تصريحات الحكومة عن وجود معوقات أمام تنفيذ أكثر من 20 مشروعاً استراتيجياً ليست بالجديدة، فالمواطن العادي قبل المراقب والمتابع يدرك تماماً أن هناك تخبطاً في خطة التنمية وصعوبات تواجه الكثير من المشاريع الحيوية، والكل يعرف أن السبب وراء ذلك غياب التنسيق وتعقيد الإجراءات والدورة المستندية الطويلة وتداخل الاختصاصات وتنازع الوزارات والمؤسسات الحكومية في ما بينها، وهذا الأمر ليس متعلقاً بالمشاريع الكبرى فحسب، بل ينسحب على كثير من المعاملات التي تجدها مذيلة بعشرات التوقيعات، حيث إن من يريد إنشاء مشروع أو مصنع يتردد على كل الجهات الحكومية مرات ومرات للحصول على الموافقات.

Ad

وفي الوقت الذي تعترف فيه الحكومة بتعطل إنجاز بعض المشاريع التنموية وجدنا لديها في هذا العام المنصرم حماساً منقطع النظير لترسية مناقصات وتوقيع عقود مشاريع عملاقة بلغت كلفتها 31 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى فقط، رغم تدني الإيرادات النفطية وتسجيل عجز كبير في الموازنة بزيادة 20 في المئة عن قيمة العقود التي أرسيت خلال عام 2014، مخالفة بذلك الاتجاهَ السائد في المنطقة التي بدأت فيها الكثير من الدول وخصوصاً النفطية في تخفيف وتيرة المشاريع الكبرى أو تأجيلها إلى حين وضوح الرؤية في ما يتعلق بأسعار النفط.

وإذا كانت الحكومة في الماضي القريب ادعت أن مجلس الأمة السبب وراء تعطيل المشاريع التنموية بسبب التأزيم بين السلطتين فمن الذي يعرقل هذه المشاريع الآن في ظل التناغم والتوافق التام بين مجلس الأمة الحالي والحكومة وشهر العسل الطويل الذي يجمعهما منذ تشكيله، وحتى قرب انتهاء مدته القانونية؟ أليس غياب التخطيط السليم وتفشي الفساد وتغليب المصالح الخاصة على مصلحة الوطن؟ أليس بسبب بيروقراطية التفكير وعدم وجود رؤية مستقبلية لكثير من المسؤولين وعدم السعي إلى التطوير واتخاذ خطوات إصلاحية؟ أليس بسبب تهميش دور القطاع الخاص ووضع العوائق أمامه؟ أليس بسبب إبعاد الكفاءات وتغيير الوزراء، إذ لا يكاد الوزير يجلس على كرسيه حتى تتم إقالته أو تدويره.

ولعل ما يحدث في المجلس البلدي أيضاً يكشف لنا سبب تعطل المشاريع التنموية، حيث إن الخلافات بين الأعضاء وصلت إلى ذروتها بسبب تقليص عدد أعضاء اللجنة الفنية من 14 إلى 9، ومهما كانت منطقية أسباب المؤيدين أو الرافضين، فلا يجب أن يكون ذلك على حساب مصالح البلاد والعباد، حيث باتت جلسات المجلس مهددة بعدم الانعقاد بسبب عدم اكتمال النصاب ومن ثم تظل معاملات الحكومة والمواطنين حبيسة الأدراج، والسؤال الذي نوجهه إلى هؤلاء الأعضاء: متى ستصبح مصلحة الكويت فوق الجميع؟ ومتى نتجاوز تصفية الحسابات ونقبل بالديمقراطية والتوافق وترك الخلافات وعدم الدخول في مهاترات لا فائدة منها إلا تعميق الخلاف والجراح؟!

وفي الختام: إذا كانت الحكومة اعترفت بوجود معوقات أمام مشاريع التنمية، فماذا هي فاعلة لتذليل هذه المعوقات؟ وهل وضعت آلية للتدخل والمتابعة وحل المشاكل؟ وهل دعت وزاراتها إلى التعاون والتنسيق في ما بينها وتسهيل الإجراءات؟ وما الدور الذي تقوم به لجنة الإصلاح والتطوير التابعة للمجلس البلدي؟ ومتى ستحل مشكلات مشاريع مثل ميناء مبارك الكبير ومبنى مستشفى الأميري الجديد ومبنى مستشفى الفروانية الجديد ومستشفى جابر ومشروع توسعة محطة الصرف الصحي في منطقة صباح السالم وغيرها من المشاريع؟ نتمنى أن يكون العام الجديد 2016 أكثر إشراقاً على بلدنا الحبيبة الكويت، وكل عام وأنتم بخير.