● الأمير استقبل رئيس وأعضاء المجلس بمناسبة انعقاد اجتماعه الخامس

Ad

● الصقر: التأبين مبادرة وفاء لأمير عز مثل وفائه لوطنه وأمته ودينه

● تركي الفيصل: الراحل كان صادق الكلمة... ومواقفة تشهد على بعد نظره وثوابت إيمانه

● السنيورة: كنا من أوائل المدركين للجديد الذي أتى به الراحل للسياسة السعودية تجاه القضايا العربية

اختتم مجلس العلاقات العربية والدولية اجتماعه الخامس، أمس الأول، بحفل تأبين لوزير الخارجية السعودي السابق الأمير سعود الفيصل، كشف خلاله المتحدثون عن بعض مآثر الراحل.

توج مجلس العلاقات العربية والدولية الاجتماع الخامس لمجلس الأمناء بدولة الكويت بزيارة لسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، الذي استقبل وفد المجلس برئاسة رئيسه محمد جاسم الصقر.

حضر المقابلة نائب وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ علي الجراح.

تأبين الفيصل

في مجال آخر، أعلن النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد، أن مجلس الوزراء وافق على إطلاق اسم الأمير الراحل سعود الفيصل على أحد المعالم الرئيسية في البلاد، لافتا إلى أن هذا يأتي تقديرا وتخليدا للمسيرة العطرة للراحل، وإسهاماته المشهودة وطنيا وخليجيا وعربيا وإسلاميا ودوليا، وعرفانا لمواقفه البطولية تجاه الكويت وشعبها.

وقال الخالد، خلال حضوره حفل تأبين الأمير الراحل، الذي أقامه مجلس العلاقات العربية الدولية في فندق الشيراتون مساء أمس الأول، إن وزارة الخارجية تعكف على تحديد واختيار أنسب المواقع في الكويت لتلبي وتعبر عن مكانة هذه القامة العالية".

وأضاف أن الكويت تستذكر وبكامل التقدير والاعتزاز الدور الفاعل والشجاع الذي لعبه الأمير الفيصل، الذي يوصف بأنه رمز من رموز الدبلوماسية الدولية وأحد أبرز فرسانها في نصرة أهله وإخوانه في الكويت، إبان محنة الاحتلال البغيضة، مؤكدا أن الراحل كان عضداً وسنداً لآخيه ورفيق دربه سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية خلال فترة الغزو.

وأوضح أن الكويتيين لن ينسوا ما ذكره الأمير سعود وردده منذ الأيام الأولى للغزو، عندما قال: "لن يغمض لنا جفن حتى تعود الكويت لأصحابها، وإن الكويت ستتحرر رغم أنف الغزاة الحاقدين".

وأشار إلى أن الأمير سعود كان على المستوى العربي يحمل هموم العرب وقضاياهم في قلبه وفكره، وكانت القضية الفلسطينية مستقرة في وجدانه، وكرس مكانته الدولية في الدفاع عنها، لافتا إلى أن الراحل كان أيضا من أبرز الدعاة لمبادرة السلام العربية، وكان يخاطب العالم بقوله: "إذا لم تقدم هذه المبادرة الأمن لإسرائيل، أؤكد لكم أن فوهة البندقية لن تقدم لها الأمن المنشود".

وأكد أن الدعوة المتواصلة من الأمير الراحل لإحداث الإصلاحات والتطوير المطلوب في عمل ومؤسسات جامعة الدول العربية كانت تعكس إيمانه بأهمية وجدوى العمل العربي المشترك، إذ كان يعبر بحرص واستمرار عن الدور البارز لبلاده في إطار منظمة التعاون الإسلامي، لافتا إلى أن أروقة الأمم المتحدة، وغيرها من المحافل الدولية، ستظل تستذكر الدور البارز والمؤثر الذي لعبه الراحل عبر مسيرته الزاخرة في العمل من أجل إشاعة قيم السلام والتعاون بين دول العالم وشعوبه.

