دخل منعطفا خطيرا بوصوله الى مستوى 24 دولارا مع توقعات متشائمة بأن يصل الى 20 دولارا.

وأشارت المصادر إلى أن لذلك التدني السعري للنفط تبعات سلبية عامة وخاصة بالنسبة للقطاع المصرفي. ويترتب عليها ما يلي:

1 - إمكان تأثر الإيداعات الحكومية نتيجة اللجوء الى السحب من أموال وبعض الاحتياطيات العامة المتاحة.

2 - ترتب أكلاف إضافية على القطاع نتيجة جذب ودائع، حيث تراجعت مؤخرا بين سبتمبر واكتوبر بنحو 776 مليون دينار بالنسبة لإجمالي ايداعات القطاع الخاص، رغم أن مصادر مصرفية ترى ان نمو أسعار الودائع سيبقى متباطئا، ولن تكون هناك أي حروب أسعار في الأفق المنظور، خصوصا أن الفرص الاستثمارية شبه منعدمة، وان انحدار الأسواق المالية محليا واقليميا وعالميا لا تبدو مشجعة.

3 - إجباريا قد تتباطأ عمليات الصرف والإنفاق الاستثماري على المشاريع رغم تأكيدات حكومية مرارا وتكرارا بأن هذا الباب لن يتأثر إلا أنه تحت ضغط فجوة العجز في الميزانية أو طول فترة التعافي سيكون له انعكاس سلبي عام على مجمل الأوضاع اكثر مما هي عليه.

4 - تأجيل مشاريع حكومية كبرى كانت تشكل متنفسا للعديد من البنوك في تمويلها وتمويل الشركات المنفذة لها ما يطرح تحديا اضافيا.

5 - ثمة شركات عديدة وشريحة كبيرة من القطاع الخاص تمثل لها هكذا مناقصات وأعمال حكومية منفذا رئيسيا وشريان حياة، وهذه الشركات لديها مديونيات وقنوات تمويل، ما قد يدفعها هذا السيناريو الى تأجيل سداد أو التعثر في بعض التزاماتها.

انحدار إضافي

وتتوقه المصادر مزيدا من الانحدار للأصول، خصوصا انه مع صعوبة الحصول على تمويل مصرفي ستضطر العديد من الشركات الى اللجوء الى تسييل ما تبقى لديها من أصول مدرة أو تشغيلية لتلبية بعض متطلباتها الضرورية والأساسية.

ربما لا يتوقف الأمر عند تسييل الأصول لسداد الالتزامات، بل ستجد بعض الشركات نفسها في موقف لا تحسد عليه، لاسيما التي لديها مشاريع تحت التنفيذ أو قيد الإنشاء أو حصلت على تراخيصها اللازمة وتستعد لتنفيذها، فربما تصل الى مستوى لا تجد ما ترهنه لدى المصارف للحصول على التمويل اللازم.

وزادت المصادر ان الوضع صعب، ومؤشرات المخاطر في ازدياد، لكن في النهاية ستضطر المصارف إلى تحمل بعض المخاطر، مع انتقائية شديدة للعملاء أصحاب التدفقات النقدية حتى ولو كان السوق يقيم أسعار الأصول بأقل من قيمها العادلة.

بعض المجاميع الكبرى التي تتمتع بسيولة عالية تقوم بعمليات هيكلة داخلية بإتاحة سيولة للتابع والزميل عبر شراء الأصول الجيدة، بدلا من التفريط فيها بأقل الأسعار، ما يشكل أحد الحلول في ظل الأزمة المستمرة فصولا.

أسعار مصرفية معروضة

وذكر مصرفي أن مستويات العوائد المعروضة حاليا هي انعكاس للوضع، حيث يصعب تحسين العوائد، في حين لا فرص عالية الجدوى مصرفيا، مشيرا الى ان المستويات الحالية تتراوح بين الآتي بالنسبة للأدوات والأوعية المصرفية:

- العائد سنويا عن فترة 6 أشهر يبلغ 0.875%

- فترة العام يبلغ العائد السنوي ايضا 1.125%

- ويقدر عائد العامين سنويا نحو 1.750%

- وجاء عائد الثلاثة أعوام سنويا نحو 2.250%

وتحت الضغوط الحالية لخارطة الاستثمار تجد هذه المستويات اقبالا، نظرا لتوفيرها تدفقات نقدية على فترات، منها ما هو شهري وربع سنوي ونصف سنوي وسنوي.