احتفلت الكويت مؤخراً بالذكرى الـ53 لصدور الدستور الكويتي، وعندما ننظر إلى كلمات الشيخ عبدالله السالم في مقدمة هذا الدستور نجدها في غاية الروعة وتلخص الهدف منه، حيث قال إن الدستور جاء "سعيا نحو مستقبل أفضل ينعم فيه الوطن بمزيد من الرفاهية والمكانة الدولية ويفيء على المواطنين كذلك بالمزيد من الحرية السياسية والمساواة والعدالة الاجتماعية...".

Ad

 والمتأمل بدقة لكلمات الشيخ عبدالله السالم تلك يجدها ركزت على المزيد من الرفاهية للمواطنين والحرص على الحريات السياسية والعدالة الاجتماعية، الله! هكذا كانت عقلية الأجداد والآباء، إن كلمات الشيخ عبدالله السالم تلك يجب أن توضع في وجه كل من يحاول العبث بالدستور تحت ذرائع واهية الهدف منها القضاء على تلك المرتكزات الثلاثة التي ذكرها الشيخ عبدالله السالم، ونحن هنا لا نتهم أحدا من تلقاء أنفسنا، ونذكر في هذه المقالة كيف يحاول البعض القضاء على هذه المرتكزات.

ففي ما يخص الركيزة الأولى المتعلقة بالمزيد من رفاهية المواطنين ألا تسعى الحكومة الآن إلى رفع الدعم عن المواطنين، كما تسعى جاهدة لتعطيل المكتسبات الإسكانية والتعليمية بطرق غير مباشرة، وعن المرتكز الثاني المتعلق بالحرص على الحرية السياسية ألا يشاركني هنا معظم أبناء الشعب في أن الحريات السياسية تقلم أظافرها بسحب الجناسي وزج أصحاب الرأى في السجون؟ وهناك حملات ممنهجة لكبت حرية الرأي، وبالنسبة للركيزة الثالثة المتعلقة بالعدالة الاجتماعية أين هي العدالة الاجتماعية في عصرنا الراهن؟ ألم تصدر قوانين مثل "البديل الاستراتيجي" وغيرها للتفريق بين مواطن وآخر؟ ألم تعطَ الحظوة الاقتصادية لفئة الكبار على حساب الصغار؟ ألا تفكر الحكومة حاليا في رفع الدعم عن كل من ارتفع راتبه عن 1300 دينار شهرياً؟!

والأدهى من ذلك، هناك من يسعى إلى العبث بالدستور من خلال ذريعة تعديله للإطاحة علناً بالكثير من المكتسبات التي منحها الدستور للمواطنين، هذا خلاف الكثير من القوانين التي أحالتها الحكومة إلى مجلس الأمة التي تعد انتهاكا واضحا وصارخا للدستور الكويتي. وفي الأخير نحن لسنا ضد تعديل الدستور مادام التعديل سيكون هدفه المزيد من الحريات والمزيد من المشاركة السياسية بأن يصبح نواب السلطة التشريعية مثلاً 75 عضواً في ظل زيادة أعداد المواطنين، وبكل صراحة نحن مع أي تعديل يكون هدفه تحقيق العدالة الاجتماعية ورفاهية المواطن، أما التعديلات للحد من الحرية فهذه من الخطوط الحمراء، ولن يقبل بها الشعب مهما كانت الظروف ومهما كانت الحجج.