وذكر الخالد أن الفيصل من بين الدعاة الكبار للتلاحم الخليجي على اعتبار أنه يمثل رافدا أساسيا للعمل العربي المشترك، موضحا أنه من منطلق قراءته الثاقبة للسياسة الدولية وتقلباتها، كان من دعاة تطوير الإمكانات الدفاعية الخليجية وعدم الركون فقط إلى التحالفات الدولية، وكان يدرك منذ المراحل المبكرة لتسلمه راية قيادة الدبلوماسية السعودية الدور المهم والمسؤوليات الجسيمة التي تقع على كاهل بلاده، خصوصا أنه نشأ في كنف وزير الخارجية، المؤسس للسياسة الخارجية السعودية المغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز، طيب الله ثراه، الذي وضع اللبنات الأساسية للسياسة الخارجية للسعودية، وعلى مختلف الأصعدة العربية والإسلامية والدولية.

وتابع أن مبادرة مجلس العلاقات العربية والدولية بإقامة هذا الحفل المستحق تحت شعار "السياسة في حضرة الأخلاق" تدل على إدراك عميق وتقدير معبر من قبل المجلس لمن أفنوا جل حياتهم في خدمة الأمة والتعبير عن مصالحها والدفاع عن قضاياها، خصوصا أن الحديث عن الأمير سعود هو بالضرورة استحضار لحنكة السياسة وكريم الأخلاق، إذ إنه كان السياسي المحنك الذي جمع بين الحكمة والرأي السديد في مختلف مراحل قيادته للسياسة الخارجية لبلاده على مدى أربعة عقود متواصلة.

وقال: "لقد حظيت في السنوات الأخيرة بشرف التعامل المباشر مع المغفور له بإذن الله الأمير سعود، ولمست كم كان أصيلا بمناقبه وأخلاقه، سخيا ببذله وعطائه، عظيما بمواقفه وآرائه، متفردا بدبلوماسيته وريادته، أسس، بموسوعية علمه وثقافته وسداد حكمته وذكائه، مدرسة راسخة في السياسة والدبلوماسية، وأفنى جل حياته الغنية في خدمة الدين والوطن وقضايا الأمتين العربية والإسلامية، والإسهام في تعزيز السلام العالمي".

وأضاف: "منذ أن تشرفت بثقة سمو أمير البلاد، وجدت من الأمير الراحل، كامل الدعم ووافر النصح والمشورة، وكان ذا مواقف واضحة وصلبة، يقول ما يمليه عليه ضميره ومصلحة بلاده وأمته، ورفع بغزير عطائه من معايير الدبلوماسية الخليجية والعربية، وارتقى بفكرة العمل الدبلوماسي من كونها "مهمة" إلى "رسالة نبيلة" يحملها الدبلوماسي للدفاع عن مشاغل بلاده والحفاظ على مصالحها العليا.

وعبر الخالد عن امتنانه مجددا لإتاحة الفرصة له للتحدث عن رمز من رموز الدبلوماسية الدولية وأحد أبرز فرسانها، قائلا: "إنني أعتبر نفسي محظوظا بالفرصة التي توفرت لي للعمل معه ومزاملته خلال السنوات الأخيرة من حياته الزاخرة، الأمر الذي يسر علي التعرف على المناقب الكريمة لهذه الشخصية المتميزة".

فارس الدبلوماسية

بدوره، قال رئيس مجلس العلاقات العربية والدولية، محمد الصقر، إنه بعد أربعين عاما من العمل الذي اجتمعت له عبقرية الموهبة وكفاءة المجهود ترجل فارس الدبلوماسية السعودية عن المنصب الوزاري دون أن يستريح من همومه، لافتا إلى أنه "في ذلك اليوم شعرنا في المجلس أنه يجب أن نكون أول من يكرم هذا الرجل النبيل وأول من يحق لهم أن يحظوا بهذا الامتياز".

وأضاف: "بدأنا فعلا التحضير لحفل يقام بعيد شهر رمضان الفائت تكريما للأمير سعود، بحضوره، غير أن مشيئة الله قضت بغير ذلك، إذ رحل الأمير الجليل دون أن نقول له ما لا يجهل عن إعجابنا بكفاءته واحترامنا لشمائله وعرفاننا بفضله".

