يرصد «بين ذراعيك» قصة إنسانية قاهرة مع كمية لا بأس بها من الميلودراما حول ممرضة تساعد بالموت مريضاً يعاني داء عضالاً ويعيش في دار رعاية للخلاص من عذابه الذي ينهش جسده. فبعدما فشل في الانتحار أكثر من مرة، قرر بطل الفيلم «نيلز» إجبار أمه على إنهاء إجراءات ذهابه إلى سويسرا في إحدى الجمعيات المساعدة للموت الرحيم، وهو أمر يرفضه شقيقه وتعجز أمه عن مرافقته، وتقبله الممرضة ماريا والتي تربطها به علاقة إنسانية شديدة الخصوصية.

Ad

 توافق الممرضة طواعية على مرافقة المريض لإنهاء هذه المهمة شديدة القسوة، ويساعدها على ذلك كونها شخصية تعشق تعذيب ذاتها. فرغم ما يظهره بعض المشاهد من رغبتها إلى الحرية، نرى حياتها التي استعرضتها الحوادث تؤكد أنها مستسلمة تماماً للوحدة والحزن. باختصار، هي النموذج الأمثل لتحقيق حلم جسد يتوق إلى الخلاص من عذابه لتنعم روحه بالحريه والتي لطالما حلمت بها.

جاءت لحظة الرحيل عناقاً بالروح لا الجسد على أنغام موسيقى المريض المفضلة، لتنتهي، أو ربما، تخلد قصة حب صامتة لم يمهلها القدر أي فرصة للتتويج، وهكذا جاء الفيلم أقرب إلى أنشودة إنسانية تطرح نظرة خاصة إلى الحياة، فبينما تخلص الممرضة جسد المريض من عذابه يمنح هو روحها الحياة.

أما «القلب الصامت» فعبر 97 دقيقة يستعرض المخرج مأساة أم شفاؤها مستحيل، قررت أن تضع حداً لعذابها بمساعدة زوجها الطبيب، غير أنها تطلب من عائلتها وصديقتها الوحيدة والذين اقتسمت معهم لحظات الفرح والسعادة أن يمنحوها وداعاً حميمياً يليق بكل الحب الذي منحته لهم طوال حياتها، ورغم قبولهم قرار الأم قهراً لا اختياراً، تكاد ابنتها الكبرى أن تفسد المخطط لولا تدخل شقيقتها الصغرى المدللة في اللحظات الأخيرة لتمنح أمها لحظة خلاص اشتاق إليها جسدها من فرط العذاب، فيما الأم تواصل تعليم الجميع الكثير من معاني الحب وآخرهم حفيدها.

ورغم موت الأم فإن مشاعر الحب والدفء والحميمية التي منحتها لهم في لحظاتها الأخيرة تقرب المسافات وتذيب الكثير من الخلافات بين الجميع، لتخلق حياة أخرى أكثر سعادة يعيش بظلها الجميع.

«الرعاية المنزلية}

من «التشيك» موت آخر وحياة تتواصل من خلال فيلم «الرعاية المنزلية} للمخرج سلافيك هوراك حيث تستعرض الأحداث قصة فلاستا الممرضة المختصة في الرعاية المنزلية والتي تعيش لأجل زوجها لادا وابنتها ومرضاها، تشع بهجتها في كل من حولها، حتى مأساة مرضاها ونوباتهم المزاجية الحادة بكل مرضهم لا تنتقص من بهجتها أو تمحو ابتسامتها التي تواجه بها المآسي. عندما تكتشف مأساتها الخاصة وإصابتها بسرطان الكبد في مراحله المتأخرة تسعى إلى تخليص روحها من العذاب عبر الطب البديل وجلسات الطاقة، وذلك بعدما أيقنت عدم قدرة الأدوية والعلاج في خلاص جسدها من عذابه، وقبل أن تنتهي حياتها تصر على أن تمنح عائلتها وأصدقاءها أجمل اللحظات والذكريات ليواصلوا من بعدها الحياة.

المخرج أوضح في ندوة أعقبت عرض الفيلم أن الأخير مقتبس من واقع حياة والدته، حيث كانت تعمل ممرضة للرعاية المنزلية، ورغم أنها لم تصب بالمرض فإنها كانت تمنح ولا تزال طاقة مذهلة للحب والعطاء كل من حولها والبهجة والدفء. حتى إن المخرج عمد إلى تصوير المشاهد في بيتهم الحقيقي.

نتعرّف إلى حياة أربع شقيقات في الفيلم الياباني «أختنا الصغيرة» للمخرج هيروكازو كوريدا، حيث تعيش ثلاث شقيقات معاً في بيت كبير، وعندما يموت والدهن الذي تغيّب عن منزل العائلة طوال 15 عاماً، يسافرن إلى الريف لحضور جنازته، ومقابلة أختهن غير الشقيقة المراهقة الخجولة. فيدعونها للعيش معهن، لتبدأ الشقيقات الأربع في اكتشاف حياتهن الجديدة.

ويرصد الفيلم الصربي «أرض محاصرة» للمخرج جوران رادوفانوفي، حق الطفل في حياة طبيعية لا دخل له في تعقيدها وصعوبتها، وذلك من خلال طفل يدعى نيناد يعيش في منطقه تكاد تخلو من الصرب، ما عدا والده وجدته المريضة والقس الأرثوزوكسي، ومدرِّسة في الثلاثين من عمرها، هؤلاء هم كل الصرب في قرية يسكنها مسلمون، وكل يوم توصل سيارة حفظ سلام عسكرية نيناد من مزرعة والده إلى مدرسته، لنكتشف أنه التلميذ الوحيد فيها، ويظل يحلم بأن يلعب مع أطفال في عمره ولكنه الحلم الذي يبدو مستحيلاً.