ينتظر العالم ولاسيما أوروبا نتيجة تصويت اليونانيين على استفتاء يتعلق بقبول أو رفض مقترحات الدائنين بخصوص إجراء إصلاحات. وبينما التهديد كبير بانهيار مالي، يصعب توقع نتيجة الاستفتاء الذي قد لا يسفر عن تفويض واضح لتفاوض يتطلع إليه الدائنون لليونان.
فتحت مكاتب التصويت أبوابها أمس الأحد في اليونان لاستفتاء يتعلق بقبول الناخبين أو رفضهم للمقترحات الأخيرة التي طرحها دائنو البلاد (البنك المركزي الأوروبي، الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي) بخصوص اجراء اصلاحات.والسؤال التي توجب على نحو عشرة ملايين ناخب الإجابة عنه في هذا الاستفتاء هو: «هل يجب القبول بخطة الاتفاق التي طرحتها المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي في 25 يونيو؟». الأمر الذي سيمهد أو يعرقل تطبيق إجراءات تقشف إضافية مقابل الحصول على دعم دولي في استفتاء محفوف بالمخاطر من المرجح أن يحسم ما إذا كانت اليونان ستترك منطقة اليورو بعد معاناة اقتصادية استمرت سبع سنوات.وبينما البنوك موصدة أبوابها والتهديد كبير بانهيار مالي يصعب توقع نتيجة الاستفتاء الذي قد لا يسفر عن تفويض واضح لتفاوض يتطلع إليه الدائنون لليونان.عرض «مذل»واليونانيون انقسموا بشأن قبول عرض من الدائنين يصفه رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس بأنه «مذل» ويحث الشعب على رفضه، ويقول المستثمرون وواضعو السياسات الأوروبيون إن الرفض سيضع اليونان على طريق الخروج من منطقة اليورو ويزعزع استقرار الاقتصاد والأسواق المالية في العالم، وقال تسيبراس لعشرات الألوف من اليونانيين في تجمع للحشد بالتصويت بلا «يوم الأحد سنبعث جميعا برسالة للعالم فيها ديمقراطية وكرامة»، وسيكون التصويت على قبول ضرائب إضافية وخفض في المعاشات مثيراً للانقسام في أي بلد ولو في أفضل الأحوال.وفي اليونان يواجه الاختيار شعبا غاضبا منهكا يمر - بعد خمس سنوات من التقشف- بأسبوع فيه قيود على السحب النقدي المفروض لمنع انهيار النظام المالي للبلاد، وأصبح مشهد أرباب المعاشات الذين يحاصرون بوابات البنوك مطالبين بمستحقات نهاية الخدمة دون جدوى رمزاً للتراجع المثير لليونان خلال السنوات العشر الماضية، فقبل 11 عاما وفي الساعات الأولى من صباح الخامس من يوليو 2004 تدفق اليونانيون للشوارع واتحدوا احتفالا بتتويج منتخب بلادهم ببطولة أوروبا لكرة القدم. واليوم اليونان منقسمة والخوف سائد في مشهد لم تعرفه إلا نادرا.وقال سارافيانوس جيورجوس وهو مدرس في أثينا عمره 60 عاما: «هناك أجواء خوف. يمكنكم استشعار ذلك»، ويؤكد جيورجوس أنه سيصوت لصالح قبول عرض الدائنين.استطلاعات الرأيوأظهرت أربعة استطلاعات للرأي نشرت يوم أمس الجمعة تفوقا بهامش بسيط لمصلحة «نعم» بينما أظهر استطلاع خامس تفوق معسكر «لا» بنسبة 0.5 في المئة. وكل الفوارق في نتائج هذه الاستطلاعات تقع في هامش الخطأ.ويوافق يونانيون تملكهم الخوف على أن بلدهم قد حصل على صفقة جديدة تماما لكنهم يقولون إن البديل سيكون كارثيا بانهيار البنوك وعودة للعملة القديمة (الدراخمة).