يدشن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي غداً مشروع قناة السويس الجديدة الذي وصفه بأنه سيكون "هدية مصر إلى العالم" وذلك في احتفال كبير يحضره لفيف من زعماء وقادة ومسؤولين حول العالم ووسط استنفار أمني غير مسبوق.

Ad

ويترقب المصريون والعالم هذا الحدث المهم الذي تم انجازه في وقت قياسي يقارب العام بتمويل المصريين وجهدهم ووسط استعدادات وأجواء من البهجة والفرح في مختلف انحاء البلاد.

ويشهد العالم غداً ميلاد ممر مائي جديد يضيف إلى حركة التجارة العالمية شرياناً جديداً يسهم في زيادة الطلب على استخدام قناة السويس كممر ملاحي رئيسي وانتعاش الاقتصاد العالمي وحركة التجارة بين دول العالم.

وسيتضمن حفل الافتتاح عدة فقرات على مدى ساعات في مقدمتها توقيع الرئيس السيسي "وثيقة بدء تشغيل قناة السويس الجديدة" ثم كلمة له يطلق في نهايتها إشارة بدء تشغيل القناة الموازية للقناة "الأم".

وفي هذا السياق، أكد رئيس هيئة قناة السويس مهاب مميش أن حفل الافتتاح "سيكون معبراً عن مصر" ويتضمن عروضاً بحرية وجوية ضخمة بمشاركة أحدث القطع التي انضمت حديثاً إلى الجيش الفرقاطة "فريم" وطائرات "رافال" الفرنسية و"اف - 16" الأمريكية.

وأوضح مميش في تصريح صحفي أن الحفل سيبدأ باستقلال الرئيس السيسي يخت "المحروسة" في دلالة رمزية إلى السفينة التي تم تشييدها في عام 1863 بأمر من الخديوي اسماعيل وكانت أول قطعة بحرية في العالم تعبر قناة السويس في عام 1869 وعلى ظهرها كبار الضيوف من ملوك وأمراء.

بدوره ذكر محافظ الإسماعيلية اللواء ياسين طاهر أن من بين مظاهر حفل الافتتاح عبور قافلتين من السفن في القناتين الجديدة والقديمة من أمام المنصة الرئيسية للقادة والزعماء المشاركين في توقيت متزامن فيما ستطلق السفن حول العالم صافراتها احتفاء بهذه المناسبة.

وينتظر أن يتضمن الاحتفال بالقناة الجديدة التي يحمل شعارها عبارة "قناة السويس الجديدة من أم الدنيا لكل الدنيا" عرض فيلم وثائقي حول حفر القناة الجديدة حتى مرور أول سفينة إلى جانب عروض فنية وأغنيات وطنية وعزف مقطوعات موسيقية.

وتعبيراً عن الابتهاج بهذه المناسبة الوطنية تزينت المحافظات المصرية كافة لاستقبال هذا الحدث الذي يعول عليه المصريون كثيراً فيما تم رفع العلم المصري في مختلف أنحاء الجمهورية وأضيئت الجسور والميادين والتماثيل وأجهزة "ليزر" لإضاءة المباني.

وتفقد رئيس الأركان الفريق محمود حجازي عدداً من الكمائن والتمركزات العسكرية والأمنية في محيط المجرى الملاحي لقناة السويس بالتزامن مع الاستعدادات والجهود المكثفة لتأمين حفل الافتتاح.

وأشاد الفريق حجازي في هذا الإطار بمستوى الاستعداد الجاد لتأمين المجرى الملاحي شرق وغرب قناة السويس وكذلك المناطق التي تشهد أنشطة وفعاليات الاحتفال، مؤكداً على أن "الحفاظ على أمن قناة السويس وسلامتها مهمة مقدسة لا تهاون فيها".

وطالب الجيش بالحفاظ على أعلى مستويات اليقظة والاستعداد القتالي للحفاظ على الأمن القومي المصري وحماية البلاد.

