مستشفى جابر... شواهد القبور!
منذ أيام بشرتنا وزارة الأشغال العامة أن مستشفى جابر الأحمد (جنوب السرة) سيُنجَز، ويسلَّم إلى وزارة الصحة العامة في نهاية العام الجاري، ليُجهَّز ويُؤهَّل للعمل ربما في بداية عام 2017، أي بعد أكثر من 15 عاماً من طرح وزير الصحة الأسبق د. محمد الجارالله لفكرة المشروع في عام 2001، وهو كسائر مشاريع الكويت التي تشيب قبل أن تولد، في حين تشيب مشاريع أخرى وتعجز وتموت في رحم أجهزة الدولة ولا تولد أبداً كمترو الكويت ومطار الكويت وتطوير فيلكا والجزر ومدينة الحرير... إلخ إلخ. الكويتيون تعودوا على ذلك ويئسوا وهم يتابعون المشاريع الكبرى تُنجَز من حولهم في دول المنطقة، في حين تظل مشاريعهم كالسراب، وعندما تقول لهم إن المشروع الفلاني متأخر يرد الكويتيون "الله يسهل"، وإذا تسربت معلومات عن أن مشروعاً كويتياً تكلفته ثلاثة أضعاف نظيره في دولة مجاورة يرددون "الله يعوض"، ويتمتمون بـ"الله يخلف علينا" عندما يلغى مشروع خدماتي كبير بعد سنوات من الدراسات والمخططات التي تكلف الخزينة العامة ملايين الدنانير.
ولكن المصيبة أنه إذا تم إنجاز مشروع ما بعد سنوات من المعاناة أن تكون حصيلته منظراً قبيحاً أو سوءاً في جماليات التصميم فيخربون على الكويتيين فرحتهم، وهذا ما نشاهده في "متاهات" مستشفى مبارك الكبير، وإطلالة غرف المستشفى الأميري وخلافه، وعلى نفس المنوال فإن التكسية الخارجية للمبنى الرئيسي لمستشفى جابر الأحمد الجديد عبارة عن مربعات أسمنتية بلون رمادي يشبه شواهد القبور، بشكل قبيح يزعج العين ويكبت الصدر ويغم النفس.فمنذ أشهر وأنا وبعض الأصدقاء نشاهد مبنى المستشفى ونعتقد أن هناك تشطيبات نهائية من صبغ أو تكسية أخرى له، ولكن بعد أن رُكبت النوافذ الزجاجية ورُفعت السقالات" من المبنى اكتشفنا أن هذا هو الشكل النهائي لمبنى مستشفى جابر، وهو عبارة عن تلك المربعات أو المستطيلات الرمادية المطابقة لمنظر شواهد القبور في مقابر الصليبيخات وصبحان والجهراء، لذا فإن ما على المريض الذي سيراجع المستشفى في المستقبل وقبل دخوله إليه سوى أن يختار المربع الذي سيضع فيه اسمه من شواهد المبنى الأسمنتية الرمادية!هذه المصائب الفنية والتصميمية والتنفيذية تصيب كل كويتي بالحسرة، فمشروع ضخم مثل مستشفى جابر كلف الدولة أكثر من مليار دولار أميركي وصممه مكتب عالمي بمبلغ وقدره، ألا توجد جهة محلية في وزارة الأشغال العامة بعيون تملك الذوق والجماليات لتقول للمصمم إن هذه التكسية الخارجية غير ملائمة، أليس من المفروض أن يكون في وزارة الأشغال متخصصون في الذوق وفنون جماليات المدن بدلاً من أن يوضَع مبنى ضخم على شكل شاهد قبر كبير في وسط خمس ضواحٍ سكنية كبرى؟!