السعودية... في غرفة الكنترول
![محمد الوشيحي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1579110147954926500/1579110167000/1280x960.jpg)
صحيح أن العلاقات الدبلوماسية بين الدول ليست "لعبة أطفال"، كما يردد بعض "العقلاء"، الذين يعتبرون العقل والحكمة في الصمت على البطش، وطأطأة الرأس، والدعاء لله بالفرج همساً... نعم ليست لعبة أطفال، لكن كرامة الدول أيضاً ليست لعبة أطفال، ولا حتى كبار، والعبث بكرامة الشعوب ودعس كبريائها ليسا من العقل والحكمة أبداً، في كل القواميس. ومن ينكر فرحة غالبية شعوب الخليج بالقرار السياسي السعودي مكابر، لا شك، ولا أظن أنني أتيت بجديد إن قلت إن العامل النفسي له من الأهمية ما للعاملين الأمني والاقتصادي، وغيرهما من العوامل التي توليها السلطات اهتماماً، فالشعوب المكسورة الجناح لا يُرجى منها خير، ولا يُعول عليها، واسألوا المصريين قبل حرب أكتوبر، وكيف كانت نفسياتهم؟ وكيف أصبحت بعد قرار الحرب، حتى قبل انتهاء المعركة...؟ مع الفارق في التشبيه.ولست هنا من دعاة الحرب، لكنني قبل ذلك، لست من دعاة الخنوع، والجلوس على كراسي المتفرجين في أمر يخص شعوبنا.أما إن سألتني عن فوائد القرار السعودي، فسأذكّرك بأنه قرار سياسي خطير، لكنه مطلوب بشدة، لذا لن أتحدث عن فوائده كما أتحدث عن فوائد الجوافة، على سبيل المثال، فأسطر لك فوائدها بالأرقام، بل سأذكّرك بفوائد جراحة القلب، التي يصاحبها دم وألم وهلع في المحيط، لكنها الخيار الوحيد، أحياناً.وأجزم بأن إيران مازالت فاغرة فاها دهشة لردة الفعل السعودية، إذ لم يكن القرار السعودي ليخطر على بالها، حتى في أسوأ كوابيسها. ولعلها تستفيق من سكرة الغرور والعبث، وتتناول القهوة، بعد أن تضع رأسها تحت الدش البارد، وتستعيد عقلها... أقول لعلها.