وكان الرئيس السيسي قد وصف مشروع القناة الجديدة بأنه يمثل "شرياناً جديداً للملاحة الدولية وقناة دائمة للتواصل والتفاهم الحضاري وانجازاً مبهراً نجح المصريون في تحقيقه بعقولهم وسواعدهم وأموالهم".

وأشار إلى أن هذا المشروع يمثل باكورة مشروعات وطنية عملاقة في الفترة المقبلة التي ستشهد تدشين وتنفيذ مشروعات جديدة تسهم في تحقيق عملية التنمية الشاملة المنشودة وتوفر فرصاً للعمل.

وسبق حفل الافتتاح حملة إعلامية في مختلف أنحاء العالم عقب فوز تحالف عالمي في مجال لتسويق والعلاقات العامة بتنظيم وإعداد الحفل تتضمن أهداف وانشطة المشروع والتأكيد على جاهزية مصر لاستثمارات جديدة ودلالات القناة الجديدة.

وأصبح الممر الملاحي الجديد جاهزاً للملاحة العالمية بعد الانتهاء من تزويده بأحدث النظم وكذلك العبور التجريبي الآمن لسفن حاويات كبيرة فيما يبلغ طول قناة السويس "الأم" 190 كيلو متراً بينما يبلغ طول القناة الجديدة 72 كيلو متراً منها 35 كيلو متراً "حفر جاف" و37 كيلو متراً "أعمال تكريك في المياه" لتكون محاذية للمجرى الملاحي الحالي.

وتولت الإدارة الهندسية بالقوات المسلحة المصرية العمل والإشراف على تنفيذ المشروع إلى جانب هيئة قناة السويس وبمشاركة نحو 45 كراكة في عمليات الحفر المائي بما يعادل 75 بالمئة من حجم الكراكات في العالم بالإضافة إلى 84 شركة مصرية شاركت في عمليات الحفر الجاف.

ووصفت عملية حفر القناة الجديدة بأنها كانت ملحمة شهدت تنفيذ أكبر عملية "تكريك" في التاريخ فيما بلغ اجمالي المعدات المتنوعة التي شاركت في الحفر الجاف نحو 4300 معدة.

ووفقاً للأرقام الرسمية فإن القناة الجديدة ستحقق العبور المباشر دون توقف لعدد 45 سفينة في كلا الاتجاهين مع امكانية السماح لعبور السفن حتى غاطس 66 قدماً في جميع أجزاء القناة.

ومن المرجح أن تزيد القناة الجديدة عائدات قناة السويس بنسبة 259 بالمئة في عام 2023 لتصل إلى 13.2 مليار دولار مقارنة بالعائد الحالي نحو 5.3 مليار دولار ما ينعكس بالايجاب المباشر على الدخل القومي المصري من العملة الصعبة.

كما ينتظر أن تعظم القدرات التنافسية للقناة تحقيق أكبر نسبة من الازدواجية في قناة السويس وزيادتها بنسبة 50 بالمئة من طول المجرى الملاحي وتقليل زمن العبور ليكون 11 ساعة بدلاً من 18 ساعة.

وأشارت الأرقام كذلك إلى زيادة متوسط أعداد السفن العابرة من 49 سفينة إلى 97 سفينة يومياً إلى جانب تقليل زمن الانتظار للسفن ليكون ثلاث ساعات بدلاً من ثمان إلى 11 ساعة ما ينعكس على تقليل تكلفة الرحلة البحرية.

وشهدت قناة السويس "الأم" منذ افتتاحها في عام 1869 العديد من الأحداث من بينها إعلان تأميمها من جانب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في يوليو 1956 كما تسببت حرب 1967 في إغلاقها أكثر من ثمان سنوات إلى أن اعلن الرئيس الراحل أنور السادات إعادة افتتاحها في يونيو 1975.