يعتب علي بعض الزملاء والأصدقاء بأن مقالاتي أصبحت تعنى بالشأن الإقليمي والدولي أكثر من الشأن المحلي، وأرد بالقول إنه لا يوجد شخص يتناول الشأن العام ويحصر نفسه في فضاء حدود بلده فقط، خاصة في ظل عصرنا الحالي الذي ترتبط فيه الأحداث السياسية والاقتصادية حتى الاجتماعية بالشأن العالمي والإقليمي في عصر "العولمة" والاتصالات الإلكترونية اللحظية والعابرة للقارات وجميع الحدود.
كما أن ما يحدث في الإقليم حولنا ضخم وكبير ويعيد رسم المنطقة كلها، ومهما نملك في الكويت من قدرات مالية ووحدة وطنية واتفاقيات دفاعية، فإننا على نقاط تماس الحدث الكبير ولابد أن يؤثر على الكويت شئنا أم أبينا، وهذا ما شاهدناه في أحداث مسجد الصادق والخلايا الإرهابية التي ضبطت، إضافة إلى أن هناك بعداً إنسانياً وأخلاقياً يجعلنا نتناول ما يحدث للشعبين الشقيقين السوري والعراقي وبكل تأكيد القضية المركزية للعرب "فلسطين".وبعيداً عن العودة إلى استعراض الوضع الإقليمي مجددا، فما المواضيع المطروحة على الساحة السياسية الكويتية التي من المفروض أن نتناولها؟ بالطبع هناك العديد من المواضيع المهمة، ولكن البلد أصبح كله تياراً واحداً مسيطراً تقريباً، فمجلس الأمة الذي كان يشكل مطبخ الحدث المحلي في الكويت غدا منذ سنوات يحكمه توجه واحد موحد، ولا توجد فيه تيارات سياسية فاعلة ولا تجمع معارض مؤثر، ولا رموز تصنع الحدث وتصقله وتقدمه للحوار البرلماني والشعبي كما كان طوال الخمسين سنة الماضية. وأثبتت التجارب منذ 2013 أن ما يتفق عليه في الصالونات يتم التصويت عليه بالموافقة في القاعة دون عراقيل أو ممانعة حقيقية، والحكومة ومجلس الأمة "سمن على عسل" حسب التعبير المصري الشعبي، ويصدران إحصائيات بعشرات القوانين التي أنجزاها ويعتبرانها مكاسب يجب أن نقر بها، وخطط التنمية في عهدتهما يوجهانها كما يريدان وبنسب الإنجاز التي يعلنانها ويبصم عليها الجميع دون ممانعة أو مقاومة! والإصلاح الاقتصادي بدأ برفع أسعار الديزل الذي زاد التضخم والغلاء في الديرة، ورئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد في عقر دارنا تنفي صحة ما تتداوله حكومة الكويت عن وجود عجز لديها، ولكنها توصيها بالإصلاح الاقتصادي الجدي والصادق! وعلى مستوى مشاكل البلد الرئيسية من إسكان ومواصلات وصحة وتعليم ورياضة، فإن آلاف القسائم السكنية وزعت على المخططات، والقسائم الزراعية والحيوانية سلمت بالفعل! وزحمة البلد ستنتهي مع نهاية المشاريع، ومترو الكويت في المرحلة العاشرة من دراسات الجدوى!! ومستشفى جابر سيباشر العمل خلال عامين! والمدينة الجامعية 2022 ستستقبل طلابها ببوابتين منفصلتين واحدة للطلاب وأخرى للطالبات! وتوقيف الرياضة الكويتية ينتظر تسوية مؤقتة جديدة تدوم عدة أشهر قبل أن تعود القضية مرة أخرى إلى نقطة البداية من جديد! الحقيقة أن وضع الساحة المحلية في جمود، وحيوية الشارع السياسي الكويتي المعهودة في حال خمول، ويسود المشهد الرأي الأوحد المهيمن على كل شيء، وتتداول قوانين خطيرة تمس حرية الرأي مثل قوانين الإعلام الإلكتروني وخلافه، التي ستجعل الوضع يزداد تراجعاً في النشاط الشعبي والسياسي، ويزداد انغلاقاً على مجموعة محددة تدير الشأن العام الكويتي لم تعد تكترث بما يكتب في الصحف أو يتداول بالمنتديات العامة، بل إن بعضهم لم يعد يقرأ الصحف أساساً، لأن الأوضاع في البلد بالنسبة لهم "فوق النخل"!
أخر كلام
أوضاعنا فوق النخل!
29-11-2015