غداة أمره بمراجعة خطط المملكة لموسم الحج وإجراء تحقيق واسع في أسوأ حادثة تدافع شهدتها منى منذ أكثر من 25 عاماً وكان ضحاياها نحو 720 قتيلاً و863 جريحاً، شدد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز على أنه لن يسمح للأيادي الخفية بالعبث بالأمن العربي وتفريق شمل المسلمين.

Ad

وقال الملك سلمان، خلال استقباله بقصر منى قادة الدول الإسلامية وكبار الشخصيات ورؤساء الوفود العربية: «نذرنا أنفسنا وإمكاناتنا وما أوتينا من جهد قيادة وشعباً لراحة الحجاج والسهر على أمنهم وسلامتهم، ونتعاون مع إخواننا وأشقائنا لما فيه الخير والاستقرار».

ومع تقاطر حجاج بيت الله الحرام، أمس، على رمي الجمرات متجاوزين حادثة التدافع حوّلت إيران الفاجعة معركة سياسية كالت فيها الاتهامات إلى السعودية، ودعت مواطنيها إلى الخروج في مسيرات للتنديد بالرياض وحكامها وبمقتل نحو 140 من حجاجها.

وفي حين تلقت القيادة السعودية دعماً دولياً واسعاً، أبرزه تضامن بابا الفاتيكان فرنسيس الأول، وتوجيهه صلواته المسائية في نيويورك للمسلمين والضحايا، شنّ خطيب الحرم المكي الشيخ صالح آل طالب هجوماً مضاداً على إيران، مشدداً على أنه «من غير المقبول أن يخرج علينا من يستغل الحادث في التشفي والمزايدات لتحقيق مآرب سياسية».

وقال آل طالب، خلال خطبة الجمعة، إن «السعودية والقائمين عليها قادرون على إدارة أمور الحج وخدمة الحرمين»، موضحاً أن «الحادث نجم عن مخالفة توجيهات القائمين على تنظيم الحج، وهذا قضاء وقدر، وقد اختار الله بعضاً من ضيوفه لنيل الشهادة».

وتابع: «اليوم سقطت ورقة التقية عمن اصطنع البكاء على حادث مِنى»، واستطرد: «لقد أدخلوا السلاح إلى الحرم الشريف، وحاولوا قتل المسلمين، بل دبروا وساعدوا على ما يحدث في العراق وسورية واليمن، وأرسلوا إليهم الميليشيات لقتل المسلمين الأبرياء، وهم من يساعد على نشر أفكار ودعاوى القتل والذبح والتطرف».

ومن جانبه، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه «من الخطأ توجيه الاتهام إلى السعودية التي تفعل ما بوسعها لضمان حسن سير مناسك الحج». وصرح بأن إجراءات ستتخذ لتجنب تكرار مثل هذه المأساة، مؤكداً أنه «لا يتعاطف مع التصريحات المعادية للسعودية».

بدوره، ثمن رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم جهود السعودية «الاستثنائية والخارقة في خدمة المشاعر المقدسة وحجاج بيت الله الحرام»، مؤكداً أن الاستغلال السياسي للكوارث التي تحدث أثناء الحج يعد إجحافاً وجحوداً.

وقال الغانم، في تصريح أمس، إن «المملكة لم تتوان، يوماً من الأيام، في تسخير كل إمكاناتها وطاقاتها البشرية والمادية لتيسير أعمال الحج وخدمة الحجاج»، لافتاً إلى أن «مشاريع التطوير والتوسعات لم تتوقف طوال العقود الماضية رغبةً في سلاسة أداء المناسك وحمايةً للحجاج».

وأضاف: «أشقاؤنا في المملكة لا ينتظرون منا جزاءً ولا شكوراً، فهم مؤمنون بأن هذا واجبهم، ويقومون به مرضاة لله، لكنهم في المقابل لا ينتظرون منا إجحافاً وجحوداً واستغلالاً لأي كارثة تحدث استغلالاً سياسياً».

وأشار إلى أن «المنصف فقط هو الذي يرى كيف تصرفت المملكة مع كل حدث أو كارثة وقعت أثناء مواسم الحج السابقة، وكيف فتحت تحقيقات موسعة وتفصيلية، وكيف وضعت يدها على العديد من مكامن الخلل والخطأ، وكيف باشرت فوراً العمل الدؤوب لتلافي الأخطاء».

ودعا الغانم مجدداً الحجاج  إلى التزام تعليمات سلطات الحج المتعلقة بالتحرك والتسيير والتفويج، والتي تهدف إلى تمكين الحجاج من أداء مناسكهم بسلاسة ويسر، سائلاً الله تعالى أن يرحم مَن توفي خلال التدافع بمشعر منى، وأن يعجّل بشفاء المصابين والجرحى.