استبق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انطلاق اجتماعات مجموعة فيينا  في نيويورك اليوم، وأعلن رفضه القاطع لأن تقرر أي قوة خارجية من يحكم سورية، مستبعداً إعادة العلاقات مع القيادة التركية التي تحداها أن تنتهك الأجواء السورية كما كانت تفعل في الماضي.

Ad

عشية بدء مجموعة فيينا محادثات مهمة يتصدرها مصير الرئيس السوري بشار الأسد ووقف إطلاق النار بين قواته وفصائل المعارضة، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه لن يوافق أبداً على أن تفرض أي قوة خارجية من الذي سيحكم سورية.

ورغم إقرار بوتين بأن ما من سبيل لتسوية الأزمة السورية إلا من خلال الحل السياسي، قال، خلال مؤتمره الصحافي السنوي، إن موسكو تملك قدرات لاستهداف أي موقع في سورية بصواريخ متوسطة المدى، مشيراً إلى أنها لم تبدأ حرباً في سورية، ولا تحتاج إلى قاعدة عسكرية دائمة فيها لأنها تملك أسلحة قوية تكفي «لضرب أي أحد» على مسافة آلاف الكيلومترات من حدودها.

وأوضح أن القوات الروسية تجري «عمليات عسكرية منفردة باستخدام القوات الجوية والفضائية ومنظومات الدفاع الجوي والاستخبارات»، مطمئناً الروس بأن ذلك لا يشكل عبئاً إضافياً على الميزانية العامة لأن تمويل الحملة في سورية يتم من خلال المبالغ المخصصة للتدريبات العسكرية.

واعتبر بوتين أن الجيش الروسي، الذي نشر أمس صوراً لمنظومة «إس 400» للدفاع الصاروخي في اللاذقية، «تدعم» ليس فقط هجوم القوات الحكومية لكن أيضاً المعارضة التي تحارب تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

واشنطن وأنقرة

وفي تطور إيجابي، أيد بوتين المبادرة الأميركية لإعداد قرار في مجلس الأمن بشأن سورية، والتي من المقرر أن يترأس جلسة مناقشته اليوم وزير الخارجية جون كيري، مؤكداً أن مسودته مقبولة ككل وموسكو ستساهم في اتخاذ قرارات سترضي جميع الأطراف.

وفي الشأن التركي، استبعد الرئيس الروسي «أي احتمال» لتحسن العلاقات مع القيادة الحالية في أنقرة، مجدداً تأكيده أن إسقاط القاذفة الروسية الشهر الماضي كان «عملاً عدائياً وطعنة في الظهر بدون سبب».

وفي نبرة تهديد واضحة، تحدى بوتين أن ترسل تركيا طائراتها إلى الأجواء السورية، مؤكداً أنها لطالما كانت تخترق الأجواء السورية، «أما الآن فلتحاول الطيران».

مصير الأسد

وقبيل اجتماع نيويورك، الذي سيتطرق اليوم إلى مصير الرئيس السوري باعتباره أهم نقاط الخلاف، اختارت الهيئة العليا للمعارضة السورية المنبثقة من مؤتمر الرياض، خلال اجتماعها أمس في الرياض بحضور أعضائها الـ34 (ثلثهم من الفصائل المقاتلة) رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب منسقاً عاماً للتفاوض باسمها مع النظام، كما اختارت 15 عضواً إلى جانبه.

واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ،أمس الأول، أنه «من غير المقبول» رهن التسوية السياسية في سورية بمصير رجل واحد، مشيراً إلى أن «احتفاظه بدور لبضعة أشهر في المرحلة الانتقالية أمر يعود مبدئياً للشعب السوري وفي مرحلة تالية».

وأشار بان إلى أن «بعض الدول» تتحدث عن إمكانية «احتفاظه بدور لبضعة أشهر» بعد بداية المرحلة الانتقالية «لكن هذا ينبغي أن يتقرر في مرحلة تالية»، مشدداً على الطابع الملح لتطبيق وقف لإطلاق النار على كامل الأراضي السورية في أقرب وقت لمساعدة العملية السياسية، وإتاحة تقديم المساعدة للملايين.

مؤتمر نيويورك

ويندرج مؤتمر نيويورك في سياق ما يعرف بمسار فيينا، الذي اتفقت فيه 17 دولة بينها روسيا وإيران، في 14 نوفمبر على خريطة طريق لعملية انتقال سياسي في سورية، تنص على لقاء في بداية يناير 2016 بين ممثلي النظام والمعارضة وعلى حكومة انتقالية في غضون 6 أشهر وانتخابات في غضون 18 شهراً.

وإثر المباحثات، من المقرر أن يتبنى مجلس الأمن بعد ظهر اليوم قراراً يدعم إعلان فيينا، بحسب السفيرة الأميركية سامانتا باور، التي قالت، إنه «أنجز تقدماً ملموساً في تقريب وجهات النظر ونريد أن يؤيد المجلس هذا المسار والقرارات المتخذة في فيينا ويسرع التحرك».