وذكر أنه "رغم جلل المصاب فإن لقاءنا ليس تأبينا أو مجلس عزاء وليس تكريما أو وقفة وداع بل مبادرة وفاء لأمير عز مثل وفائه لوطنه وأمته ودينه، وتظاهرة احتفاء بالقيمة التي يمثلها الفقيد بسيرته ومسيرته".

وأشار إلى أن هذا اللقاء يعقد في بلد خدمه سعود الفيصل كما خدم وطنه، وبين الشعب الذي أحبه كما أحب أهله، ووسط الدولة التي يقودها سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الذي تسنم عمادة الدبلوماسية العالمية ربع قرن أو يكاد، وخبر مسارب العلاقات الدولية وسرابها وشهد مشقة الالتزام بالصدق في مواجهة دهاليزها ومنعطفاتها، متقدما بالشكر لسمو الامير وولي عهده على التوجيهات باحتضان هذا الحفل، ولسمو رئيس مجلس الوزراء لرعايته اللقاء.

وأوضح أن "أروع سمات لقائنا ذلك الحضور الطاغي لصاحبه، رغم رحيله، إذ إن الكبار يرحلون ولا يغادرون، وقد بقي من الراحل ما ليس يرحل، تفرد يمدد إقامته في بلاط التاريخ ليقرأ له ويقرأ عنه من يأتي بعده فيتعلم من سيرته كما تعلمنا من مسيرته، وبقي منه أيضا ما ليس يرحل، فكر يبني في الأفق البعيد شواهق النهضة والتنوير على قواعد العلم والعدل وسنة التغيير"، مضيفا: "أكاد أجزم أنكم تشعرون كما أشعر بوهج حضوره الذي لا يلغيه الرحيل، وتمر أمام عيونكم وخواطركم كما تمر قبالتي صورة الفارس الرديني الأنيق المتلفع بعباءة من ليل وقصب يقبل علينا مهيبا ليناسم سمعنا صوته الهادئ ينساب خفيضا دافئا يفيض صدقا وعمقا ووجعا وكأنه يعيد علينا وصيته الاخيرة، حين قال (لقد مارست دائماً قوة الدبلوماسية، ولكنني أشتاق أحياناً الى دبلوماسية القوة... فنحن العرب نعيش اليوم خواء استراتيجيا جعل العالم يستضعفنا ويشهر بنا فيبدد ثرواتنا ويسرق مياهنا ويستبيح أمننا، لقد أخذوا الجزر وفصلوا غزة وأضاعوا العراق وأبعدوا سورية ومزقوا ليبيا ومكروا باليمن، وأصبح أملنا باستعادة ما فقدناه مرهونا بحماية مصر فحافظوا على مصر حافظوا على مصر".

وزاد الصقر: "أكاد أسمع فقيه الدبلوماسية السعودية وفقيدها سعود الفيصل يخاطب لقاءنا كما سبق أن خاطب الجنادرية حين قال: (إن آليات الإصلاح الشامل وتحقيق المشاركة السياسة يجب أن تنبثق من قيم المجتمع، ويجب أن تتسق مع احتياجاته ومبادئه، أما استيراد النماذج الجاهزة المنبثقة عن تجارب الآخرين فهو خيار أثبت فشله، والمشاركة السياسية الحقيقية تتطلب تعميما للحريات الفكرية والاعلامية وحفظا للحقوق الفردية وحقوق الاقليات، وتأسيسا للمجتمع المدني الوطني المتجاوز للعصبيات، فضلا عن تصحيح نظرتنا نحو الآخر والتعامل معه متحررين من عقدة الاضطهاد ومن نزعة الاستعلاء في آن واحد".

