«المركزي»: التدقيق على الوثائق مسؤولية البنك... وعليه تحمل المخاطر بعيداً عن راتب العميل

«إعادة تبويب للائتمان.... وغير مقبول أن تكون المصارف سبباً في زيادة النزعة الاستهلاكية»

نشر في 04-11-2015
آخر تحديث 04-11-2015 | 00:05
No Image Caption
جملة رسائل واضحة ساقها البنك المركزي إلى المصارف في اجتماع قيادي عقد مؤخرا في اطار استكمال نهج التعاون والتشاور البناء بين البنوك من جهة و»المركزي» من جهة أخرى، أهمهما ضرورة التدقيق على الوثائق والمستندات اللازمة لإتمام عملية الإقراض.

«الجريدة» تنشر ما أطلق عليه مصدر مصرفي رفيع انه خطة هادفة من البنك المركزي لترشيد الائتمان وإعادة توجيهه الوجهة السليمة من القنوات الاستهلاكية نحو الاقتصاد الحقيقي عبر اعادة صياغة المفاهيم وتصحيحها.

إجرائيا، أكدت المصارف أن الإجراءات المطلوبة سهلة التنفيذ وليست معقدة، وليس المطلوب منها التضييق او خنق التمويل بتاتا، إذ كان المحور الأساسي للاجتماع استكمال رسالة «المركزي» التوعوية للبنوك بشأن التعليمات الجديدة بالنسبة للقروض الاستهلاكية والمقسطة التي طالتها تعديلات او اجراءات واجبة التطبيق بدقة متناهية، ولم يعد التساهل بشأنها مسموحا بعد المكاسب التي تحققت على صعيد المراكز المالية للمصارف.

وفي هذا السياق، أكد «المركزي» على انه قاد عملية هيكلة واسعة منذ اندلاع الأزمة بجهود مضنية مشتركة اثمرت عن تفوق مصرفي لافت وعبور القطاع البنكي الكويتي عنق الزجاجة حتى باتت الأزمة وراء ظهره وبخطوات بعيدة.

وذكر أنه الآن يمكن القول إن «البنوك أصحبت متحوطة تماما ضد اي هزات قد تنجم عن التداعيات السياسية المحيطة، او اوضاع شركات الاستثمار وحتى مديونيات الأفراد التي خضعت للمعالجة الجذرية، من خلال عدة اجراءات، كما تم حسم مخصصات هائلة، وبناء عدة مصدات وأحزمة أمان ما بين محددة وعامة، وبالتالي بعد كل هذه المكاسب، فإن الاستمرارية في الحيطة والحذر مطلوبة».

رسالة «المركزي» الأوضح كانت تخص السياسات المتعلقة بعمليات قروض الأفراد بشقيها «الاستهلاكي والمقسط»، إذ تم التأكيد على انه ليس المطلوب التشدد او الانفتاح حد الانفلات، حيث يتركز اهتمام «المركزي» كجهة رقابية على ان يوجه التمويل الوجهة الصحيحة التي تم الاقتراض من اجلها.

 بالأرقام

وخلال الاجتماع، تمت الإشارة إلى ان الجهات الرقابية رأت ان نحو 10 مليارات تقريبا ديون استهلاكية ومقسطة تحت بند اعادة ترميم وبناء، في حين لم يعكس سوق البناء هذه السيولة التي خرجت في الأساس لأجله، ما يشير إلى ان هناك فجوة ما او استخداما خاطئا لهذه الكتل التمويلية.

ومن هذه النقطة الجوهرية جاءت تأكيدات «المركزي» على ان القروض والتمويلات التي يتم سحبها للترميم والبناء يجب ان يتم التدقيق والتأكيد على انها ستذهب اليه فعليا.

ونبه البنك إلى نقطة جوهرية ذات اثر فعال، وهي ان «دور البنك توعية العميل وتثقيفه بالمخاطر التي قد تترتب عليه بشكل واضح، ومن قاعدة رفع مستوى ومنسوب الوعي حتما سيكون هناك تجاوب كبير وبنسب جيدة تدريجيا من خلالها سنصل للمستوى المطلوب».  وشدد على ان «البنك الذي يقبل سندا رسميا مشكوكا في صحته او غير دقيق يعتبر شريكا للعميل في التزوير، لذا يجب على الجميع تحمل المسؤولية ولتكن النظرة بعيدة الأمد والأجل لمصلحة الوطن والاقتصاد».  وفي ما يخص الواقع الاقتصادي، فوفقا للأرقام، أخذت النزعة الاستهلاكية وتيرة نمو هائلة تستحق إعادة النظر وهي في ازدياد والنمو بشكل غير مسبوق، إذ إن نحو 65 في المئة من التسهيلات الفردية والمقسطة تذهب في الغالب إلى ابواب اخرى غير المنصوص عليها في العقود، من بينها سلع وكماليات استهلاكية فارهة في حقيقة الأمر غير ضرورية لدرجة الاستدانة من اجلها وهي في الأساس عرضة للمخاطر وغير مدرة، وتكبل العميل وتخلق له اثارا سلبية واجتماعية مستقبلية على المدى البعيد تلازمه سنوات طويلة، قد لا يقدر عواقبها وقت الرغبة الملحة لاقتناء هذه السلعة اوذاك، ومن هذا المنطلق تأتي المسؤولية المشتركة بين «المركزي» والبنوك للمساهمة في الحد من تفشي تلك الظاهرة بشكل اكبر.

