وصلني إهداء قيم من الزميلة بجريدة "عرب تايمز" الأخت الأستاذة انتصار المعتوق، لكتابها الجديد "أيقظني ولكن بهدوء"، لذا أتقدم لها وللأستاذ زكي طالب في "عرب تايمز"، بجزيل الشكر والامتنان لهذه الهدية المعتبرة، فما أجمل أن تكون الهدية كتاباً.  الكتاب صادر من "دار المبدأ" التي يملكها ويديرها الأستاذ الأديب الشاعر مبارك بن شافي، وهذه أول إشارة إلى جودة الكتاب، فالدار التي يملكها ويديرها أديب، لا يمكن أن تنشر إلا الكتب ذات الجودة العالية. ولأن المكتوب من عنوانه، ولأن الانطباع الأول ذو تأثير على القارئ، فقد بدأ الكتاب بهذه الكلمات: "إن لم تكن من المصلين فلا تهدر المزيد من الوقت في البحث عن ذاتك أو سعادتك لأن الصلاة هي الانطلاقة الأولى للنجاحات الحقيقية"... فهل هناك ترحيب أدبي راقٍ بالقارئ وتحفيز له على قراءة الكتاب أفضل من ذلك؟

Ad

الكتاب مكون من عدة موضوعات قريبة من شكل المقال، وفيها بعض أدوات القصة القصيرة، كُتِبت بسلاسة على نسق مرتب بشكل مريح للقراءة.

الفكرة العامة للكتاب قد تكون نادرة، فقراء هذه الأيام تعودوا على كتب متخصصة بتنمية الذات، وأكثرها يعرض أفكاراً قد لا يلم بها الكثير، وحتى أبين أكثر، فإن أغلب كتب تنمية الذات هي في الحقيقة مترجمة، قد تنفع في بيئتها الأصلية أكثر، غير أنني قرأت في هذا الكتاب نماذج غارقه في المحلية، مفهومة الطرح، نماذج نلتقي بها يومياً، حيث تطرح الكاتبة عدة شخصيات، من قلب المجتمع، وتزيل عنها مساحيق التزيين، وتظهرها على حقيقتها، عبر طريقة عرض سهلة الفهم، إذ تعرض الشخصية، ثم تدخل في مساراتها الداخلية، وتظهر الحسن والسيئ بها، ثم تضع الفكرة المطلوبة بطريقة لا تخلو من إبداع العرض، والحبكة الكتابية.  الشئ الجديد في هذا الكتاب، أنه يدمج عدة مفاهيم في خلطة توعوية متكاملة، فبينما يندر التركيز على ترسيخ الثوابت الشرعية في عدة كتب مماثلة، نجد الوجبات التوعوية مغلفة بغلاف شرعي، سهل الرؤية متداخلاً بذكاء في الفكرة الأساسية، وهنا الأهم، فعقيدتنا الإسلامية هي رأسمالنا.  من المواضيع التي راقت لي موضوع: "كيس من هذا؟!" الذي أنقل منه هنا فقرته الأخيرة: "الكلام لا ينتهي مفعوله بمجرد أن نغلق أفواهنا، بعض الكلام يستودع في كيس، ومقدر على هذا الكيس أن يدور بين الناس، ثم يعود إلينا محملاً بالمزيد، لينسكب فوق رؤوسنا، فلننتبه إلى ما نضعه فيه من كلام، افهم جيداً أن انطباعك عن الآخرين له أصل يبدأ من داخلك، ويمتد من انطباعك عن نفسك، احذر وأنت تصف الآخرين، أو تحدثهم، ففمك في وجهك: نعم، ولكن في الواقع أنت ترسم نفسك بلسانك أمامهم، وهذا تذكير مهم".  أما الغلاف الأخير للكتاب فكتبت عليه خاتمة لافتة "إنه إليك أيها الجالس على أنفاسه أنهكه التعب، أيها الرائع المغمور برائحة العتب، الحياة ليست مجرد لقب، ليست بالغضب، الحياة فرح وفضاء رحب".

باختصار، الكتاب فريد، ومتعدد المواضيع ويستحق القراءة، سعدت بقراءته، واستفدت من عدة أفكار وردت به، وأتمنى التوفيق للمؤلفة التي أثرت المكتبه الكويتية بهذا الكتاب المتميز، وخالص شكري لها على إهدائها الكريم، وإلى مزيد من الإنجاز بإذن الله.