بالطبع... إن الإسرائيليين يزدادون دموية ووحشية وعنفاً عندما يسمعون وزير خارجية أميركا جون كيري يصف الأطفال الفلسطينيين، الذين يدافعون عن أنفسهم وعن أمهاتهم وأخواتهم... ووطنهم فلسطين بسكاكين المطابخ، بأنهم "إرهابيون"، وهذه السياسات "الحولاء" التي تنظر إلى ما يجري في هذه المنطقة بعيون إسرائيلية- صهيونية هي التي جعلت وتجعل إسرائيل تتمادى كثيراً في اضطهاد الشعب الفلسطيني، وتتمادى كثيراً في إهانة العرب... وفي مدِّ لسانها القذر في وجه العالم ووجه الرأي العام العالمي كله.

Ad

كان على "العبقري" جون كيري قبل أن يطلق تصريحاته "الحولاء" هذه، وقبل أن يداهن إسرائيل ويتملقها بهذه الطريقة المعيبة والمخجلة، أن يتذكر أن الجيش الإسرائيلي الموجود في الضفة الغربية وفي القدس الشرقية والذي يطوق غزة ويحتلها عمليّاً هو جيش محتل، وأنه من حق الشعب الفلسطيني أن يقاوم هذا الاحتلال الغاشم، الذي هو آخر احتلال في الكرة الأرضية، ليس بـ"سكاكين" المطابخ وبالحجارة والعصي فقط، بل أيضاً بالرصاص والقنابل والمتفجرات وبالمدافع... وبكل شيء.

 لماذا يا ترى يعتبر الأميركيون، ومعهم الغرب كله، مقاومة الفرنسيين للاحتلال النازي لبلادهم... بطولات خارقة وعملاً مشروعاً ومقدساً ويعتبرون دفاع الأطفال الفلسطينيين عن أنفسهم ووطنهم... بـ"سكاكين" المطابخ وبالحجارة و"المقاليع" إرهاباً مرفوضاً ومداناً... لماذا هذا الكيل بمكيالين وعدم النظر إلى مثل هذه الأمور من زاوية عينٍ منصفة واحدة؟!

إن المؤكد أن كيري وغيره من الساسة الغربيين والأميركيين يعرفون أن إسرائيل لا تعتبر ولا تقرُّ ولا تعترف بأن الضفة الغربية والقدس الشرقية أرض فلسطينية محتلة، وأنها، أي إسرائيل، تعتبر أن الفلسطينيين في هاتين المنطقتين مجرد جالية غريبة أجنبية في أرضٍ إسرائيلية... وهذه هي المشكلة الأولى، كما أن الانحياز الأميركي الأعمى لهذه الدولة المحتلة ولاحتلالها هو المشكلة الثانية، وهذا ما يدفع الشعب الفلسطيني إلى الدفاع عن ترابه الوطني، وعن نفسه بـ"السكاكين" وبالحجارة وبـ"المقاليع" وبأسنانه.

 ولِعلم السيد جون كيري وعلْم مَن يريد أن يعلم ويعرف المزيد أن إسرائيل كلها، بحدودها المفروضة على الشعب الفلسطيني وعلى أهل هذه المنطقة بالقوة وبالانحياز الأميركي، هي مجرد "غيتو" كبير على غرار "غيتوات" اليهود في ألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية... ولذلك فإنه لا مستقبل لها في هذه البلاد، إن هي بقيت تتصرف بهذه الطريقة، وإن هي لم تذعن لحقائق الأمور وتعترف للشعب الذي تحتل أرضه ووطنه التاريخي، ولو بنسبة 22 في المئة من هذه الأرض ومن هذا الوطن... أي الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية.

 وأيضاً لِعلْم جون كيري وعِلم مَن يريد أن يعلم ويعرف المزيد أن إسرائيل كلها... بكل أحزابها تعتبر أن أي "سلام" تبرمه مع أي طرف عربي أو دولة عربية هو مجرد هدنة مؤقتة، ولذلك فإنها، حسب موقع "نيوز1" الإسرائيلي، لا تزال تحسب حساب اندلاع حرب نووية بينها وبين مصر، ولذلك فإن مسؤولاً سابقاً في "الموساد" قد قال: "في حال اندلاع حرب مقبلة مع مصر فإن الخيار الأكثر احتمالاً هو تدمير السد العالي وإغراق كل الأراضي المصرية"!

 إن هذه هي مفاهيم وعقلية الذين يحكمون في إسرائيل الآن وسابقاً، والمؤكد لاحقاً، ولذلك فإن هناك هذه الأساليب "النازية" التي تتعامل بها مع الأطفال الفلسطينيين ومع الشعب الفلسطيني، ومع اتفاقيات كامب ديفيد، واتفاقيات أوسلو... وأيضاً مع اتفاقية وادي عربة.