هل نرى تحولاً استراتيجياً قادماً في عمل الصناديق والشركات الاستثمارية يتعلق بالتركيز على هذا القطاع الناشئ ذي الفرص المتنوعة؟

Ad

أعلنت الهيئة العامة للاستثمار نفسها داعمة ومهتمة رسمياً بقطاع المشروعات الصغيرة العاملة في القطاع التكنولوجي في الشرق الأوسط عموماً، والكويت خصوصاً.

هذا الإعلان جاء بشكل غير مباشر، من خلال شركتها المملوكة لها، أي شركة إمبلس إنترناشيونال للاتصالات والمملوكة للشركة الوطنية لمشاريع التكنولوجيا، وهذه بدورها، مملوكة بالكامل لـ"هيئة الاستثمار"، وبعد إعلان "إمبلس"، أمس، استثمارها في شركة "كريم" لخدمات سيارات الأجرة الخاصة الخليجية، التي تعتبر مشابهة إلى حد كبير بشركة "Uber" الأميركية، ويأتي هذا الاستحواذ بعد نمو أعمال "كريم" في المملكة العربية السعودية بشكل لافت للنظر.

هذا  الاستثمار يعبّر عن توجه جديد للهيئة العامة للاستثمار، طال انتظاره من قبل المبادرين وأصحاب المشروعات الصغيرة، خصوصاً التكنولوجية منها، فالكويت تمتاز بوجود العديد من المشاريع والتطبيقات التكنولوجية الناجحة، لكنها تحتاج في الوقت ذاته لمستثمرين يساهمون في توسعة ونمو أعمالها من خلال السيولة النقدية التي توفرها هذه الاستثمارات، وهو ما كان غائباً خلال الفترة الماضية، إلا من محاولات محدودة من قبل بعض الشركات الاستثمارية مثل "كامكو"، أي السوق الكويتي كان يفتقد لما تسمى بـ "Venture Capital Funds" أو صناديق رأس المال الجريء والملكيات الخاصة.

جهود حالية

ولابد أن نشير إلى بعض الجهود الشبابية التي عملت وتعمل حتى الآن على تسويق هذه المشاريع والأفكار إلى المستثمرين، كـ Brilliant lab الذي وصل إلى دورته الثالثة العام الماضي لاختيار أفكار مشاريع ويقدم دورات فنية متخصصة لتطوير هذه الأفكارن وتحويلها لمشاريع، ثم عرضها على جمع من المستثمرين، وتوسع عمله الآن لتنظيم نفس هذه المجموعات لكن في دول أخرى وبدأ بالفعل بالتسويق لها لتطبيقها خلال الفترة القادمة.

أمثلة ناجحة

ويقول مراقبون، إن مشاريع التطبيقات الذكية والمواقع الإلكترونية والخدمية المعتمدة على التكنولوجيا تلقى رواجاً هو الأكبر في التاريخ بالنسبة لها على الصعيد العالمي، وخير دليل على ذلك النجاحات الضخمة التي حققتها العديد من مواقع التواصل الاجتماعي مثل (تويتر وفيسبوك وإنستغرام وسناب شات)، وكذلك الـ E-Commerce  مثل أمازون و"باي بال" أو حتى تطبيق الأجرة الخاصة Uber، هذا على الصعيد العالمي، وهناك أمثلة ناجحة على المستوى الإقليمي مثل موقع "سوق.كوم" و "نمشي" العاملين في مجال التسوق الإلكتروني، أو "كريم" العامل في سوق الأجرة الخاصة، وغيرها من المشاريع المتوقع نموها بشكل كبير مستقبلاً، أما على الصعيد المحلي فهناك العديد من الأمثلة الناجحة مثل "طلبات" الذي تم بيعه بقيمة 150 مليون يورو، أو تطبيق 4sale الذي تم بيعه قبل أكثر من سنتين بقيمة مليون دولار، بالإضافة إلى مواقع التسوق الإلكترونية الموجودة حالياً مثل "بوتيكات" المختص بتسويق منتجات العناية بالبشرة عبر الإنترنت، وبالتالي فإن وجود العديد من الأفكار التكنولوجية ذات النمو المتوقع خلال الفترة القادمة، يجعل من التركيز على هذا القطاع من قبل المستثمرين أمراً حتمياً ولا يمكن الابتعاد عنه، خصوصاً مع انحسار قنوات الاستثمار في السوق الكويتي مع تراجعات سوق الكويت للأوراق المالية وكذلك ارتفاع أسعار العقار وتداولاته المحدودة.

هذا الاهتمام الحكومي بأكبر صندوق استثماري في الكويت، بالإضافة إلى استثمار "زين" في صندوق استثماري متخصص في شركات التكنولوجيا الناشئة بهدف فتح أسواق وقطاعات أعمال جديدة، مقره دبي، يجب أن يساهم في زيادة الاهتمام لدى بقية المستثمرين والصناديق الاستثمارية في الشركات الاستثمارية المحلية، لضرورة الالتفات لهذا القطاع، الغني بالفرص الاستثمارية الجيدة، ولمَ لا رؤية إنشاء الصناديق الاستثمارية الخاصة بهذا القطاع خلال الفترة القادمة؟!.

وبالعودة إلى استثمار الهيئة العامة للاستثمار في هذا القطاع عبر "إمبلس"، فإن رأسمال الشركة يبلغ 15 مليون دينار، وتستثمر في قطاع التكنولوجيا والاتصالات، ولديها استثمارات حالية في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والشرق الأوسط، ولدى الشركة العديد من المشاريع الناجحة مع الجهات الحكومية، ونسبة الكويتيين العاملين فيها أكثر من 80 في المئة، ومن أبرز الخبرات الوطنية في الاستثمار في رأس المال الجريء والاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتهدف الشركة لاستثمار مبلغ مليون دولار كحد أدنى إلى 5 ملايين دولار في كل استثمار أو شركة مستهدفة، وكما قال رئيسها التنفيذي محمد الهاجري في تصريح نشر، أمس، إن من أهم أهداف "إمبلس" تطوير مشاريع التكنولوجيا في الكويت والخليج العربي من خلال استخدام أدوات استثمارية كالصناديق الاستثمارية والمشاركة بالمشاريع والاستثمار المباشر، لإيصال أحدث وسائل تكنولوجيا المعلومات إلى كل من القطاع الحكومي والقطاع الخاص.

ويؤكد مراقبون أن خلق الإهتمام بالاستثمار في هذه المشاريع سيساهم في خلق قطاع جديد قوي في الكويت، أثبت خلال الفترة الماضية أنه مليء بالأفكار الجيدة والمجزية لكن ينقصها فقط الاستثمار والتمويل حتى تتوسع بشكل جيد وتحويلها بالتالي لمشاريع ناجحة ومجزية اقتصادياً.