تردد رامجانام على الدوائر الحكومية شمال الهند مرات تكاد لا تحصى خلال السنتين الماضيتين، بهدف اقناع السلطات أنه ما زال على قيد الحياة، في واحدة من مئات القضايا التي يعمد فيها أشخاص لتلبيغ السلطات زوراً بوفاة قريب لهم بهدف الاستيلاء على أراضيه.

Ad

ويقول رامجانام لمراسل وكالة فرانس برس "الأمر يبعث على الاحباط، أنا على قيد الحياة، لكن الموظفين الحكوميين مصرون على أن يقولوا لي إني ميت".

والمعاناة التي يعيشها هذا الرجل تشبه معاناة مئات غيره من سكان ولاية اوتار براديش، الذين عمد أقارب لهم إلى تسجيل وفاتهم زوراً بغية وضع اليد على أملاكهم من الأراضي.

وهم يتهم شقيقه بأنه دفع المال لموظفين فاسدين لتسجيله في خانة الأموات ليكبر حصته من ممتلكات العائلة.

وفي حالات أخرى، يضطلع أبناء العم أو حتى أولاد الضحية بهذه الحيلة للعبث بالسجلات أو تلفها.

وسجلت كل هذه الحالات في ولاية اوتار براديش، وهي الولاية الأكبر من حيث عدد السكان في الهند، والولاية الأكثر غرقاً في الفساد والجريمة.

وفي منطقة ازامغاره الواقعة على بعد 300 كيلومتر شرق لوكنو عاصمة الولاية، تسجل مثل هذه الحالات منذ عقود من الزمن، لكنها تضاعفت في الآونة الأخيرة في ظل السباق المحموم للحصول على قطعة أرض.

قبل أربعين عاماً اكتشف لال بيهاري أن ملكية أراضيه انتقلت إلى ابن عمه الذي دفع المال لموظف فاسد سجله في خانة الأموات.

وبعدما نجح بيهاري في اقناع القضاء بأنه وقع ضحية لعملية احتيال، أسس منظمة "مريتاك سينغ" أي منظمة الأموات، لمساعدة غيره ممن يقعون ضحية أعمال مماثلة.

ويروي بيهاري معاناته بين الدوائر الحكومية لاثبات أنه ما زال حياً "فقدت صوابي وأنا أجري من مكتب إلى مكتب على مدى اشهر... تصل إلى مرحلة تشك فيها فعلاً بأنك ربما قد تكون ميتاً".

ويقول "المجرم هنا لم يقتلك ملطخاً يديه بالدماء، لكنه فعلياً جعلك ميتاً".

وأراد بيهاري لفت الأنظار إلى هذه القضية ورفع الصوت عالياً في وجه الفساد، فتقدم إلى الانتخابات النيابية، وقد تمكن حتى الآن من مساعدة 200 شخص كما يقول.

أما السلطات، فتقول أنها وضعت حداً لهذه العمليات، وتشير إلى أن بعض من يقولون أنهم وقعوا ضحية لعمليات كهذه يكونون أحياناً من غير الصادقين.

وبحسب أحد القضاة في ازامغاره، فإن السجلات باتت الكترونية ومن الصعب بعد الآن العبث بها.

ويقول لفرانس برس أن البعض ينتحلون صفة الضحية في قضية من هذا النوع "لجذب الأضواء إليهم فقط".

غير أن طبيعة هذه القضايا توحي بأن اكتشافها قد يطول أمده كثيراً، كما هو الحال مع رامجانام الذي اكتشف أنه متوفي في السجلات الرسمية، فقط حين أراد نقل ملكية أرضه إلى ابنه.

فقد ورث قطعة أرض مساحتها ألف و500 متر مربع من والده في العام 1993، وتركها في عناية شقيقه، وحين أراد نقل الملكية إلى ابنه في العام 2013 اكتشف أنه ميت في السجلات، وأن ملكية الأرض انتقلت لشقيقه.

ويقول "كان الأمر صدمة لي، ولا سيما حين عرفت أن شقيقي هو من فعل ذلك".

وفي قضية مشابهة، يسعى جاغديش إلى اثبات أنه موجود، وأنه عاش سنوات طويلة على وجه الأرض، إذ أنه لم يولد أصلاً بحسب السجلات.

ويقول لمراسل فرانس برس "بحسب السجلات أنا لم أولد أصلاً، لأن والدي سجل في خانة الأموات وهو طفل"، مبدياً اصراره على متابعة نضاله من أجله ومن أجل مستقبل أولاده الذين يواجهون مشكلته نفسها.

ويقول محمد ارشاد الباحث في العلوم الاجتماعية في معهد سوشال ساينسز ومقره في ولاية اوتار براديش أن الصراع على الأراضي هو الدافع الأكبر لعمليات الاحتيال هذه.

فانتشار العمران في الهند بالتزامن مع الارتفاع الكبير في عدد السكان وصولاً إلى 1,25 مليار نسمة، يثير شهية السكان وجشع بعضهم لامتلاك أرض حتى وإن كان ذلك بوسيلة غير مشروعة.

ويوضح محمد ارشاد "أن امتلاك الأرض هنا يساعد على جذب الشريك، واقامة تحالفات عائلية... الأرض مهمة جداً هنا".