كيف بدأ المشروع؟
راودتني فكرة تقديم عمل مختلف ومغاير عما يتم تقديمه كمشروع لتخرجي، سواء على مستوى المعهد أو السوق السينمائي، باختصار كنت مدفوعة برفض القوالب النمطية من حولي والتركيز على إنتاج عمل مختلف، وأتصور أنني نجحت في ذلك.ما أبرز محاور الفيلم؟يلخص علاقة أب وابنته، وبمنتهى التلقائية تبدأ الأحداث بمشهد تقديمي إلى والدي تذكرتي سفر إلى إيطاليا بمناسبة عيد ميلاده الخامس والسبعين، لأحقق له حلمه في لقاء الفتاة الإيطالية التي ارتبط بها وأحبها، أثناء دراسته للسينما في روما، لكنه غادر العاصمة الإيطالية من دون أن يودعها، وبعد فترة من الزمن انقطعت حبال الود، وتوقفت رسائل الحب .كيف تقيّمين ردود الفعل حول الفيلم؟لا أرى النجاح في أعين النقاد فحسب، رغم أن إشاداتهم كانت كبيرة وغاية في الأهمية بالنسبة إلي، لدرجة أن أحدهم قال لي إن الفيلم يستحق أن يعرض بشكل رئيس في المهرجان، أي يمثل مصر في المسابقه الرسمية لينقل رسالة بأن الفنون لدينا بخير، وأن ثمة جيلا قادراً على طرح رؤى مغايرة، بل نجاحي الأهم هو قدرتي على إيصال كم المشاعر الإنسانية إلى المتلقي، وتفاعل الجمهور مع تفاصيل العلاقات في الفيلم كما لو أنهم الأبطال فيه، وأعتقد أن هذا هو الشعور الحقيقي بالإنجاز والتميز .هل كنت واثقة من تحقيق هذا النجاح؟راودني شعور بأن الجهد الذي بذلته في صناعة الفيلم لن يذهب هباء، ولكني لم أتوقع هذا النجاح بقدر ما كنت أترقب مصيره، فالـ {مخاطرة} التي خضتها بمجرد أن سطعت الفكرة في ذهني وشرعت في تنفيذها، نمت فيّ روح المغامرة والمجازفة، وانتظرت ما ستؤول إليه الأمور، لكن المردود جاء رائعاً.هل اختلاف الفكرة دفعك إلى التحليق خارج الأطر التقليدية في التنفيذ؟الأمر ليس استعراضاً أو محض صدفة، إنما هدفت منه تحريك المياه الراكدة والخروج من {الأنماط والقوالب الجاهزة} لمشروعات التخرج، أو نوعية الأفلام المطروحة في السوق، وأعتقد بأن الإحساس ذاته لم يتملكني وحدي، بل ثمة جمهور متعطش لكل ما هو غير تقليدي، والحمد لله أثنى كثر عليه بمجرد تقديمه.ما أبرز الصعوبات التي واجهتكِ؟لم أتوقع أن أكبر صعوبة ستكون مع أول {خمس دقائق} من عرض الفيلم، فبديهي أن مرحلة التجهيز تكون الأصعب لا سيما أنني صنعت ما يزيد على 350 ساعة متكاملة، كمادة خام، انتهت إلى دقائق معدودة، علاوة على محاولاتي المستميتة لأخفي عن والدي ما أقوم به، لكن في لقطات الفيلم الأولى لم يستطع كثر استيعابها، خصوصاً أنني تعمدت أن تكون المشاهد الأولى {مرتبكة ومتقطعة} لنقل حالة شعورية ما، وأطلقوا حكماً أولياً اختلف بالتأكيد مع نهاية الأحداث، ما أزعجني، وأرجعه إلى افتقادنا إلى تذوق هذه النوعية من الأفلام واستيعابها.كيف ترين الأفلام التسجيلية والقصيرة والحال الذي وصلت إليه؟للأسف، لدينا ماكينة نشطة من إبداعات الشباب الذين يتميزون بعيداً عن الأفلام الروائية الطويلة التي نراها في السينما، ويمتلكون طاقات هائلة وأفكاراً مستحدثة وغير مكررة، لكن أحلامهم تتحطم على واقع معقد بالإجراءات الروتينية من ناحية، وافتقاد بالغ لأي مجهود لدعم مشاريعهم من جهة أخرى .من خلال تجربتي الشخصية في {هدية من الماضي} اكتشفت أموراً عدة، حتى لو تحمس لك أساتذتك وصناع عملك، فلن تجد ممولا حقيقياً وجاداً، وإن وجدته ستواجه مشكلة في توزيع عملك وتسويقه على مستوى دور العرض، وكلها أمور نحتاجها كي لا نجهض مشاريع لعشرات العناصر المتميزة.كيف تواجهين وجيلك مثل هذه المعوقات؟للأسف نضطر إلى انتظار منح تقدمها دول أوروبية أو عربية لعرض سيناريوهاتنا وأفكارنا عليها، والفائزون والمقبولون في تلك المسابقات يتم تمويل عملهم كي يخرج إلى النور، فيما في أميركا، مثلا، تلقى التجارب المشابهة لتجاربنا تمويلا بعشرات الملايين من الدولارات، وهو رقم لا ننفقه في صناعة السينما الروائية الطويلة.ما الحل برأيك؟لا بد من وضع الدولة خطة محكمة لتخصيص جزء من موازنتها لدعم المشاريع السينمائية المستقلة أو التي لا تلقى اهتمام المنتجين، وأن يتم تنشيط الدوائر الرسمية بوزارة الثقافة لكسر الجمود والتعقيدات الإجرائية التي تواجهها أعمال الشباب، باختصار على الدولة أن تضع رؤية متكاملة تحدد فيها موقع «الفن» أو كيف تراه وماذا تريد من ورائه، كذلك لا بد من تخصيص دور عرض لهذه الأفلام بوصفها «وجبة فنية» متنوعة.
توابل - سيما
كوثر يونس: أردت كسر الأنماط والقوالب في {هدية من الماضي»
23-11-2015