طالب هندسة أفغاني يروي قصة تحرير "طالبان" له من أسر "داعش"

نشر في 22-11-2015 | 13:13
آخر تحديث 22-11-2015 | 13:13
No Image Caption
لا يزال الطالب محمد يوسف يحمل على وجهه صور العذاب والخوف التي عاشها طيلة تسعة أشهر أسيراً لدى تنظيم داعش الذي أرغمه على دفن رأس رهينة آخر.

وبعد نحو عشرة أيام من الافراج عنه ليس بأيدي جنود أفغان أو من حلف شمال الأطلسي وإنما بأيدي مقاتلي طالبان، لا تزال عيناه حمراوين وغائرتين ولا يزال غير قادر على النظر في عيني محدثه.

"سألتهم مرة عن الخطأ الذي ارتكتبه لأستحق ذلك، قلت لهم أنا سني، فقالوا لي إنني قبلت بهذه الحكومة وأني استحق قطع رأسي"، قال طالب الهندسة البالغ من العمر 23 سنة لوكالة فرانس برس في منزل أقرباء له في كابول في حين كان عمه يبكي بصمت وهو يصغي إليه.

وروى يوسف وهو من الطاجيك كيف حمل بيديه العاريتين رأس رهينة آخر هو موظف حكومي يدعى عبدالفتاح قطع التنظيم رأسه مع اثنين آخرين أمامه، "قالوا له: أنت عدو الله"، وأضاف يوسف "قمت بنفسي بدفن رأسه إكراماً له".

تلقي قصة يوسف الضوء على الفظاعات التي يرتكبها التنظيم المتطرف الذي حقق تقدماً في أفغانستان بعد أن انضم إليه عدد من قياديي طالبان ومن المقاتلين الأجانب في حين شكلت اعتداءات باريس في 13 نوفمبر دليلاً على توسيع نطاق عملياته وعلى المجازر العشوائية التي يرتكبها والتي قال يوسف أنها أعمال قتل لا علاقة لها بالدين أو العرق أو القومية.

اختطف يوسف في ولاية غزني الجنوبية في فبراير عندما قام مسلحون بتوقيف حافلة كان يستقلها من مدينة هرات في الغرب حيث يعيش باتجاه كابول.

وكان الخاطفون من أوزبكستان التي يأتي منها عدد كبير من المقاتلين في صفوف التنظيمات المتطرفة.

وروى أنهم قالوا للرهائن أنهم سيبادلونهم مع رفاق لهم تعتقلهم الحكومة.

اقتيد يوسف مع نحو ثلاثين آخرين بالسيارة في رحلة استغرقت ست إلى سبع ساعات إلى معسكر معزول في منطقة بعيدة، وهو يشعر بالخوف من أن يُقتل في أي لحظة.

وفي المعسكر بدأت عملية تعذيب الرهائن، "كانوا يركلوننا أو يلكموننا ويضربوننا بالسياط والعصي، كانوا يطلبون منّا رفع أيدينا وابقاءها مرفوعة لخمس أو ست ساعات"، وكانوا يقيدون الرهائن ويعصبون عيونهم ويحرمونهم من الأكل.

وتابع "كانوا يعطوننا القليل جداً من الأكل والماء، فنجان من الشاي في الصباح وقطعة خبز، وطبقين من الأرز في المساء لخمسة عشر شخصاً".

وأضاف "كانوا يقولون لنا أنه إن لم تقم الحكومة بمبادلتنا فسنقطع رؤوسكم، ليس مهماً إن كنتم من السنة أو الشيعة، نريد تحقيق هدفنا".

سمع يوسف بما حدث قبل تسعة أيام في باريس وكيف فتح مسلحون النار في مسرح وعلى رواد المقاهي وقتلوا 130 شخصاً وأثاروا الذعر في أوروبا.

لكنه لم يستغرب هول ما حدث وحدة العنف فهو يصف عناصر تنظيم الدولة الإسلامية بأنهم "ليسوا سوى أعداء للبشرية".

ورغم إعلان الحكومة عن قيامها بالعملية التي أفضت إلى انقاذ ثمانية رهائن بينهم يوسف في 10 نوفبر، يقول يوسف أن مقاتلي طالبان هم من أفرجوا عنه.

"دارت معارك على مدى ثلاثة أيام وثلاث ليال" بين طالبان والمقاتلين الأوزبكيين الذين يعلنون ولاءهم لتنظيم الدولة الإسلامية و"عندما جاء طالبان وقالوا لنا أنتم أحرار، لم نصدق ذلك،" قال الشاب.

وأضاف إن مقاتلي طالبان أخذوا الرهائن إلى منزل وفكوا قيودهم، قال الرهائن إنهم يشعرون بالجوع "فأحضروا لنا طعاماً ولبناً ويخنة وارزاً، الكثير من الطعام".

بعدها سلّم مقاتلو طالبان الرهائن إلى أعيان محليين.

وصف مراقبون ما قام به الطالبان بأنه نوع من "العلاقات العامة" أو الدعاية التي تقوم بها الحركة بهدف تحسين صورتها والتخلص من وصفها بالتشدد والقسوة.

وقال مايكل كوغلمان المحلل في مؤسسة وودرو ولسون البحثية أن طالبان تسعى بذلك إلى تقديم نفسها بوصفها بديلاً "ليس سيئاً" عن حكومة كابول.

أما يوسف فقال "نعم، أنا ممتن لطالبان، لقد أحسنوا معاملتي".

ولكن بعد أكثر من عشرة أيام من الافراج عنه لا يشعر يوسف بأنه "في حالة جيدة".

وروى كيف تسمَّر أمام باب الحمام لنصف ساعة لاعتقاده أنه مغلق وأن أحداً يختبىء خلفه، عندما نُقِلَ إلى المستشفى بعد الافراج عنه.

وأضاف "عندما عدت إلى وعيي أدركت أن الباب كان مفتوحاً، لست بكامل قدرتي الذهنية الآن".

لا يعرف يوسف ماذا ينتظره ولكنه لا يزال بطريقة ما يحلم بالمستقبل، بأن يصبح مهندساً، بأن يواصل دراسته، ربما في الربيع.

ولكنه لا يريد أن يبقى في هرات، فهو لا يحتمل الطيران ومن غير المحتمل أن يسلك طريق البر، وقال "أنا خائف جداً".

back to top