ولفت إلى أن "علم الاجتماع يحدثنا عن ظاهرة (سلطة الاسم)، فهناك أسماء تكاد حين تذكرها أن تصلح من جلستك وتطفئ سيجارتك وتعدل عقالك لتتحدث عنها وكأنك تتحدث إليها وبنفس الهيبة والانبهار، سعود الفيصل كان من هذه الأسماء ذات السلطة ليس فقط بسبب الملكية العريقة أو الهدوء المهيب الذي يلتف به فلا يتكلم إلا بما يكفي ليختصر اللغة ويوجز الموضوع ويحسم القرار، بل لأنه كان صاحب حس أخلاقي مسرف الرهف نقي الطرف شفيق القصد يفرض الثقة وينتزع الاحترام ويبسط من حوله سعة المنافسة وسماح الاختلاف".

وتابع: "بهذا استطاع الفيصل طوال أربعة عقود من التداعي السياسي العربي ومن السقوط الأخلاقي الغربي أن يبقى عصيا على هذا وذاك"، متسائلا: "ترى هل يورث الحس الأخلاقي أباً عن جد أم أنها التربية الراقية أيضاً هي التي جعلت من أيقونة الدبلوماسية العربية حازماً بأدب صلباً بابتسام ثابتاً بكياسة يحترم نفسه بترفع نبيل ويحترم الآخر بتواضع رفيع ويواصل مشواره بكل حماس وإخلاص رغم ارتعاشات الزمن وأوجاع الجسد، ودون أن يفقد يوماً نفاذ الرؤية ونفوذ الرأي؟

وذكر الصقر أن "العرب يقولون إن (عدم إعطاء المرء حقه كاملا وجه من وجوه الكذب)، وإنني على يقين انني قد وقعت في هذه الخطيئة لا عجزا ولا قصورا ولكن خيارا وإيثارا لأترك لغيري ما يحدثوننا به، ولقد تركت لهم الكثير الكثير ولا يعوضني عن ذلك إلا أن أذكر قول خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز حين خاطب سعود الفيصل يوم ترجله قائلا: (كنتم لوطنكم خير سفير ولقادته خير معين وعرفنا فيكم الإخلاص في العمل والأمانة في الأداء والولاء للدين والوطن).

وأضاف: "أستميح جلالته عذراً في أن أنسج على منواله دون أن ألحق بإيجازه وإعجازه فأختم مخاطبا الراحل الطاغي الحضور: (كنتم لأمتكم الابن البار ومثال الاعتزاز والفخار وكنتم لقضاياها أشرف سفير وأصدق مكافح وأنبل نصير، وكنتم خير من يتمسك بعقيدته الإسلامية بعمق، ومن يمثل سعتها بصدق، كما كنتم نموذجا للفرد المبدع باعتباره القاطرة الحقيقية التي تقود عربة التاريخ إلى الأمام".

أوائل العرب

من جانبه، قال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة: "ربما كنا نحن اللبنانيين بين أوائل العرب الذين أدركوا الجديد الذي أتى مع سعود الفيصل إلى السياسة والخارجية السعودية تجاه القضايا العربية، فقد اندلعت الحرب الاهلية اللبنانية في عام 1975 على وقع قضيتي الوجود الفلسطيني في لبنان والتأزم السياسي الداخلي للوضع اللبناني، وفي عام 1976، ولم يكن قد مر على الامير سعود سوى 8 اشهر في وزارة الخارجية للمملكة، أتى إلى لبنان مع وزراء خارجية عرب آخرين في مسعى إلى إرسال قوات سلام عربية وإنهاء الحرب الدائرة ونقل أهل النظام اللبناني".

وأضاف السنيورة أن الأمير سعود قال آنذاك إنه يجب دعم لبنان في تحقيق التطور السياسي وإعادة الإعمار وقتل ذئب الفتنة والحرب، لافتا إلى أن ما قام به الراحل في مؤتمر بيت الدين قام به وأكثر إبان العدوان الإسرائيلي عام 2006، فقد جاء على رأس وزراء الخارجية العرب وبيروت تحت القصف الاسرائيلي، وقال: (لابد من وقف العدوان على لبنان)، ولذلك سيظل الشعب اللبناني يتذكره، لأنه حمل إلى بيروت موقف العزة والقوة العربية وأدوات الصمود.

