كسب حرب سيناء لن يكون إلا بأهلها
اليوم حديثنا عن سيناء ليس حديث مناسبات، لكنه يكتسب أهمية مختلفة خاصة مع الحرب الدائرة عليها ضد الإرهاب، والتي تخوضها قوات الشرطة والجيش المصرية، وهي الحرب التي لن تحسم إلا بكسب أهل سيناء جميعاً في صف الدولة، لم يعد فقط حديثاً عن مشاكل تبحث عن حلول، ولكن أضيفت أسئلة ومخاوف جديدة عن مستقبل سيناء، بدأت الهواجس والمخاوف تسكن فينا، وبات الخوف يسكن فينا على مستقبل سيناء، كل سيناء أو جزء منها.الأكيد أن سبب هذا الوضع الذي تعيشه هذه القطعة من مصر يتحمل جزءاً لا بأس به منه الأنظمة السابقة التي توقف اهتمامها بسيناء منذ عودتها عند حدود الوعود والزيارات والمشروعات "الورقية" والأغاني، والذي نتمنى أن يكون قد تغير هذه المرة.
اهتمامي بسيناء متعدد المستويات: شخصي، وعملي، واهتمام بشأن عام.لقد توقعت دائماً من خلال متابعتي للوضع في سيناء على مدار سنوات عديدة أنه سيتحول في مرحلة ما إلى أزمة حقيقية يصعب التعامل معها، وهذا ما حدث ويحدث الآن، سيناء هي أحد المفاصل التي يمكن من خلالها التأثير سلباً في استقرار هذا الوطن إذا ما أسأنا التعامل معها، وأحسن الآخرون استغلال الفرصة، فلم يعد خافياً على أحد أن استقرار هذا الوطن مستهدف من أطراف عدّة، ولن ينجح هذا الاستهداف ما لم يجد تربة خصبة ومهيأة للنجاح، وللأسف نحن نعيش هذه الحالة لضرب استقرار الوطن نتيجة الأوضاع التي تمر بها المنطقة وذلك التغول والانتشار لجماعات الإرهاب باسم الدين الذي بدأ الجميع إدراك خطورته.إفشال هذا الاستهداف لا يتأتى إلا بالتقييم الصحيح والحقيقي للأمور في البداية ومعالجتها بجدية وأسلوب علمي بعد ذلك. وأعود للحديث عن سيناء، ولعله من المناسب استعراض الوضع الحالي فيها، والصورة التي سأستعرضها هي نتيجة حوارات مع متخصصين ومهتمين بالوضع هناك، وحوارات مع مصريين من أبناء سيناء.نظراً لوقوع سيناء على الحدود الشرقية مع إسرائيل وغزة فهي دائماً في حالة توتر، ولأن أبناءها يشعرون أنها عانت طويلاً حروباً متلاحقة لكنها لم تأخذ كما أعطت من دم أبنائها، فهي في حاجة إلى رعاية خاصة، وعلى الرغم من التحول الإيجابي النسبي الذي كان قد بدأ يبدو في تعامل النظام الأسبق قبيل سقوطه عام 2011 مع ملف التنمية في سيناء فإن الوقت كان متأخراً جداً، وظل أهلها يشعرون بغياب اهتمام الدولة بهم رغم ما يقال عن مشروعات التنمية في المناسبات الوطنية التي ظلت مجرد كلام في المناسبات لكنها غير موجودة على أرض الواقع.ومن الواضح أن نفس الحالة استمرت بعد ذلك وقت حكم الإخوان ولكن بتجويد إضافي يتمثل في إشارات إمكانية التنازل عن أجزاء من الأرض وإعطاء مزايا الاستفادة بخير سيناء إلى مستثمري دولة حليفة للجماعة بعينها في وقتها، ثم أتى نظام الثلاثين من يونيو لكن لم تعطه التحديات الأمنية الفرصة لتأكيد مدى جدية وعلمية التعامل مع الوضع في سيناء.كما يشكو العديد من أهل سيناء من النظرة المتدنية لهم في بعض وسائل الإعلام، ما بين اتهامات بالتخوين أحياناً، والنظر إليهم بعنصرية من ناحية أخرى على اعتبار أنهم بدو لا ينتمون إلى الوطن، أو النظر إليهم والتعامل معهم بشكل فولكلوري، أو تذكرهم فقط في المناسبات الوطنية .ما فات هو بعض النقاط المهمة في توصيف الواقع حتى لو كان توصيفاً صادماً، وفي هذا الإطار وفيما يتعلق بسيناء، فإنني أضع بعض النقاط التي في ظني أنها واجبة الحضور ونحن نتعامل مع هذا الملف المهم، من أهم هذه النقاط التأكيد الدائم في كل مستويات الحوار الإعلامي والثقافي والسياسي على ترسيخ مفهوم أن سيناء جزء من الأمن القومي المصري، وأن سيناء هدف دائم في رأس كل "الجيران"، والتأكيد على مصرية سيناء، وأنها جزء من مصر ولا يتم الحديث باعتبار أن سكان سيناء "بدو"، إنما باعتبارهم "المصريين في محافظتي سيناء المصريتين"، وجزءاً من نسيج الوطن، كما يجب التحذير من خطورة قضية تبادل الأراضي، كحل إقليمي، وكشف ألاعيب أي دولة أو تنظيم أو جماعة للعب دور في هذا الملف أو اكتساب مساحات على حساب مصر أو الأراضي المصرية، وأن انتصار الجيش المصري في سيناء في حربه ضد الإرهاب هو انتصار لكل المصريين، وفي مقدمتهم أهل سيناء.