يبدو أن اتحاد كرة القدم أدمن أدواره السلبية، التي بات يؤديها بجدارة واستحقاق شديدين منذ فترة ليست بالقصيرة، والتي تسببت في تعليق نشاط كرة القدم من قِبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في 16 أكتوبر الماضي، ثم وقوفه موقف المتفرج، من دون أن يحرك ساكنا، من أجل إلغاء قرار "فيفا"، والهدف معروف للجميع، ويتمثل في تجميد وتعديل القوانين الرياضية الحالية، بما يتماشى مع المصالح الشخصية للمنتفعين من الرياضة.

Ad

اتحاد الكرة، كعادته، دسَّ السم في العسل، في كتابه الأخير، الذي ردَّ من خلاله على لجنة المسابقات بالاتحاد الدولي لكرة القدم، حيث استفسرت عن المباراة الافتتاحية لاستاد جابر الدولي، وبناءً على كتاب الاتحاد الكويتي لكرة القدم، فقد جاء الرد الاتحاد الدولي في "لمح البصر"، إذ طالب الاتحادات الأهلية الأعضاء به، بالامتثال لقرار تعليق نشاط الكرة الكويتية، وعدم المشاركة في أي مباريات أو مناسبات كروية مع منتخبات أو أندية كويتية.

تدخُّل كان متوقعاً

كتاب "فيفا"، وقراره الغريب كان متوقعا، خصوصا أن السكرتير العام لاتحاد الكرة سهو السهو، استبق الأحداث، في كتاب أرسله إلى الهيئة العامة للرياضة، أخلى فيه مسؤولية الاتحاد عن أي عواقب إضافية.

 ونشر الموقع الإلكتروني للاتحاد عبارة غريبة في هذا الشأن، جاء نصها كالتالي: "على ضوء ذلك، خاطب سهو السهو الهيئة العامة للرياضة، ليبلغها بمضمون الكتاب الوارد من "فيفا"، ليؤكد إخلاء مسؤوليته من أي عواقب إضافية يتم فرضها، في حال مخالفة قرار الإيقاف".

الحقيقة الراسخة، أن افتتاح استاد جابر بحفل لائق بالحدث، الذي يأتي برغبة وتوجيهات سامية، وتحت رعاية صاحب سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، أزعج المنتفعين من الرياضة، خصوصا أنهم باتوا بعيدين عن الصورة تماما، وليس لهم أي دور، لذلك تحركوا بقوة، لإفساد الاحتفالية، التي ينتظرها الشعب الكويتي بشغف.

ومما لا شك فيه، فإن المنتفعين لو كان لهم دور في حفل الافتتاح، وكانت الأمور تحت سيطرتهم، لتغيَّر موقفهم تماما صوب الاستاد، وأشادوا به وبإمكانياته، بل يمكن القول إن الموقف كان سيتغيَّر 180 درجة كاملة، لكن لأن الحكومة همَّشتهم، نظراً لتصرفاتهم وأفعالهم وتسببهم في أزمة الكرة بصفة خاصة، والرياضة بصفة عامة، من ثم باتوا بلا دور، فقد رأوا العودة إلى "ألاعيبهم"، التي تدعمهم فيها الهيئات الرياضية الدولية، وهذه المرَّة جاء الدور على "فيفا".

محتوى الكتاب

سهو السهو، تحدَّث عن جزء من محتوى الكتاب الذي ردَّ فيه الاتحاد على لجنة المسابقات بـ "فيفا"، مبينا أن الاتحاد الكويتي لا علاقة له بالمباراة الاستعراضية لحفل افتتاح استاد جابر، ولا يعلم عنها شيئا.

كلام السهو جاء تأكيدا، أن الاتحاد الدولي يتدخل في ما لا يعنيه، فـ "فيفا" علَّق نشاط اتحاد الكرة، وكل ما ينضوي تحت لوائه.

 أما المباراة، فهي "حبية استعراضية"، ولا تقام تحت مظلة الاتحاد، ولا علاقة له بها بتاتاً.

الغريب أن "الفيفا" طالب اللاعبين خلال كتابه إلى الاتحادات الأهلية بعدم التعامل مع اتحاد موقوف، رغم أن المباراة لا تقام تحت مظلة الاتحاد الكويتي، وفقا لكتاب الأخير إلى الاتحاد الدولي.

 والسؤال الذي يطرح نفسه؛ إذا لم يكن هناك تحرك من أطراف داخلية، فلماذا يهدد "فيفا" ويتوعد حول مباراة لا ناقة له بها ولا جمل؟ ولماذا يشغل مسؤولوه أنفسهم بهذا الشكل بحفل افتتاح استاد جابر؟ في الوقت الذي من المفترض أن مسؤوليه لديهم ما يشغلهم من إدارة عملية الإصلاح المزعوم، الذي تتكشف فيه المزيد من قضايا الفساد المالي والإداري في أرجائه.

ومن المؤكد، أن تدخل الاتحاد الدولي لكرة القدم بهذا الشكل السافر في مباراة لا تقام تحت مظلته، ولا تحت مظلة أي من الاتحادات الأهلية، يعني أنه قد يتدخل يوما ما في تحديد مصير مباراة تقام في الشارع، أو سيحاول عرقلة إقامة دورة رمضانية، أو توقيع عقوبة على أي من اللاعبين، لأي سبب كان، فلا فرق بين أي من هذه أو تلك، طالما أنه سمح لنفسه بالتدخل في مباراة من هذا النوع. موقف "فيفا" يحمل العديد من علامات الاستفهام، ويؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أنه يُدار في ما يخص علاقته بالكرة الكويتية بـ "الريموت كنترول" من المنتفعين، والدليل، محاولاته بتهديد كل مَن يشارك في مباراة استعراضية في الكويت، ويتغافل عن الكثير من التدخلات المباشرة في أكثر من دولة.