وذكر أن المملكة قدمت قرابة المليار دولار من أجل إعادة إعمار لبنان بعد العدوان الاسرائيلي في عام 2006، فضلا عن الجهد الكبير الذي بذله الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز والأمير الراحل سعود الفيصل والملك سلمان حين كان وليا للعهد في تصحيح العلاقات مع سورية، بعد خروج جيشها من لبنان، وبعد ذلك الاستمرار على ذات النهج في مساعدة الجيش اللبناني لحماية الحدود.

وتابع: "وإذا كنا نذكر هذين الموقفين المشرفين للأمير سعود، فإننا نذكر له موقفه في عقد اتفاق الطائف، وموقفا أشهر وأجل في عام 2002 إلى جانب ولي العهد السعودي الامير عبدالله آنذاك، الذي أعلن في مؤتمر القمة ببيروت المبادرة العربية للسلام لنصرة الشعب الفلسطيني"، لافتا إلى أن الامير الراحل كان يرى أن الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين أصل المشكلات كلها.

وأشار إلى أن الامير سعود صار، منذ ثمانينيات القرن الماضي، لسان العرب في المحافل الدولية، إذا تكلم قيل إن ما قاله هو قول العرب ورأيهم، مستذكرا قول الراحل بعد احتلال صدام للكويت إن "الاعتداء الآثم على أرض الكويت كان ينبغي إنهاؤه عربيا، ولكن لعدم الاستطاعة ولأن الاحتلال بات يهدد الامن العربي والدولي، كان لزاما علينا التعاون الدولي لإنهاء هذا الاعتداء".

وذكر أن قيام الملك فيصل في عام 1974 بمقاطعة الغرب من خلال النفط عامل من عوامل وضع المملكة على رأس الدول العربية في لعب دور مهم في القضايا العربية والدولية، اضافة إلى موقع المملكة لاسيما بعد انشغال الدول العربية بأمورها الداخلية والمشاكل التي كانت دائرة بين النظامين البعثيين في سورية والعراق، مما وضع المملكة وشقيقاتها في المرتبة الرئيسية التي كان الهم العربي هو عماد سياستها الخارجية.

ولفت السنيورة إلى أن اللبنانيين لجأوا إلى المملكة في مختلف مشاكلهم، ومنها اتفاق الطائف الذي اوقف الحرب الاهلية وأعاد لبنان إلى المرحلة الصحيحة، وها هي تتقدم اليوم لإنقاذ اليمن وتسعى لإنقاذ سورية من الارهاب والتدخلات الخارجية من قبل ايران وغيرها، مؤكدا أن الامير سعود شارك في صناعة السياسة الخارجية السعودية على مدى أربعة عقود، وجعل دورها محوريا في السياسات العربية والدولية.

وأشار إلى أن الراحل كان صادقا وحكيما وأمينا، إذا استطلعت رأيه في مشكلة أجابك الاجابة الصحيحة، مستذكرا قوله إن العرب في حالة خواء استراتيجي ولابد من استعادة التوازن الاستراتيجي في المنطقة والتأكيد على أمنها.

ولفت إلى التغول الايراني والتدخلات في سورية والعراق، ومحاولات تقسيم المجتمعات وضرب الدول، مضيفا: "أتشرف بالحديث عن الأمير سعود في هذا المنتدى، وعلينا أن نعمل قدر ما نستطيع، اقتداء به، على استعادة العروبة التي تجمع العرب وتشجع كل معاني التوسط والحرية والديمقراطية، والتي تؤمن بمشروعية التعدد ضمن الاطار الوطني للدول، وترعى حق الاختلاف وترفض نزعات الاختلاف والتكفير والتفتيش في ضمائر الناس".

واختتم السنيورة قائلا: "رحم الله الأمير سعود وأسكنه فسيح جناته وألهمنا الصبر والسلوان ونفعنا بجهوده وسياساته".

