قد تكون المملكة العربية السعودية أنفقت نحو 100 مليار دولار من احتياطياتها الأجنبية حتى الآن في مواجهتها المفتوحة ضد شركات الزيت الصخري الأميركي وغيرها من منتجي النفط الهامشيين.

Ad

وقد دفع قرار السعودية قبل سنة بعدم خفض الإنتاج، من أجل دعم أسعار النفط، سعر خام برنت وغرب تكساس الى أقل من 50 دولاراً للبرميل، ولكن سيتعين على السعودية إنفاق المزيد من المال من أجل كسب المعركة.

وتوجد الآن مؤشرات على أن السعودية تستعد لمضاعفة مخصصات استراتيجيتها عبر الديون. وتقول صحيفة الفايننشال تايمز إن السعودية تستعد لاقتراض أموال من سوق السندات الدولية لتوفير مزيد من التمويل لدعم جهودها الحثيثة في سبيل الدفاع عن حصتها السوقية في عالم النفط، وجعل الحياة مستحيلة بالنسبة الى شركات الزيت الصخري الأميركية.

وتحتاج السعودية الى مزيد من المال من أجل ضمان استمرار عقدها الاجتماعي المكلف في وجه العجز المتزايد في الميزانية الناجم عن التراجع السريع في عوائدها النفطية. كما تتعرض السعودية أيضا الى مزيد من الضغط المالي بسبب تدخلها العسكري المكلف في اليمن.

وقد انتزعت السعودية، بطريقة ما، حصة من منتجي الزيت الصخري في الولايات المتحدة الذين أصبحوا القوة الأشد في أسواق النفط العالمية، وتمكنوا من تمويل توسعهم الهائل عن طريق الديون الرخيصة. ويقول إيغور سيشن، وهو رئيس شركة النفط الروسية العملاقة روزنفت إن الزيت الصخري الأميركي أصبح مؤثراً في أسواق النفط العالمية، معززاً بـ 150 مليار دولار من الديون.

انتصارات صغيرة

وحققت السعودية حتى الآن بعضا من الانتصارات الصغيرة فقط في حربها النفطية الكبيرة على الزيت الصخري الأميركي. وقد هبط عدد منصات الحفر العاملة في الولايات المتحدة من مستوى الذروة الذي بلغ 1925 الى 771 – وفق معلومات من بيكر هيوز.

وحدثت حوالي 20 حالة إفلاس في شركات النفط، ولكن معظمها كان في شركات صغيرة. وكانت الأكبر في شركة سامسون ريسورسز التي خضعت لعملية بيع ضخمة بقيمة 7.2 مليارات دولار بقيادة كي كي آر KKR في سنة 2011.

كما هبطت أسهم بعض شركات الزيت الصخري مثل كونتننتال ريسورسز بنسبة 35 في المئة في السنة الماضية، ولكن غيرها – مثل بايونير ناتشورال ريسورسزPioneer Natural Resources شهدت هبوطا بنسبة 15 في المئة فقط خلال الـ12 شهرا التي أعقبت إعلان السعودية سياستها الجديدة.

وقد هبط انتاج النفط الأميركي بحوالي 500 ألف برميل في اليوم عن مستوى الذروة، ولكن الولايات المتحدة لاتزال تنتج كمية ضخمة تصل الى 9.1 ملايين برميل يوميا، وكانت تنتج 6.8 ملايين برميل يوميا قبل ثلاث سنوات.

وأثبتت صناعة الزيت الصخري في الولايات المتحدة مرونة، وتمكنت شركات إنتاج الزيت الصخري الأميركية من خفض التكلفة، وتعلمت كيف تكون أكثر فعالية وكفاءة. والشركات مثل أناداركو بتروليوم Anadarko Petroleum خفضت أوقات وتكلفة الحفر – وعمدت الى عدم إتمام عملية حفر الآبار وتخزين النفط في باطن الأرض، حتى تعافي الأسعار من جديد. ويبدو أن نقطة التعادل في الزيت الصخري الأميركي قد هبطت بصورة جوهرية.

فترة أطول

وعلى السطح يبدو وكأن الأوضاع ستنخفض أكثر ولفترة أطول عندما يتعلق الأمر بالنفط. وتضخ السعودية المزيد من النفط يوميا بقدر يفوق أي وقت مضى، كما أنها نقلت معركتها الى دول من خارج منظمة أوبك مثل روسيا، وعملت على تصدير منتجات متدنية الأسعار الى المصافي في دول مثل بولندا.

وقد تضرر اقتصاد روسيا، ولكنها لاتزال تضخ 10.78 ملايين برميل يوميا، وهي أعلى كمية في أي وقت منذ أيام الاتحاد السوفياتي. كما أن ايران تستعد لطرح المزيد من النفط في الأسواق الدولية في السنة المقبلة.

يذكر أن العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز ووزير النفط علي النعيمي أشارا الى أنهما لن يتراجعا. وتقول صحيفة الفايننشال تايمز إن في وسع السعودية زيادة مستويات الديون حتى 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال خمس سنوات، مرتفعة من المستويات المتدنية للغاية اليوم.

وتكون الأخطار أعلى دائما عندما تشارك الديون في العملية. وبالنسبة الى الزيت الصخري الأميركي ظلت أسواق ديون الشركات متينة، ويعني قانون إفلاس الشركات في الولايات المتحدة أنه حتى تلك الشركات التي تخفق يمكن أن تنقذ من قبل مستثمرين يملكون كميات ضخمة من المال، وعلى استعداد لتغيير الوضع من جديد في حال ارتفاع أسعار النفط: وسوف يتعين على السعودية أن تبرهن على أنها على القدر ذاته من البراعة، وهي تحمل كمية كبيرة من الديون.