القاهرة وواشنطن تفتحان صفحة جديدة بالحوار الاستراتيجي
توافُق على محاربة الإرهاب وحل سياسي لأزمة سورية والتعاون في ليبيا واليمن
عكست مناقشات أجراها وزير الخارجية المصري سامح شكري مع نظيره الأميركي جون كيري، في القاهرة أمس، مدى إصرار الدولتين على تجاوز مرحلة التوتر، وبدا التنسيق والتوافق في الرؤى واضحاً في ملفات مكافحة الإرهاب، والتسوية السياسية في ملفات الأزمة الليبية والسورية والعراقية واليمنية.
بعد غياب دام نحو 16 عاما، انطلقت في القاهرة، أمس، أعمال الحوار الاستراتيجي المصري - الأميركي، برئاسة وزراء خارجية البلدين سامح شكري وجون كيري، وبدا التوافق واضحا بين الطرفين في ملف العلاقات الثنائية ومكافحة الإرهاب والرؤى المتقاربة في عدد من الملفات الإقليمية، بما يكشف تجاوز القاهرة وواشنطن مرحلة توتر العلاقات في أعقاب عزل ثورة «30 يونيو» الرئيس الإخواني محمد مرسي، خاصة في ظل استئناف المساعدات العسكرية لمصر.ويبدو أن البلدين عازمان على تحريك الماء الراكد بينهما، حيث اتفق كيري مع شكري على عقد الحوار كل عامين، ولم ينكرا وجود خلاف في وجهات النظر في بعض القضايا، إلا أن هناك توافقا كبيرا في الرؤى في مجمل القضايا الإقليمية والدولية.وأكد كيري، خلال مؤتمر صحافي عقده مع شكري، دعم بلاده لخطوات الرئيس عبدالفتاح السيسي، الاقتصادية، فضلا عن فتحه آفاقا جديدة للاستثمار، وزيادة الفرص أمام رجال الأعمال، قائلا: «مصر حققت نجاحا كبيرا في مجال الطاقة، وتلعب دورا رئيسيا في المنطقة وفي القضايا الدولية».وتقدم كيري بالتهنئة للشعب، بمناسبة قرب افتتاح المجرى المائي الجديد في قناة السويس، مؤكدا دعم بلاده للاقتصاد ليصبح أقوى وأكبر.وتابع: «مصر دفعت ثمنا كبيرا في مجابهة التطرف والإرهاب، وتأمين الحدود يتطلب مزيدا من التعاون بين البلدين»، مضيفا: «مصر مركز العالم ويمكنها استعادة مكانتها بقوة»، ولفت إلى أن الحوار فرصة جيدة لتعزير التعاون بين البلدين.مكافحة الإرهابمن جانبه، شدد شكري على أن مصر والولايات المتحدة اتفقتا خلال الحوار الاستراتيجي على مضاعفة الجهود المشتركة في مواجهة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، قائلا: «الحوار عكس حرص البلدين على تعزيز العلاقات في ما بينهما، على أساس الاحترام المتبادل، فضلا عن طرح أفكار جديدة تحدد مسار العلاقات مستقبلا، خاصة في المجالات العسكرية، ومحور قناة السويس والمشروعات الصغيرة والمتوسطة».وعلمت «الجريدة» أن ملف المساعدات الأميركية كان على جدول أولويات الوزيرين، خاصة العسكرية، والتي تحدث بشأنها خلال الاجتماع مساعد وزير الدفاع للعلاقات الدولية اللواء محمد العصار.وحول الانتخابات البرلمانية، قال كيري إنه اتفق مع شكري على أهمية أن تكون «حرة ونزيهة وشفافة»، موضحا أن «الشهور المقبلة ستحدد ما إذا كان بوسع مصر ذلك أم لا».حقوق الإنسان اللافت أن أوضاع منظمات المجتمع المدني، والأحكام القضائية التي صدرت أخيرا، كانت على أولوية مناقشات الوزيرين، حيث قال شكري: «ناقشنا تقنين أوضاع منظمات المجتمع المدني وتعزيز حقوق الإنسان»، مؤكدا أن النظام القضائي مستقل وقادر على القيام بدوره بشكل صحيح، وأن أميركا كان لديها سوء فهم لتنفيذ الأحكام والقانون المصري.وإذ شدد الوزير المصري على أن مصر قننت حق التظاهر بما يتلاءم معها، نافيا وجود صحافيين في السجون بسبب طبيعة عملهم، قال كيري إن بلاده لديها قلق في ملف قضايا حقوق الإنسان.ليبيا واليمنوحضرت الأزمة الليبية بقوة في المناقشات، حيث تمثل الجبهة الغربية لمصر مصدر إزعاج بسبب انتشار الجماعات الإرهابية، عقب سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي.وقال شكري إنه تم الاتفاق مع كيري على أهمية تنفيذ اتفاق «الصخيرات» لتحقيق التسوية السياسية في ليبيا، فضلا عن ضرورة إنهاء أزمة الصراع في اليمن، وسورية والعراق، والتوصل إلى حلول سياسية، تحفظ على تلك الدول مؤسساتها.واكد الطرفان تعاونهما في اليمن، بعد ان جددت مصر أمس الأول مشاركتها في العمليات العسكرية في اليمن لـ6 اشهر اضافية، كما اكدا توافقهما على حل سياسي للازمة السورية.إيران إرهابيةوفي تطور لافت، اتهم الوزير الأميركي إيران بأنها دولة راعية للإرهاب، قائلا إن: «إيران الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم، واتخذت واشنطن خطوات على مدى السنوات السابقة للتعامل مع واقع الخيارات المزعزعة للاستقرار التي اتخذتها إيران»، مؤكدا أن الاتفاق النووي الإيراني حال دون امتلاكها قنبلة نووية.بدوره، اعتبر رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية في مركز «الأهرام» للدراسات رئيس تحرير مجلة «مختارات إيرانية» محمد إدريس تصريحات كيري محاولة إرضاء وطمأنة لدول الخليج، مستبعدا في تصريحات لـ»الجريدة» تأثيرها على الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران.وأكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة أن الحوار الاستراتيجي بمنزلة بداية لصفحة جديدة مع أميركا، ونهاية لصفحة مليئة بالخلافات والأزمات بين الطرفين، قائلا: «أميركا ومصر لديهما قناعة بأن المصالح المشتركة أقوى من القضايا الخلافية».