مناقب الفقيد

بدوره، تحدث الأمير تركي الفيصل عن مناقب الفقيد الذي أحبه ويترحم عليه الجميع، مثمنا مبادرة مجلس العلاقات بدعوة الراحل قبل وفاته بيومين، حيث قال فور إبلاغه بها: "سأفكر في الأمر بعد العيد" لكن المنية كانت أقرب إليه.

واستعان الأمير تركي في كلمته بحديث الراحل في الأمم المتحدة بعد الغزو العراقي للكويت عام ١٩٩٠، حينما قال إن "الكارثة أهمتنا، وعصفت بالمنطقة أحداث لم تكن على البال، ونلتقي اليوم من فوق هذا المنبر العالمي، يعتصرنا الألم لما تتعرض له دولة شقيقة هي الكويت، واستمعنا هنا قبل أيام للشيخ جابر الذي حمل في خطابه صورة حية للكارثة التي نزلت بالكويت وأثارت كلماته دموع الجموع".

وواصل في نقل حديثه: "نحن العرب في السعودية لا ننكث بالوعد ولا نرتضي بالوعيد، أخلاقنا الأصيلة ومبادئنا السمحة تدل علينا، ويؤلمنا أن تتحول الأنظار عن انتفاضة الشعب الفلسطيني، أما التزامنا نحو شعب فلسطين ليس وليد اليوم أو الأمس ولكنه كان من الوهلة الاولى للاحتلال، وسيستمر تلاحمنا إلى أن يكتب له النصر، والأضرار التي تسبب بها العدوان على الكويت بالغة ولها أبعاد إنسانية ليس على الشرق الأوسط فحسب بل على العالم كله".

وأضاف: "عندما غزا صدام الكويت، أدت هذه الفعلة النكراء بعالمنا العربي إلى ما نحن فيه الآن، ومسلسل الأحداث منتظم في خيط منسق حتى الأعمى يراها"، لافتا إلى أن هذه الكلمات تشهد على بعد نظر الراحل وثوابت إيمانه بدينه وعروبته.

وذكر أن الراحل كان صادق الكلمة واضح التعبير لا يوارب ولا يدلس، وتعلم من والده أن السياسة لا تعني النفاق بل هي قول الحق.

وتناول الحديث عن عدد من مواقف الراحل في عدة مناسبات، منها إبان الغزو العراقي وفي إحدى جلسات مجلس الجامعة لرأب الصدع بعد تدهور الأوضاع في سورية، وكذلك في مؤتمر القمة العربية بشرم الشيخ عندما فند ادعاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن وقوفه مع العرب، وكذلك أيضاً عندما شبه حال الأمة العربية بحالته الصحية في إحدى جلسات مجلس الشورى، فضلا عن تعليقه على أوضاع اليمن: "نحن لسنا دعاة حرب ولكن إذا قرعت طبولها فنحن لها".

رمز القيادة

من ناحيته، قال الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى: "لقد كان الراحل بالفعل رمزا لما يجب أن يكون عليه القائد العربي، أو المسؤول العربي"، مضيفا أن "الأمير سعود كان بالنسبة لنا جميعا نحن المواطنين العرب، رجلا أميرا يجمع بين الشهامة والمقدرة، والكياسة، والكبرياء، والترفع، والتواضع، نعم كان أميرا صاحب سمو أخلاقي أحبه الناس واطمأنوا لوجوده بينهم، وحزنوا بالفعل لفراقه".

وأشار موسى إلى أن الأمير الراحل قاد الدبلوماسية السعودية لأكثر من أربعة عقود من الزمن، وترك وراءه صرحا ضخما، ودبلوماسية نشطة، وسياسة فاعلة، وأعطى لصورة المملكة إطارا من الاحترام والتقدير. دبلوماسية يستطيع العرب جميعا أن يركنوا إليها وإلى كفاءتها خصوصا في زمن المتاعب والمصاعب والتحديات والأزمات.