أما من يتعهدون بالتصويت بلا على رفع الضرائب أو خفض المعاشات مقابل مزيد من القروض فيقولون إن اليونان لن تتحمل تقشفا أكثر بعدما تسببت هذه السياسة في ارتفاع نسبة العاطلين إلى 1 من بين كل 4. ويؤيد هؤلاء تصريحات تسيبراس بأن أوروبا تمارس «الابتزاز» ضد اليونان.عملة أخرىوقال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتس للإذاعة الألمانية إنه سيتعين على اليونانيين طرح عملة أخرى إذا صوتوا بالرفض في استفتاء الأحد على صفقة لتقديم المساعدات في مقابل تطبيق إصلاحات.وقال شولتس في المقابلة التي جرى تسجيلها يوم الخميس وأذيعت أمس الأحد إنه إذا صوت اليونانيون بالرفض «فسيكون عليهم طرح عملة أخرى بعد الاستفتاء لأن اليورو لن يكون متاحا كوسيلة للسداد».وأضاف قائلا: «في اللحظة التي يطرح فيها أحد عملة جديدة يخرج من منطقة اليورو. هذه هي العوامل التي تمنحني بعض الأمل في أن الناس لن يصوتوا بلا».من جهته، اتهم وزير المالية اليوناني الدائنين بمحاولة «إرهاب» اليونانيين لقبول إجراءات تقشف وحذر من أن خسارة أوروبا ستكون مثل خسارة بلاده اذا أخرجوها من منطقة اليورو بعد الاستفتاء المرتقب على شروط صفقة إنقاذ اليونان.وبعد أسبوع عجزت خلاله اليونان عن سداد دين لصندوق النقد الدولي وأغلقت بنوكها وبدأت إجراءات لترشيد السحب النقدي صوّت اليونانيون أمس الأحد على قبول أو رفض شروط قاسية للدائنين الدوليين من أجل تمديد خطة إقراض حيوية سمحت حتى الآن لليونان بالاكتفاء الذاتي رغم ثقل الديون.العملة الأوروبيةوتحث الحكومة المنتمية لليسار على التصويت بلا، وتقول إن شركاء اليونان في الاتحاد الأوروبي يخادعون حين يحذرون أن ذلك سيعني خروج اليونان من نظام العملة الأوروبية الموحدة وما لذلك من تبعات لا يمكن توقعها على اليونان والاتحاد الأوروبي وعلى الاقتصاد العالمي.وأظهرت استطلاعات رأي نشرت نتائجها الجمعة تفوقا طفيفا لمعسكر «نعم» المؤيد لقبول شروط صفقة الإنقاذ لكن الفارق يقع ضمن هامش الخطأ، ويقول خبراء في استطلاعات الرأي إن الفارق بسيط جدا لدرجة يصعب معها التوقع.ولم يعلن سوى استطلاع رأي واحد تفوق معسكر «لا» رغم خروج 50 ألفا على الأقل من معارضي الاتفاق في مسيرة بوسط أثينا يوم الجمعة بدت أكبر بشكل ملحوظ من مسيرة متزامنة لمعسكر «نعم.»وقال مدرس اسمه إيرميوني تينيكيدو وعمره 54 عاما: «ما يطالبوننا بقبوله عبارة عن عبودية أبدية.»وقال وزير المالية الألماني فولفجانج شيوبله الذي تعد بلاده أكبر مقرض لليونان وأشد منتقديها إن الخروج المحتمل لليونان من منطقة اليورو ربما يكون مؤقتا فقط.وقال: «اليونان عضو في منطقة اليورو. لا شك في ذلك. الأمر بيد اليونانيين وحدهم ليقرروا البقاء في استخدام اليورو أو التوقف عن ذلك مؤقتا. من الواضح أننا لن نترك الشعب وحيدا».لكن من غير الواضح تماما كيف سيؤثر خروج مؤقت لليونان من منطقة اليورو التي تضم في عضويتها 19 بلدا. وأثار اقتصاديون فكرة التعليق المؤقت حيث يمكن لليونان التحول لاستخدام عملة وطنية لعدة سنوات إلى أن يستقر اقتصادها.