 التدقيق

وفي ما يخص التدقيق على إلزام العميل استخدام التمويل في الوجهة التي اقترض من اجلها، اشارت مصادر الى ان هناك مفاصل يسهل التأكد منها بمرونة وسهولة، وهي تمثل نسبة كبيرة من التمويل، فعلى سبيل المثال، عندما يأتي عميل لا يتعدى عمره 23 عاما ويطلب قرض ترميم او بناء، لابد من سؤاله عن حيازته سند ملكية لبيت او قطعة أرض قائمة، إذ إنه من الطبيعي الاستفسار او الاطلاع على الأوراق الثبوتية التي تكون عبارة عن عقود رسمية ومصدقة وموثقة وهي اوراق يصعب تزويرها او اصطناعها كالفواتير العادية البسيطة.

ومن المفاصل أيضا التدقيق على كون العميل متزوجا أم لا، وعلى أي أساس يحصل على قرض ترميم او بناء وهو في هذا العمر المبكر.

تحمل المخاطر

وخلاصة الرسالة من الاجتماع الإرشادي الذي جمع «المركزي» بالبنوك ان البنك الذي يرغب في تمويل العميل ويعلم ان العميل سيوجه القرض لغرض آخر يتحمل هو المخاطرة ويقبل بضمان اخر غير الراتب الذي يتم الحجز عليه طوال فترة القرض.

ويهدف الجهد الذي يبذله البنك المركزي في الدرجة الأولى إلى الوصول بنجاح لعملية اعادة تبويب وتصنيف دقيق للتمويلات بحيث تكون موجهة ومحددة، تجنبا لأي هزات مستقبلية او حدوث ازمة على المدى البعيد بعدما عولجت تعثرات الأفراد بجهد كبير، من خلال ثلاثة صناديق حكومية «صندوق المتعثرين الأول والثاني وصندوق الأسرة»، ومن منطلق الواجب الرقابي والمسؤولية الاجتماعية التي يشترك فيها الجميع يتحتم الالتزام بهذا النهج الذي يحمل في طياته مصلحة عامة عليا اقتصادية واجتماعية.

مليارات بلا فائدة

وعلى صعيد نسب ومستويات الصرف المحلي، عكست بعض الأرقام مليارات سنويا تهدر في الخارج على شراء سلع استهلاكية وقنوات لا يستفيد منها الاقتصاد المحلي قيد أنملة.

وفي نهاية الاجتماع تم التشديد على ضرورة توضيح النقاط التالية للعميل: تحمل مسؤولية المضي في استخدام اوراق غير سليمة او مزورة لتمرير المعاملة، حيث انه مع الوقت سيتم اكتشاف اي ورق غير سليم في ضوء التدقيق الذي سيقوم به البنك، وأن قرار الائتمان مهم وجوهري ومصيري، وهو عبارة عن علاقة لا تقل عن 15 عاما، وهي فترة زمنية طويلة، وبالتالي يجب ان تكون علاقة سليمة في المقام الأول خصوصا أنها يترتب عليها مصير ومستقبل أسر، وأن اهتمام المصارف بالتوجيهات والتعليمات التي ينبه البنوك بشأنها تنعكس بالدرجة الأولى على جودة المحفظة الائتمانية.

وأكد «المركزي» على ضرورة ألا تكون المصارف سببا في زيادة النزعة الاستهلاكية، لأن الدولة لن تستمر في معالجة مثل هذه التعثرات الى الأبد، قائلا: «نريد نموا عقلانيا ومنطقيا، فالنمو الهائل بفجوات حتما سيحمل مخاطر، لذلك يجب ألا يكون النمو على حساب المخاطر او التدقيق، كما ان النمو المبوب والهادف للقنوات المحددة يحارب النزعة الاستهلاكية». وأوضح ان احد ابرز اسباب استمرارية المطالبات بالهبات، ونمو ميزانية الباب الرابع الموجهة للرواتب وتضخمها على حساب ميزانية تنموية او اقتصادية، هو زيادة الأعباء على العميل من خلال القروض التي تذهب في غير اغراضها وتتبخر فجأة من دون اي انعكاس يذكر على العميل، حيث ينفقها بعض العملاء في اقتناء سيارة فارهة وفجأة يتم فقدها لأي سبب ويستمر في سداد القرض لسنوات طويلة وهكذا.

وطلب «المركزي» البدء بشراكة حقيقية جديدة بسياسات وتطبيقات هادفة لإعادة صياغة نهج ساد وأثبت ان النزعة الاستهلاكية لا تبني اقتصادا، مشددا على ضرورة مكافحة النهم والنهج الاستهلاكي الذي يطل برأس مضرة اجتماعيا واقتصاديا تجعل بيئة العمل غير صحية.

5 رسائل جوهرية من «المركزي» للمصارف

1- قبول أوراق ومستندات غير سليمة يعني أن البنك شريك في التزوير.

2- النمو المنضبط والموجه الذي يحارب النزعة الاستهلاكية هو المطلوب.

3- الاقتصاد الحقيقي يجب أن يفيد لأنه من غير المعقول أن تذهب مليارات الدنانير للبناء والترميم ولا يستفيد منها هذا القطاع شيئاً.

4- المطالب المستمرة للهبات سببها الأعباء المالية نتيجة القروض والنهم الاستهلاكي.

5- البنوك عبرت تداعيات الأزمة المالية وقادرة على استيعاب أي تداعيات مستقبلية فيجب عدم تبديد تلك المكاسب.

back to top