صاحب هذا المقام أحد أبرز الفقهاء من أهل السّنة والجماعة، وصوفي مشهور له تأليفات عديدة في التصوف واللغة والفقه وعلم الكلام.

Ad

هو الإمام أبوالبركات أحمد بن أحمد بن أبي حامد العدوي المالكي الأزهري الخَلْوَتِي، الشهير بأحمد الدردير، وينتهي نسبه إلى سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وُلد سنة 1127هـ، في قرية بني عدي في محافظة أسيوط بصعيد مصر، وتلقب بـ"الدردير" صغيراً، تفاؤلاً برجل مبارك من أهل العلم والفضل يدعى الدردير، وقد حفظ القرآن وجوده، ودرس بالجامع الأزهر، وتتلمذ على يديه كثرة من العلماء الأجلاء.

كان الإمام -رحمه الله- أوحد وقته في الفنون العقلية والنقلية، لُقّبَ بشيخ أهل الإسلام وبركة الأنام، وقد كان صوفيا نقيا سنيا زاهدا، قوّالا للحق، زجاراً للخلق عن المنكرات والمعاصي، لا يهاب واليًا ولا سلطانًا ولا وجيهًا من الناس، وكان سليم الباطن مهذب النفس كريم الأخلاق.

اختير الإمام أحمد الدردير شيخا للمالكية بعد وفاة الشيخ علي الصعيدي، كما عين ناظرًا على وَقْفِ الصعايدة وشيخًا على "رواق الصعايدة" بالأزهر، وقد أظهر الله تعالى على يديه كثيرًا من الكرامات، لذا لُقِّب بأبي البركات.

وقد اشتهر عنه أنه كان مجاب الدعوة بسبب تحريه أكل الحلال، وأنه كان لا يأكل طعاما فيه شبهة، فإذا دعاه أحد من الناس على طعام سأل عن مصدر رزقه ليتحرى الحلال.

ومن أشهر مواقفه المشهودة التي تواتر الخبر بها موقفه مع أحد الولاة العثمانيين، والذي أراد فور تعيينه أن يكون الأزهر هو أول مكان يزوره حتى يستميل المشايخ، فلمّا دخل ورأى الإمام الدردير جالسًا مادّا قدميه في الجامع الأزهر وهو يقرأ وردَهُ من القرآن غضب، لأنه لم يقم لاستقباله والترحيب به، وقام أحد حاشيته بتهدئة خاطره بأن قال له: إنه مسكين ضعيف العقل ولا يفهم إلا في كتبه يا مولانا الوالي، فأرسل إليه الوالي صرة نقود مع أحد الأرقاء، فرفض الشيخ الدردير قبولها وقال للعبد: "قل لسيدك من مدّ رجليه فلا يمكن له أن يَمُد يديه".

 للإمام أحمد الدردير مؤلفات كثيرة منها: "أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك"، و"نظم الخريدة السنيَّة في العقيدة السنيّة"، و"تحفة الإخوان في آداب أهل العرفان في التصوف"، و"العقد الفريد في إيضاح السؤال عن التوحيد".

تُوفي في السادس من شهر ربيع الأول سنة 1201هـ، الموافق 27 ديسمبر 1786م، وصُلي عليه في الجامع الأزهر بمشهد عظيم حافل، ودفن في مسجده الذي أنشأه في حياته في المنطقة الكائنة خلف الجامع الأزهر.

ويعقد في المسجد مجلس قرآن كل يوم (جمعة)، ومجلس ذكر ليلة (السبت)، ومولد كل عام مع مولد سيدنا الحسين رضي الله عنه.