وبحسب باور، فإن مجلس الأمن، الذي غالباً ما كان منقسماً بشأن النزاع السوري، «سيظهر للمرة الأولى وعلى مستوى عال جداً، وحدته بشأن ضرورة الإنجاز الجيد للانتقال السياسي ودحر تنظيم الدولة الإسلامية»، مبدية ثقتها بأنه سيتبنى هذا القرار.

قائمة الأردن

وبينما أعربت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عن أملها في بدء المفاوضات بين الحكومة والمعارضة في سورية بحلول أول يناير، نقلت وكالة «نوفوستي»، أمس، عن مصدر في الوزارة أن الأردن سلم الجانب الروسي قائمة بنحو 160 تنظيماً مشتبهاً بالتورط في الأنشطة الإرهابية في سورية، متوقعاً أن تطرح القائمة الأردنية للنقاش خلال الاجتماع الوزاري اليوم.

وفي وقت سابق، ذكرت مصادر حكومية أردنية أن القائمة الأولية للجماعات الإرهابية، التي سيتم استبعادها من العملية السياسية، ولن تكون جزءاً من أي اتفاق لإنهاء الأزمة السورية، على رأسها تنظيم «داعش» والجماعات التي تتبعه و«جبهة النصرة» وكافة كتائبها، و«جيش المهاجرين والأنصار»، و«فجر الإسلام»، و«جند الأقصى»، و»حركة نور الدين زنكي» و«لواء التوحيد»، و«كتائب أحرار الشام»، التي يشكل أعضاؤها أغلبية الهيئة العليا للمعارضة السورية المنبثقة عن مؤتمر الرياض، والتي عقدت أول اجتماع في السعودية يوم الجمعة، لبحث تشكيل الوفد الذي سيكلف التفاوض مع النظام.

عزل الرقة

في غضون ذلك، كشف مسؤولون أميركيون، أمس، عن تزويد واشنطن «قوات سورية الديمقراطية» بالأسلحة والذخيرة عن طريق البر خلال الأيام الماضية قبل بدء معركة عزل مدينة الرقة معقل «داعش».

وقال المسؤولون، الذين رفضوا الكشف عن هوياتهم لوكالة «رويترز»، إن «المسلحين البلغ عددهم نحو 5000 مقاتل، يستعدون للتحرك نحو مدينة الشدادي الواقعة عند شبكة استراتيجية من الطرق السريعة، بهدف الاستيلاء عليها تمهيداً لعزل الرقة.

في السياق، يقوم وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان الأحد والاثنين بزيارة لموسكو للتحدث عن «تنسيق» في محاربة التنظيم في سورية، حسب ما أعلنت الوزارة الدفاع أمس.

موسكو تتحدى أنقره ... وواشنطن ترسل ذخائر لـ«الديمقراطية» تمهيداً لعزل الرقة

تعزيز قاعدة «حميميم» ونشر آلاف الجنود

مع إصرارها على مواصلة الحملة الجوية في سورية بلا هوادة، عززت موسكو قوة النيران في قاعدة حميميم باللاذقية، التي أقر مسؤولوها بأنها تضم "بضعة آلاف من العناصر.

وتنطلق مقاتلات "سوخوي- 24" بكامل تجهيزاتها من مدرج القاعدة وفي غضون بضع دقائق تتبعها مقاتلات أخرى، في مهام تستغرق كل منها قرابة ثلاثين دقيقة ضمن حملة الضربات الجوية التي تنفذها موسكو بطلب من دمشق.

وبعد قرابة ثلاثة أشهر على بدء روسيا تدخلها العسكري في سورية، تتواصل المهام بزخم في هذه المنشأة الروسية الواقعة في اللاذقية شمال غرب سورية.

ويقول المتحدث الميجور جنرال أيغور كوناشينكوف: "انطلاقا من اللحظة التي يتلقى فيها الطيار الأمر وصولا إلى إقلاع الطائرة ومن ثم تدمير الهدف، يستغرق الأمر عادة نحو ثلاثين دقيقة".

ويضيف كوناشينكوف، خلال رحلة للإعلاميين نظمتها وزارة الدفاع الروسية إلى القاعدة: "إذا كان الهدف في محافظة دير الزور، فالأمر قد يستغرق 25 دقيقة للوصول الى هناك. واذا كان في إدلب فانها مجرد عشر دقائق". وفي أحد أطراف المدرج نصبت رادارات من أحدث أنظمة الدفاع الجوي (إس 400)، والتي تعمل الى جانب نحو ست منصات صواريخ يمكن لها أن تحدد موقع 300 هدف وضرب أكثر من 35 في الوقت نفسه على مسافة مئات الكيلومترات.

وقال قائد منظومة الدفاع الجوي هذا، بدون الكشف عن اسمه، "بعدما أسقطوا (الأتراك في 24 نوفمبر) مقاتلة سوخوي-24 صدرت الأوامر لنصبها بأسرع وقت ممكن"، مؤكداً أن "الأنظمة تعمل في حالة تأهب بشكل دائم حالياً لتأمين حماية كاملة لطيراننا فوق كل الأجواء السورية وبعض مناطق البحر المتوسط".