عاشت الجالية المصرية في الكويت أياماً اتصفت بالغضب نتيجة لمصرع أحد أبنائها دهساً وإصابة آخر تحت سيارة مواطن شاب صغير السن، وهو حادث يقع ليس بين أبناء الجنسيات المختلفة فقط، بل بين أبناء العائلة الواحدة، غير أن ما أثار مشاعر الغضب هو طريقة دهسه المفجعة، ولكن يبقي من هذا الحدث بعض النقاط يجب أن تؤخذ في الاعتبار، حتى لا تتكرر الأحداث والفتن.

Ad

أولى النقاط السلبية في هذا الحدث هو تأخر بيان "الخارجية" المصرية، ممثلة في السفارة، وتقاعسها عن التواصل مع أبنائها بالكويت، مما جعل الحدث يتحول إلى قضية رأي عام، تم فيه تبادل الاتهامات نتيجة لتعصب كل من الطرفين لجنسيته، متناسين أن كل ما يحدث لابد أن ينظر إليه من منظور إنساني إسلامي، لا من منظور الجنسية الضيق، لأن ما حدث، سواء للكويتية وطفلتها والمصريين مرفوض، ومنهي عنه دينياً وقانونياً، فكان ينبغي على وسائل التواصل التركيز وسرعة التواصل ومحاولة احتواء المواقف بشكل أسرع وأكثر إيجابية، وربما الجانب الأكبر من المسؤولية يلقى على الجانب المصري، لأن المصريين بشكل عام في حالة عدم رضا عن أداء سفارتهم، وعلى السفارة إدراك النقاط السلبية ومحاولة معالجة السلبيات بشكل جاد وسريع، لا بالشكل الذي نراه، وكم حذرت في مقالات سابقة من خطورة وضع الجالية المصرية بالكويت، سواء على المستوى المصري أو الجانب الكويتي، لأن وزارة الداخلية بدات تعاني بعض السلبيات بسبب عدم تناسب التمثيل القنصلي المصري مع عدد الجالية، فهنا يجب التنسيق بين الجانبين للقضاء على السلبيات.

أما في ما يخص الغضب الشعبي المصري، فقد يكون بعضه مبرراً نتيجة لشعورهم بالتجاهل من قبل سفارتهم وبشاعة الحادث، ولكن غير المقبول هو تحويل الحادث إلى حالة سخط تجاه الشقيقة الكويت، لاسيما أن الجانب الحكومي الكويتي أدى دوره بشكل محايد وسريع، رغم اعتراض البعض على جزئية الترحيل السريع لبعض الوافدين دون تحقيق أو تمكينهم من الدفاع عن أنفسهم، وهنا كنا نتمنى من الجانب الكويتي إمكانية التروي في هذا القرار، مع احترام حق الكويت في الحفاظ على أمنها الذي ليس لأحد حق الاعتراض عليه.

وما يجمعنا كلنا أننا جميعاً نريد الحفاظ على الكويت الحبيبة وعلى أمنها، الجميع يريد ذلك، الوافد قبل المواطن، لأنها قدمت له وما زالت تقدم الكثير بشكل عام من عمل وأمن وعلاج وتعليم، قد يفتقدها في بلده، وإذا كانت هناك بعض السلبيات، فنحن لسنا في مجتمع ملائكي، ولكن مقارنة بما نعانيه في بلادنا، فالحال هنا أفضل بكثير، لكن ذلك ليس مبرراً لأي ظلم قد يحدث له.

أما عما نال الوافدين من اتهامات من بعض أبناء الكويت، فالوافد عامل مهم وأصبح جزءاً من الكويت لما يقدمه من عمل وبناء لها، فهو العامل والمدرس والطبيب والصيدلي والمهندس والمحامي وأستاذ الجامعة، شريككم في السراء والضراء، إن حدث لها ـ لا قدر الله ـ أي مكروه تألم، وإن عمرت سعد واستفاد، فأشركوه معكم في حب الكويت، لا تجعلوه يحقد على أحد بسبب سوء تقدير دوره أو سوء معاملته، ولا تنسوا أنه إنسان ولديه معاناته في الاغتراب عن وطنه، وله همومه الخاصة في ظل ظروف اقتصادية صعبة يمر بها العالم، وقد يكون دخله لا يتناسب مع مصروفاته، فيتحمل ما لا يطيق من ضغط عمل مضاعف من أجل توفير نفقاته، فيكون سوء المعاملة وظروفه الصعبة سبباً لانفجاره ليخرج أسوأ ما عنده، فلتحتووه بالمعاملة الحسنة، ومعظم أهل الكويت كذلك، والحمد لله، يفعلون ذلك.