خطاب الرئيس باراك أوباما الذي وجهه إلى "الأمة" من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، هو الثالث له منذ توليه الرئاسة الأميركية قبل نحو سبع سنوات.

Ad

ولا تعكس أهمية الخطاب فقط قلق الرئيس من انعكاسات الهجوم الإرهابي الذي وقع في كاليفورنيا على مزاج الرأي العام الأميركي، ومحاولته خفض منسوب "الخوف" الذي تسلل.

بل يعكس أيضا قلقه أن ينتهي عهده من حيث بدأ سلفه جورج بوش الابن، عندما فرضت أحداث 11 سبتمبر خيارات سياسية أغرقت عهده كله في مستنقع حروب مكلفة.

دفاع الرئيس عن سياساته الخارجية وتحديدا عن استراتيجية مقاتلة تنظيم داعش، هي دفاع أيضا عن التحديات التي تواجه المرشحين الديمقراطيين، مقابل خصومهم الجمهوريين، بعدما تحول القلق على الأمن الداخلي مادة سجال رئيسة في المناظرات والحملات الانتخابية لدى الحزبين.

فالكلام من اليوم فصاعدا محوره السباق الى البيت الأبيض، ووتيرة "الخطابات الرئاسية" من أوباما ستتزايد هي الأخرى، في حين وقع الهجمات الإرهابية التي ضربت أخيرا كان كبيرا على معظم المرشحين.

ديمقراطيا، شكلت تلك الهجمات وما رافقها من مطالبات بضرورة فرض قيود جدية على شراء السلاح وحمله، فرصة لتعزيز صدارة هيلاري كلينتون، التي شنت هجوما كبيرا على المنظمة الوطنية للسلاح وعلى المشرعين الجمهوريين الذين أفشلوا مشروع قرار في الكونغرس يمنع المشبوهين الممنوعين من السفر بالطائرة، من شراء السلاح وحمله، كخطوة أولى.

لكن بدا واضحا أن خطابها ونبرتها تجاه قتال "داعش" وحروب المنطقة يعانيان إحراجا، في الوقت الذي تسعى فيه إلى الحفاظ على "عدم توريط الولايات المتحدة في مستنقع جديد".

المرشح اليساري بيرني ساندرز الذي أصر على خطابه عن "عدم المساواة بين الفقراء والأغنياء"، غرق في صمت كبير، سواء من قضية مواجهة الإرهاب ومجمل السياسة الخارجية أو من قضية حمل السلاح. وهو ما أثار حفيظة كثير من مؤيديه وحتى من الناشطين في حملته الانتخابية.

وعليه فقد توقع كثيرون أن يتعمق الفارق بينه وبين كلينتون، ما قد يضعها مباشرة في مواجهة متصدر الاستطلاعات الجمهوري المليونير دونالد ترامب.

تلك الهجمات عمقت المزايدات بين المرشحين الجمهوريين الذين تباروا في انتقاد سياسات الرئيس أوباما والديمقراطيين عموما.

لكن بدلا من تراجع ترامب على خلفية تصريحاته المثيرة للجدل، سواء حول المهاجرين أو السود او اللاتين أو المسلمين أو المرأة، فاجأت استطلاعات الرأي الجميع، حيث وسع الفارق على المستوى الوطني مع أقرب منافسيه الى 20 نقطة مئوية. وحصل على 36 في المئة من نسبة التفضيل مقابل 16 في المئة للسيناتور ماركو روبيو.

كما حصل على 33 في المئة من نسبة التفضيل في ولاية أيوا، وضاعف السيناتور اليميني تيد كروز نسبته الى 20 في المئة.

وخصص الرئيس أوباما فقرات عدة من خطابه للرد على ترامب وعلى مجمل الدعوات الجمهورية التي وصفها بأنها تحض على الكراهية وتعمق مشاعر الخوف.

لكن تقدم ترامب فرض على قيادة الحزب الجمهوري حالة طوارئ جدية، معتبرة أنه كلما تعمقت حظوظه في الفوز بترشيح الجمهوريين، ازدادت احتمالات الفشل في الفوز بكرسي الرئاسة الأميركية. لا بل تناقش انعكاسات فوزه حتى على الانتخابات الجزئية لأعضاء مجلسي الشيوخ والنواب التي ستجرى العام المقبل أيضا. وهو ما حدا ببعض الجمهوريين الى وصف ترامب بالكابوس الذي لا يعلم أحد كيف يمكن الاستيقاظ منه؟