واستطرد قائلا: "لقد عملت مع الأمير سعود منذ كنت دبلوماسيا صغيرا، فشاركته وأنا هذا الدبلوماسي، ثم شاركته وأنا سفير لمصر، ثم شاركته وأنا وزير لخارجية مصر، ثم وأنا أمين عام للجامعة العربية ثم وأنا سياسي مصري...... لم يغير معي تعامله أبدا، كان منذ البداية هو الشخص الودود، البشوش، أو كما نقول في مصر (الجدع)، المقدر لكل ما هو إيجابي، المبعد بكل ذوق وحذق وهدوء لكل ما هو سلبي".

وذكر أن الراحل كانت له قدرات على أن يمنح الجو العربي الصاخب دائما لحظات، بل فترات من الهدوء الذي يُمكِّن من الإنجاز ومن التوصل إلى التوافق في الرأي، لافتا إلى أن بسمته وبشاشته كانت تأسر كل زملائه بمن فيهم من كانوا يمثلون دولا ربما كانت في أزمة مع المملكة العربية السعودية وقتها، وكان يخصهم بإيماءات لا يستطيعون مقاومتها فتبدأ الأمور في اتخاذ منحى إيجابي في العلاقات.

ولفت إلى أن دبلوماسيته كانت طاغية حين طرح الراحل الكبير الملك عبدالله خادم الحرمين مبادرته للسلام وتسوية القضية الفلسطينية، إذ صاغ سعود مع الجامعة العربية هذه المبادرة، وتفاوض مع كل وفد عربي ليضمن مساندته الكاملة، وكانت مفاوضاته بالذات مع سورية ومع ليبيا متعة في حد ذاتها حتى وافق الوفد السوري وصمت الوفد الليبي.

وقال: "خضنا سويا معركة أخرى تتعلق بالمستوطنات الاسرائيلية والمفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية، وفي اجتماع خماسي ضم الأمين العام للأمم المتحدة ووزيرة الخارجية الأميركية ورئيس الدبلوماسية الأوروبية والأمير سعود وأنا؛ صك عبارته الشهيرة: إما المستوطنات أو المفاوضات، أما أن يكونا سوياً فهذا أمر غير منطقي وغير عملي ومن ثم مرفوض".

وأضاف: "كان الامير سعود هو الذي أعلن مبادرة شهيرة أراها لاتزال قائمة ولم يأكل عليها الدهر ولا شرب، وهي المتعلقة بتكامل العمل النووي العربي في إطار الاستخدامات السلمية للطاقة النووية بأن يكون هناك بنك عربي للأنشطة النووية يستند إليه كل نشاط عربي نووي سلمي ليستفيد منه الجميع ويتقدم به الجميع".

وقال موسى إن "كل هذه الأمور حببته إلى نفسي كثيرا، وأعتقد أنني كنت من بين أكثر من حزنوا عليه حزنا كبيرا... ولا أزال، كم كان ودودا معي، كان كلما يزور القاهرة حتى في شأن ثنائي يزورني في الجامعة العربية لنتحدث في مشاكل الساعة مع فنجان من القهوة".

واختتم قائلا: "رحم الله سعود الفيصل، وسيم المحيا... وهو تعبير أستعيره من بعض ما كتب الأمير تركي الفيصل عن أخيه، كان رجلا بكل معاني الرجولة، وأميراً بكل مضامين الإمارة".

إسماعيل: «التحالف» سيحسم المعركة في اليمن وعلينا بحث الحوار الوطني

«لا إجماع عربياً بشأن الوضع بسورية وهناك محوران متناطحان»

قال وزير خارجية السودان الأسبق، عضو مجلس العلاقات العربية الدولية، د. مصطفى اسماعيل، إنه رغم كل ما يحصل فإن هناك نقاطا تبعث على التفاؤل لحلحلة الوضع العربي، وعلى سبيل المثال عاصفة الحزم التي جاءت بمبادرة سعودية عربية خالصة دون تدخل دول أجنبية، وهذا مؤشر جيد على قدرة العرب على صنع قرارهم وحل مشاكلهم والدفاع عن أنفسهم، لافتا إلى ان هذا يؤكد قدرتهم على تحقيق الموقف الموحد وتأسيس محور مواجهة مع أي عدوان خارجي.

