لا تنمية مع تقييد الحريات
إن عدم المشاركة الشعبية أو ضعفها وتقييد الحريات العامة، ومن ضمنها حرية الرأي والتعبير التي تعكس جانباً أساسياً ومهماً منها وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، يعني أن الحكومة منفصلة عن هموم الناس وتطلعاتهم وآرائهم، ومن ضمنها الآراء التي لا تتفق مع توجهاتها مهما كانت حادة وقاسية.
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
هل معنى هذا أن الحريات العامة لا تحتاج إلى تنظيم؟ بلى بالطبع، ولكن الفرق شاسع بين تنظيم الحريات العامة وبين تقييدها، فالأصل هنا هو الإباحة أما التنظيم فمجرد إجراءات إدارية تنظيمية تضمن حماية الحريات لا تقييدها أو حظرها مثلما تُبيّن ترسانة القوانين المقيّدة للحريات العامة التي أقرتها الحكومة في الآونة الأخيرة، أو تلك التي تنوي إقرارها قريباً مثل قانون الإعلام الإلكتروني.سياسة القبضة البوليسية معناها إغلاق المجال العام أمام الناس، وموت السياسة، وتقييد الحريات العامة، وبالتالي، الانفصال عن الواقع الفعلي، وغياب المشاركة الشعبية الفاعلة التي تعتبر حجر الأساس لعملية التنمية الإنسانية المستدامة. سياسة القبضة البوليسية لا ينتج عنها سوى عدم الرضا الشعبي واضطرار الناس إلى العمل تحت الأرض، بدلاً من العمل في وضح النهار وضمن القنوات الطبيعية التي تُنظّم الصراع المجتمعي، بحيث يكون صراعاً صحياً ومفيداً، ولا يتحوّل إلى فوضى عارمة وصراع مُضرّ بالمجتمع ومدمّر للوطن كما حصل في جمهوريات الرعب والخوف في كل من العراق وليبيا وسورية واليمن وفي غيرها من الدول المتخلفة في أوروبا وآسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية.