يوشك الرئيس باراك أوباما أن يخسر الرجل الذي اختاره شخصياً لبناء جهود الحرب ضد "داعش"، إذ سيتنحى الجنرال المتقاعد جون آلن من منصبه كمبعوث للائتلاف العالمي خلال فصل الخريف، لذلك يبحث البيت الأبيض عن بديل لمواجهة جهود الولايات المتحدة المتداعية الرامية إلى تدمير هذه المجموعة الجهادية في سورية والعراق.

Ad

سيوقف آلن تقديم خدماته للحكومة في الأسابيع المقبلة، حسبما أخبرني أربعة مسؤولين في الحكومة، في وقت أعلن مسؤولو وزارة الخارجية أنهم غير مستعدين رسمياً لرحيل آلن، إلا أنه أبلغ رؤساءه بأنه سيتخلى عن عمله مطلع نوفمبر، بعد أن اضطلع بهذه المهام طوال أكثر من سنة، كذلك ستتخلى المسؤولة عن فريق عمله، كارين فون هيبل، عن منصبها لتنضم إلى مؤسسة فكرية بريطانية.

لكن توقيت رحيل آلن لا يمكن أن يكون أسوأ بالنسبة إلى إدارة أوباما، فقد شهد قائد سلاح مشاة البحرية الجديد، الجنرال روبرت نيلر، الشهر الماضي، بأن الحرب تمر بحالة من "الجمود"، وقبل أيام شهد رئيس القيادة المركزية الأميركية، الجنرال لويد أوستن، أن "أربعة أو خمسة فقط" من 54 ثائراً سورياً دربهم الجيش الأميركي وجهزهم مازالوا يخوضون القتال، كما تقود وزارة الدفاع الأميركية اليوم تحقيقاً في ادعاء عشرات المحللين الاستخباراتيين أن تقاريرهم بشأن جهود الحرب عُدلت قبل تقديمها لكبار المسؤولين.

يؤكد المسؤولون المطلعون على قرار آلن أنه يشعر بالاستياء حيال إدارة البيت الأبيض التفصيلية للحرب وإخفاقه في تأمين الموارد الضرورية للقتال، فقد حاول عبثاً إقناع الإدارة بالسماح لفرق الضبط الجوي التكتيكية الأميركية بالانتشار على الأرض بغية المساعدة في تحديد أهداف الضربات الجوية في العراق، كذلك حاول آلن مرات عدة إقناع البيت الأبيض بالموافقة على مطالب تركيا بإقامة منطقة لحماية المدنيين في سورية من دون أي جدوى. ورغم ذلك، يشدد المسؤولون في الإدارة على أن قرار آلن التخلي عن منصبه يعود في المقام الأول إلى صحة زوجته التي تعاني اضطراباً ذاتي المناعة.

يذكر ديريك هارفي، وهو مسؤول استخباراتي عسكري أميركي كبير سابق عمل مع آلن في القيادة المركزية الأميركية: "صب آلن كل جهوده، محاولاً إنجاح استراتيجية الرئيس، أتعاطف معه بسبب المهمة الصعبة التي أوكلت إليه، لأنني أعتقد أن فريق الرئيس لم يكن متعاوناً بالكامل، ولم يُعطَ آلن يوماً الصلاحيات لتحقيق القيادة الضرورية بغية إنجاز هذه المهمة".

عندما كان آلن يعمل داخل الإدارة، استطاع البيت الأبيض الاعتماد عليه للتصدي لكثيرين في مؤسسة الأمن القومي اعتبروا أن أوباما لم يلتزم تماماً باستراتيجيته التي تهدف إلى إضعاف "داعش" وإنزال الهزيمة به، ففي مطلع هذا الشهر، أخبر آلن ABC News أن الحرب شهدت نجاحات كثيرة، وأنه ركز على إنزال الهزائم بهذه المجموعة الإرهابية في تكريت بالعراق وكوباني بسورية.

وقال آلن: "نظراً إلى الموضع الذي كنا فيه قبل سنة، ما كنت واثقاً من المنحى الذي كان ستسلكه التطورات، لم أعرف حتى ما إذا كان العراق سينجو، ولكن في الأشهر التي تلت، شهدنا تقدماً مذهلاً على صُعُد عدة".

حقق آلن نجاحاً كبيراً في التفاوض لعقد صفقة مع تركيا تسمح للولايات المتحدة اليوم باستخدام قاعدة أنجرليك الجوية كي تنفذ عملياتها الجوية في سورية، لكن الحملة الأوسع ضد "داعش" تصطدم اليوم بعقبات كبيرة، فقد شن الأتراك أخيراً هجوماً لا ضد داعش، بل ضد الانفصاليين الأكراد الذين شكلوا حلفاء بالغي الأهمية للولايات المتحدة على الأرض؛ ففيما كانت قوات داعش تتوسع وترسخ وجودها في الأراضي السورية، نجحوا في الحفاظ على ثاني أكبر مدينة في العراق، الموصل، وتوسعوا في الرمادي، قلب الثورة التي قادها السُّنة بين عامَي 2007 و2008 ضد تنظيم القاعدة في العراق، سلف "داعش".

يوضح ديفيد بترايوس، جنرال ومدير سابق لوكالة الاستخبارات المركزية أدلى أخيراً بشهادته أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ: "صحيح أن بعض عناصر الاستراتيجية الصحيحة طُبِّق، إلا أن بعضها الآخر لم يحظَ بالدعم اللازم، في حين أن عناصر أخرى مفقودة بالكامل، ونتيجة لذلك، لم نبلغ النقطة التي كان يفترض بنا تحقيقها في مرحلة مماثلة".

عندما عُيِّن آلن في منصبه في سبتمبر 2014، كان ينوي بادئ الأمر البقاء ستة أشهر، ثم وافق على البقاء ستة أشهر إضافية بطلب من وزير الخارجية الأميركي جون كاري في مطلع هذه السنة، ومن المتوقع في الأمد القصير أن تنتقل صلاحياته إلى نائبه، السفير بريت ماكغورك، لكن البيت الأبيض سيرغب بالتأكيد في تعيين بديل بارز لآلن، الذي قاد، بصفته جنرالاً بأربعة نجوم في سلاح مشاة البحرية، القوات الدولية في أفغانستان بين 2011 و2013.

لكن العثور على مَن يرضى بمنصب مماثل لن يكون مهمة سهلة، فقبيل أن يصبح مسؤول أوباما الأول في الحرب ضد داعش، كتب آلن مقالاً تحليلياً اعتبر فيه هذا التنظيم "خطراً واضحاً وحالياً يهدد الولايات المتحدة"، وأكد أنه "من الضروري تدميره" بسرعة باستخدام قدرات وقوة لا تستطيع إلا الولايات المتحدة تأمينهما، ولكن بعد سنة واحدة فقط، لم يلتزم الرئيس بعد بخطة حقيقية "لإضعاف وتدمير" داعش، مع أنه شدد مراراً على أن هذا هدفه، وإلى أن يتبدل هذا الوضع، سيواجه بديل آلن العقبات ذاتها التي اصطدم بها آلن، وستواصل الحرب ضد "داعش" إخفاقها.

* إيلي لاك & جوش روغن