وأضاف أن سورية بها الآن مشروعان متناطحان بعكس اليمن التي فيها اتجاه واحد للحل، لافتا إلى أن الوضع في سورية بين محورين أحدهما يدعم وجود النظام السوري بزعامة روسيا وايران وربما بعض اطراف الحكومة في العراق، والآخر يرى ضرورة رحيل النظام والأسد.

وأكد أن «العرب في سورية غير موحدين، فبعضهم مع المحور الروسي، وبعضهم مع المحور التركي، وبالتالي لابد من توحيد الموقف العربي كما حصل في اليمن حتى نستطيع اتخاذ موقف موحد ينهي الأزمة في سورية».

الجارالله: دول الخليج ملتزمة بمسؤولياتها تجاه «السوريين»

«الكويت شريك رئيسي في المانحين 4... والقمة الخليجية ستركز على الإرهاب»

أكد نائب وزير الخارجية السفير خالد الجارالله التزام دول مجلس التعاون الخليجي تجاه قضية اللاجئين السوريين، قائلا «حددنا مسؤوليتنا من خلال الدعومات والمؤتمرات التي عقدت لمساعدة اللاجئين من خلال تنظيم 3 مؤتمرات تم عقدها واستضافتها بالكويت، فضلا عن مشاركة الكويت في التحضير والتجهيز لمؤتمر رابع بمشاركة الدول العربية ودول الخليج بداية العام المقبل برئاسة المؤتمر الرابع للمانحين السوريين».

وناشد الجارالله في تصريح للصحافيين على هامش حفل عرفان ووفاء وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل مساء أمس الأول بفندق شيراتون الكويت، المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته في دعم الأوضاع الإنسانية للاجئين، مؤكداً في الوقت ذاته أن دول الخليج لم تقصر إطلاقاً في دعم ومساندة اللاجئين السوريين، وستواصل تقديم الدعم.

وأضاف الجارالله «ورداً على سؤال حول مطالبة رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس دول الخليج باستقبال المزيد من اللاجئين السوريين، وتأكيده خلال تصريح أدلى به الأسبوع الماضي أن أوروبا لا تستطيع استقبال كل المهاجرين القادمين من سورية والذين يواجهون «كارثة إنسانية» في دول البلقان، قائلا: إن «الدول العربية متحملة مسؤوليتها الكاملة تجاه اللاجئين السوريين وتحديداً دول الخليج».

ورداً على سؤال حول مشاركة الكويت في تنظيم المؤتمر الرابع للاجئين وآليات المشاركة قال «تمت دعوة الكويت للمشاركة في المؤتمر وقبلنا الدعوة»، مشيرا إلى أن «الكويت ستكون شريكا رئيسيا مشاركا ضمن الرئاسة المشتركة مع الجانب البريطاني والنرويجي والألماني»، لافتاً إلى أن دور الكويت كرئيس مشارك في «المانحين 4» حيوي ومهم، باعتبارها استضافت ثلاثة مؤتمرات، وكانت مساهمتها فعالة في دعم الوضع الإنساني السوري.

وعن الاستعدادات للقمة الخليجية المقرر عقدها في النصف الأول من ديسمبر الجاري، وأهم الملفات المطروحة على جدول أعمالها قال الجارالله: «ستكون أهم ملفاتها الأوضاع التي تشهدها المنطقة»، لافتاً إلى أن ملف الإرهاب سيأتي على رأس أولويات ومواضيع القمة الخليجية، إضافة إلى مناقشة الأوضاع السورية، والأوضاع العربية الأخرى في اليمن، وليبيا، مؤكداً أن كل الأوضاع الملتهبة ستكون على رأس اهتمامات القمة الخليجية.

وأوضح أن القمة الخليجية والمجلس الوزاري تعرض عليهما اجتماعات كل اللجان الوزارية، الداخلية، والدفاع، والمالية، لاعتمادها من قبل القمة، مشيراً إلى أن إنجازات اللجان طيبة ومعبرة عن حيوية وآلية القمة العربية ومجلس التعاون في إنجاز قراراته.