يشهد قطاع العقار التجاري حاليا طلبا متزايدا خاصة على المكاتب الإدارية والأدوار، ويرجع ذلك إلى عوامل عديدة، منها فتح المجال للشركات الأجنبية لمزاولة أعمالها في السوق المحلي، وفتح المجال أمام صغار المستثمرين واستقبال مبادراتهم، بينما يتوقع بعض العقاريين أن يشهد القطاع التجاري خلال الفترات المقبلة موجة ارتفاعات وانتعاش، إذ إن العديد من المستثمرين بدأوا مفاوضات مع أصحاب العقارات التجارية لتأجير المكاتب الإدارية.

Ad

وتتجاوز نسبة الإشغال حاليا في المكاتب الإدارية والأدوار في الأبراج التجارية 85 في المئة، ويرتفع الطلب لاسيما في المكاتب التي تقع بمنطقة العاصمة، كما أن هناك ظاهرة نزوح من العقارات التجارية القديمة إلى الجديدة، طمعا في الحصول على خدمات أفضل من مواقف السيارات والتشطيبات العالية، إضافة إلى وسائل الأمان.

وتشكل الهيئات والمؤسسات الحكومية نسبة كبيرة من ذلك الاشغال، إذ إن العديد من الهيئات، خاصة التي تم إنشاؤها مؤخرا، قامت بالتأجير في الأبراج التجارية، إضافة إلى الإدارات التابعة لبعض وزارات الدولة، بل إن هناك جهات حكومية قامت بتأجير بنايات استثمارية وتجارية بالكامل.

ويقول عدد من العقاريين إن هناك نموا لافتا في تأجير الجهات الحكومية للعقارات التجارية، مشيرين إلى أن نسبة كبيرة من إيرادات بعض العقارات التجارية تأتي من قبل الجهات الحكومية.

وأضاف هؤلاء أن هناك اكثر من 20 جهة تابعة للدولة مؤجرة في الأبراج والبنايات الاستثمارية، موضحين انه لا توجد أرقام رسمية حول نسب إشغال تلك الجهات للأبراج التجارية، حيث إن القطاع العقاري يعاني نقص المعلومات سواء على الأسعار أو نسب الإشغالات وغيرها من المعلومات التي يمكن الاستناد إليها.

بناء الأبراج

وأوضح العقاريون أن تأجير الجهات الحكومية يخلق توازنا في القطاع التجاري، ويساعد الشركات على تغطية التزاماتها، ومن ثم تسديد ديونها للجهات التمويلية، بينما يخالفهم البعض بقوله إن التأجيرات الحكومية ترفع نسبة التشغيل والأسعار، ومن ثم تتضرر الشركات الأخرى المؤجرة جراء ارتفاع سعر المتر.

وأفاد بأن الافراط في عملية بناء الأبراج سيخلق حتما أزمة في المستقبل، داعين إلى ضبط عمليات البناء، للمحافظة على القطاع من أي هزات مستقبلية كما حدث خلال الأزمة العالمية عام 2008، مؤكدين أن السوق حاليا بحاجة الى بناء عدد من العقارات لاستيعاب الطلبات والموازنة بين العرض والطلب، إضافة إلى تخفيف العبء على العقارات الاستثمارية التي يتم تأجيرها لأصحاب النشاطات الاستثمارية والمكتبية.

أزمة القطاع التجاري

وكانت العقارات التجارية شهدت أزمات، بعد أن تأثرت العديد من الشركات المحلية على كل القطاعات العاملة بها جراء الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، إذ ارتفع المعروض وقل الطلب، وانخفض سعر المتر التأجيري بالنسبة للمكاتب الإدارية، بينما طالب العديد من العقاريين الحكومة آنذاك بالتدخل لإنقاذ القطاعين المكتبي والتجاري، عن طريق التأجير وإشغال المساحات الشاغرة في الأبراج. وزاد البعض إن من المشاكل التي مر بها القطاع التجاري دخول الكثير من الشركات العقارية للاستثمار في هذا القطاع خصوصا، ما نتج عن زيادة نسبة الأبراج، وتعثر بعض الشركات في فتح خطوط ائتمان مع الجهات التمويلية آنذاك.

نسبة الإشغال

وواجه العقار التجاري خلال تلك الفترة أزمة ركود وجمود وانخفاضات في سعر المتر التأجيري، حيث كان يتراوح قبل تلك الفترة بين 9 و14 دينارا، وانخفض ليصل إلى ما دون 6 دنانير تقريبا.

ولم يتجاوز الإشغال في العقارات التجارية عام 2012 ما نسبته 58 في المئة، في حين همت الحكومة تدريجيا منذ ذاك الوقت بالتأجير في الأبراج، وإشغال نسب كبيرة من المساحات المكتبية، فضلا عن إنشاء أكثر من هيئة خلال فترة قصيرة لكل منها مهام معينة، حيث قامت معظم، إن لم يكن جميعها، بالتأجير في الأبراج التجارية.

تعافي القطاع المكتبي

ثم تعافى القطاع المكتبي من أزمته تدريجيا، حيث ارتفع الطلب وأصبحت هناك مفاوضات عديدة لتأجير المكاتب والأدوار، ثم أثر ذلك إيجابيا على سعر المتر الذي أخذ في الارتفاع ليصل إلى مستويات مرضية لأصحاب العقارات التجارية.

ويتراوح سعر المتر حاليا للمكاتب الإدارية في الأبراج الحديثة الواقعة في العاصمة بين 10 و12 دينارا، أما في العقارات القديمة فيتراوح بين 7 و8 دنانير، ومن المتوقع ان ترتفع تلك الأسعار في ظل استمرار الطلب المتزايد على المكاتب وقلة المعروض.

وتعتبر العقارات التجارية ونسب إشغالها والقيمة الإيجارية مرآة لاقتصاد الدولة، إذ إنه في حال تحسن أداء الشركات العاملة في السوق المحلي، واصبح هناك نشاط اقتصادي، فسينتعش هذا القطاع بالتحديد، والعكس صحيح، حيث انه عند حودث اي ركود اقتصادي سيلقي بظلاله على هذا القطاع بالتحديد.

«التجاري» يتصدر

وتؤكد التقارير الاقتصادية المهتمة بشأن العقاري المحلي أن القطاع التجاري يتصدر القطاعات العقارية الأخرى من ناحية العوائد، خلال النصف الأول والربع الثالث من العام الجاري، مشيرة إلى أن الكثير من العقارات الاستثمارية خصصت جزءا من مساحتها لأصحاب النشاطات المكتبية والاستثمارية، مثل المحاماة وصالونات التجميل وغيرها.

وذكرت العديد من التقارير أن جميع العقارات بأنواعها انخفضت أسعارها خلال النصف الأول باستثناء العقار التجاري، وانه مازال هناك طلب كبير من قبل المستثمرين، سواء على المكاتب الإدارية أو على قطاع التجزئة.