من يحدد مدى تقلبات الأسواق؟

نشر في 14-11-2015
آخر تحديث 14-11-2015 | 00:01
تطوران أعادا تركيز المتداولين على اختلافات السياسة النقدية، أولهما إشارات السياسة والاقتصاد الأخيرة التي زادت احتمال قيام «الاحتياطي الفدرالي» في ديسمبر برفع معدلات الفائدة لأول مرة منذ عشر سنوات، أما الآخر فهو احتمال تحسين «المركزي الأوروبي» برنامجه المتعلق بشراء الأسهم .
 بلومبرغ • العواقب والذيول المالية للاختلاف الأوسع بين سياسات البنوك المركزية بشأن الدولار الأقوى والتقلبات الشديدة في الأسهم وفوارق الأرباح الأكبر بين أسعار السندات الحكومية في الولايات المتحدة وألمانيا، كانت تحدث بشكل متواتر خلال الأيام العشرة الماضية.

وكان ذلك هو الجزء الأسهل الذي يمكن التنبؤ به، ولكن من الأكثر صعوبة تحديد المدى الذي سوف تمضي اليه هذه الأسواق بعد ذلك، وتأثير تلك الخطوات على ما سوف تقوم به البنوك المركزية في ما بعد، وكيف سوف تكون ردة فعل الاقتصادات الحقيقية في الأجل القصير والطويل، ثم إن فهم السبب يمثل اهمية بالنسبة إلى وضع المستثمر ورسم السياسة على حد سواء.

العد التنازلي لمجلس الاحتياطي الفدرالي

تطوران أعادا تركيز المتداولين على اختلافات السياسة النقدية، تمثل أولهما في إشارات السياسة والاقتصاد الأخيرة، بما في ذلك التقرير المدوي حول الوظائف في الولايات المتحدة خلال شهر أكتوبر الماضي والتعليقات التي صدرت عن المصرفيين المركزيين، والتي زادت بشكل مادي من احتمال قيام مجلس الاحتياط الفدرالي في شهر ديسمبر برفع معدلات الفائدة لأول مرة منذ حوالي عشر سنوات، أما التطور الثاني فيتمثل في الإمكانية المتزايدة حول احتمال قيام البنك المركزي الأوروبي بتحسين برنامجه المتعلق بشراء الأسهم على نطاق أوسع، في ما يعرف بالتيسير الكمي، بما في ذلك تمديد مدته إلى ما بعد سبتمبر 2016.

وقد كان تصرف أسواق العملات والسندات متماشياً مع التحليلات المالية التقليدية، حيث ارتفعت قيمة الدولار حتى الآن في هذا الشهر بأكثر من 2 في المئة مقابل اليورو وفارق الربح بين سندات الـ 10 سنوات الأميركية والألمانية بحوالي 5 نقاط أساس وذلك في سياق الارتفاع الاجمالي لمعدلات الفائدة، ومن المرجح أن يشهد كلاهما تقدماً نحو الأمام مع فرض المزيد من الوضوح في السياسة على جانبي المحيط الأطلسي.

القواعد الأساسية

سوف تكون القواعد الأساسية أقل فائدة في التنبؤ بالأسهم وخاصة في ضوء ما تتلقاه الأسهم من دعم استثنائي من قبل سياسات البنك المركزي ومن المبالغ النقدية من الشركات الكبرى بصورة غير عادية.

وعلى الرغم من ذلك يتعين أن نتوقع حدوث درجة أكبر من التقلبات في أسعار الأسهم في الأسواق التي حصلت على مثل تلك السيولة الضخمة في السنوات الأخيرة، وخاصة من البنوك المركزية العالمية التي التزمت بعمل ما يتطلبه الوضع من أجل تحقيق ذلك الهدف، وليس مفاجئاً في هذه الحالة أن يحقق "في آي إكس" زيادة بلغت حوالي 17 في المئة في نوفمبر الجاري.

ما الذي سوف يحدث بعد ذلك، وكيفية تحقيق ذلك مهم الى حد كبير بالنسبة الى وضع المحافظ الاستثمارية، وللنظام المالي ولتقدم الاقتصاد، ولاسيما عندما تصل الى فكرة التقلبات المتفجرة.

وعلى الرغم من أن البنوك المركزية تتوقع – وتريد – مستويات أعلى من تقلبات السوق بشكل إجمالي فإنها لا تريد أن تشهد الكثير من الاضطرابات والقلاقل، وخاصة عندما يواكب ذلك المزيد من السيولة التي يتم توفيرها في الوقت الراهن من جانب الوسطاء – الوكلاء وغيرهم من سماسرة السوق، وتهدد الزيادة المفرطة في التقلب الأسلوب الذي يتبعه البنك المركزي من أجل تحقيق النمو عن طريق "القمع المالي"، كما أنها ستقوض الانتقال المؤقت من المكاسب الاقتصادية التي تحصل على مساعدة من السيولة لبلوغ نمو حقيقي.

توقعات «الاحتياطي الفدرالي»

وفي حقيقة الأمر، فإن حدوث ذلك الارتفاع الكبير في التقلب مثل ذلك الذي حدث في شهر أغسطس الماضي، والذي دفع "في آي اكس" فوق 40 نقطة سيرغم مجلس الاحتياطي الفدرالي على الأرجح على التخلي عن توقعات الارتفاع في شهر ديسمبر، ولكن التأخير سيدفع أيضاً الاحتياطي الفدرالي إلى التعويل على سياسات غير تقليدية لفترة أطول، وهو ما سوف يضاعف المخاوف المتزايدة حول عواقب غير مقصودة وأضرار مصاحبة ومتطابقة.

وباختصار، يمكن القول ان التنبؤ بمدى تقلبات السوق مسألة بالغة الصعوبة بسبب السياسة غير المحددة ومسارات السوق الناجمة عن الاعتماد الطويل من قبل البنوك المركزية وبصورة غير متوقعة على سياسة نقدية غير تقليدية، ومن الصعب أيضاً أن نشعر بالقدر الكافي من الثقة ازاء مستوى ومدى تأثيرات ذلك على الأنشطة الاقتصادية الحقيقية وأرباح الشركات، ولكن اذا اضطر مجلس الاحتياطي الفدرالي الى "تدخل زائد" على شكل جولة من خلال تأجيل تطبيع سياسته النقدية فإن الفعالية المستمرة لأسلوبه غير التقليدي سوف تصبح عرضة لضغوط متزايدة، وهو ما سوف يفضي إلى تاثير مدمر على النظام المالي.

بارقة الأمل الحالية

وتتركز بارقة الأمل الحالية في أن تفضي عملية تطبيع مجلس الاحتياطي الفدرالي، وما تتضمنه بالنسبة الى اختلاف وتشعب البنوك المركزية العالمية، الى تقلبات أعلى – ولكن ليست مفرطة – في أسواق الأسهم، والطريقة الأفضل من أجل تحقيق ذلك هي أن يقبل الكونغرس الأميركي أخيراً مسؤوليات حوكمة الاقتصاد الخاصة به، وأن يتقدم بسياسة أكثر شمولاً تتضمن إجراءات هيكلية مشجعة على النمو (بما في ذلك استثمارات البنية التحتية) وبسياسة مالية أكثر استجابة (بخلاف أسلوبه الحالي في التمديد والتظاهر) وادارة أكثر نشاطاً وفاعلية للجيوب الحالية للمديونيات المفرطة المعطلة، بما في ذلك سوق فروض الطلبة... ولكن لسوء الحظ فإن احتمالات حدوث ذلك متدنية جداً.

* محمد العريان | Mohamed El–Erian

back to top