قالت مصادر مقربة من القوات المسلحة العراقية، إن واشنطن تقوم بأكثر من مناورة لإجبار الحشد والفصائل الشيعية المقربة من طهران، على الابتعاد عن المدن ذات الغالبية السنية، في مستوى جديد من الاصطدام بين الدورين الأميركي والإيراني في الحرب ضد «داعش».

Ad

وذكرت المصادر أن الحشد ينسحب من المناطق السنية، خصوصا محيط الرمادي غربا، وبيجي شمالا، لأنه يسجل ارتفاعا كبيرا في ضحاياه، ما أدى بالقيادة العسكرية التي تعمل مع مستشارين إيرانيين، الى سحب «قوات النخبة» التي هي في الغالب كتائب جرى تدريبها في إيران، والإبقاء على متطوعين أقل أهمية مقربين إلى الأحزاب الشيعية المعتدلة.

ويبدو أن هذا جاء بعد أن بدأت أميركا تقلص الغطاء الجوي اللازم، بهدف الضغط على القيادات الشيعية في أكثر من مجال، حسبما تذكر المصادر، مشيرة الى ان أهم الضغوط تتعلق بتذكير الشيعة بالاتفاقات السياسية السابقة التي جرى تناسيها مثل تأسيس ما يعرف بالحرس الوطني لتسليح المتطوعين السنة، والقبول بقوة دفاع ذاتي تكون في طليعة القوات التي ستقتحم المدن المحتلة من «داعش» في المنطقة السنية.

ويحاول الأميركان عبر هذا إجبار بغداد على الخطة القديمة التي تمنح للسنة دورا كبيرا، والتخلي عن خطة طهران المتشككة من مشروع تسليح السنة، لكن المطلعين على مشاكل تشريع القوانين والتعليمات ذات الصلة، يقولون إن المشكلة الآن ليست سياسية وإدارية وتشريعية فقط، بل لا أحد لديه إجابة عن سؤال: من سيتحمل تمويل هذا التشكيل السني شبه النظامي؟ ذلك أن أميركا لم تخصص أموالا كافية، إذ اعلنت سابقا تخصيص نحو 700 مليون دولار كمساعدة تدريب وتجهيز وهو رقم لا يعني شيئا في طبيعة المواجهات الجارية مع «داعش»، كما أن العراق يمر بأزمة مالية عميقة بسبب وضع أسواق النفط، تعقد عملية التمويل.

النتيجة الأساسية لهذا كما يعتقد أكثر المراقبين، هو تأجيل كل ما يتعلق بتحرير الرمادي، فضلا عن الموصل، إذ إن واشنطن تمنع الحشد الشعبي من المشاركة في العمليات، والجيش العراقي سيبقى عاجزا بمفرده، كما أنه لا توجد خطة عملية تضمن ظهور قوات سنية جاهزة في وقت قريب، ومن المستبعد جدا أن تغامر إدارة باراك أوباما بإرسال قوات إضافية عدا نحو 3 آلاف ضابط ومستشار يعملون مع القوات العراقية.

ورغم أن الإيرانيين مستاؤون من القيود الأميركية على حركة الفصائل الشيعية، فإن هذه الفصائل تبدو مرتاحة عبر خطابها الموجه الى الجمهور، إذ كان مؤيدوها يتوقعون تحقيق «نصر قريب» في الأنبار على الأقل، بينما فشلت الميليشيات في تحقيق تقدم يذكر، لكنها باتت الآن قادرة على تبرير عجزها، عبر ترديد أن واشنطن منعت الحشد من تحرير الأراضي العراقية!