خسارة اليونان وأوروباويقول شركاء اليونان الأوروبيون إن منطقة اليورو في وضع أفضل يمكنها من تقليل أثر خروج اليونان على دولها الجنوبية الهشة عما كانت عليه قبل سنوات حين تفجرت أزمة الديون. لكن وزير الخارجية اليوناني يانيس فاروفاكيس قال إن خسارة أوروبا ستتجاوز خسارة اليونان.وقال الوزير اليوناني في مقابلة مع صحيفة الموندو الاسبانية: «إذا انهارت اليونان فإن تريليون يورو (ما يعادل الناتج المحلي الاجمالي لاسبانيا) ستضيع. إنه مبلغ كبير للغاية ولا أعتقد ان أوروبا يمكن ان تسمح بذلك».وأكد فاروفاكيس أنه سيستقيل إذا صوت اليونانيون بنعم واتهم الدائنين بمحاولة إرهاب المصوتين بتحديد سقف لضخ أموال في البنوك اليونانية. وقال «ما يفعلونه مع اليونان له اسم هو: الإرهاب. لماذا يجبرونا على إغلاق البنوك؟ لترهيب الشعب. وعندما يتعلق الأمر بنشر الرعب فهذا يعرف بأنه إرهاب»وكتب فاروفاكيس في مقال بصحيفة كاتمريني اليونانية: «لن يكون للاتحاد الأوروبي أي أسس قانونية لإخراج اليونان من منطقة اليورو، حينها ستبدأ المفاوضات الحقيقية مع الدائنين».وتساهم اليونان بنسبة لا تتجاوز 2 في المئة من الناتج الاقتصادي لمنطقة اليورو لكن خروجها سيمثل انتكاسة هائلة لمكانة المشروع العملاق الساعي لدمج الأمم الأوروبية في اتحاد لا ينفصم.وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير لصحيفة «تاجشبيجل آم زونتاج»: «حتى إن تأقلمنا مع مثل هذا التطور فيما يتعلق بالسياسة المالية فإن خروج اليونان سيمثل إشارة كارثية للبلدان خارج الاتحاد الأوروبي، فسمعة أوروبا ومصداقيتها ستنهار في أجزاء من العالم».(وكالات)الزعيم السياسي الإسباني الصاعد يمتدح موقف أثيناأعلن بابلو إيجليسياس رئيس حزب بوديموس اليساري ذي الشعبية المتصاعدة في إسبانيا تضامنه مع الحكومة في أثينا.وقال إيجليسياس، في احتفالية بمدينة فيجو شمال غرب إسبانيا، إن حكومة اليونان أجابت بالديمقراطية على «استبداد» الدائنين، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس «أبدى الكثير من الشجاعة».وانتقد إيجليسياس في الوقت ذاته مجموعة الدائنين المكونة من المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي بشدة، واصفا إياها بأنهم حاولوا إفزاع الناس في اليونان وفي إسبانيا أيضا بإطلاق التهديدات. وكان حزب بوديموس اليساري «نحن نستطيع» حصل في الانتخابات الإقليمية التي جرت في الرابع والعشرين من مايو الماضي على نسبة كبيرة من الأصوات بصورة مفاجئة حتى في مدريد وبرشلونة.ويسعى إيجليسياس (36 عاما)، وهو مدرس للعلوم السياسية إلى منافسة الأحزاب التقليدية في إسبانيا خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة نهاية العام الجاري. وأكد إيجليسياس أنه في حال فوز حزبه فلن تهرول حكومة إسبانيا إلى بروكسل «لتقدم الشكر للقيصرة ميركل، وإنما للتفاوض وحسب»، على حد قوله.
اقتصاد
استفتاء اليونان... تقارب كبير بنسبة الفريقين وضبابية بالتوقعات
06-07-2015