البصمة الوراثية... ملاحظات أولية!

نشر في 09-08-2015
آخر تحديث 09-08-2015 | 00:04
ثلاث ملاحظات جوهرية يمكن رصدها حيال قانون البصمة الوراثية: سرعة قصوى في إصداره وتمويله، وتشريعه بعد حادث إرهابي مما يعني أنه رد فعل، واعتبار دولة الكويت الوحيدة في العالم التي تجمع البصمة الوراثية جبراً.
 مظفّر عبدالله أول العمود:

الوفرة المالية للدولة أو العسر المالي لا يعني شيئاً إذا كانت الإدارة العامة عاجزة عن المواجهة.

***

قد يكون قانون البصمة الوراثية الذي أقره مجلس الأمة في الأول من يوليو 2015 قد أخذ طريقه إلى النشر في الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) وقت كتابة هذا المقال.

وهناك ثلاث ملاحظات جوهرية حول ظروف صدوره، والذي رصد له ميزانية مالية بـ120 مليون دينار تقريبا، وهي فيما يلي: سرعة قصوى في تشريعه بدون مناقشة كافية، وأنه جاء بعد حادث إرهابي مما يعني أنه رد فعل غير مدروس العواقب، واعتبار دولة الكويت الوحيدة في العالم التي تجمع من المواطن والوافد عينة البصمة الوراثية جبراً وتغريمهم وسجنهم في حال عدم الانصياع.

أما الملاحظات العامة حوله فهي مرشحة للتفاعل والتزايد بعد نشر اللائحة التنفيذية للقانون وبدء سريان تنفيذه، وقد جمعت عددا من الملاحظات المبدئية حول هذا القانون المثير للجدل ألخصها فيما يلي:

أولا: حظر محكمة حقوق الإنسان الأوروبية عام 2008 جمع عينات البصمة الوراثية إلى ما لا نهاية، لخرق هذا الإجراء حق الخصوصية الفردية المنصوص عليها في الدساتير واتفاقيات حقوق الإنسان، وأنه يجب أن يخضع لرقابة قضائية صارمة في الحالات التي يتطلبها الجمع.

ثانيا: توصلت المحاكم الوطنية الأميركية للمضمون ذاته، وتأكيدها أن هذا الإجراء لا يمكن إتمامه خارج إطار القضاء.

ثالثا: وصفت منظمة هيومان رايتس ووتش القانون الكويتي بأنه نوع من التطفل في سياسة مكافحة الإرهاب.

رابعاً: لم يجز المجمع الفقهي المنعقد بمكة المكرمة عام 2001 أخذ البصمات الوراثية إلا بأمر من القضاء، وكان له موقف حاسم من السرية التي يجب أن تحاط بها هذه العملية نظراً للإشكالات المتوقعة في شأن الأنساب. (د. محمد الأروادي– البصمة الوراثية/ جامعة بيروت الإسلامية).

رابعاً: لم يوضح ضمانات عدم اختراق أنظمة حفظ البصمات في عالم تزداد فيه الجريمة الإلكترونية وبشكل متقن.

خامساً: كونه يشمل الوافدين والقادمين من المنافذ البرية والبحرية والجوية وهو ما يثير مسألة التدخل في خصوصياتهم، وبالتالي إمكان الدخول في إشكالات مع بعض الدول الأخرى لغرض الدفاع عن رعاياها.

سادساً: إضافة إلى انتهاك خصوصية الفرد، فهناك أيضا شبهة انتهاك السلامة الجسدية التي ينتج عنها تطبيق البصمة الوراثية وتعارضها مع المادة 34 من الدستور التي نصت على حظر الإيذاء الجسماني والمعنوي.

هذه جملة من الملاحظات، وما نتمناه أن يتفاعل النقاش حول هذا القانون، وما يطمئن للوصول إلى الحقيقة أن مجلس الأمة الحالي قد أقر في وقت سابق حق الأفراد في اللجوء للمحكمة الدستورية للطعن في شبهة عدم دستورية القوانين، كما أن هناك فرصة متاحة للمشرع (الحكومة ومجلس الأمة) بمراجعة الخلل في التطبيق بعد نفاذ القانون.

back to top