«الاستئناف»: إعدام عيدان بتفجير «الصادق» وبراءة والي «داعش» وابنته
مفاهيم دينية شاذة سيطرت على المتهم الأول... وإرادته اتجهت إلى قتل المصلين وإثارة الرعب
انتهت محكمة الاستئناف إلى الحكم بإعدام المتهم الأول في جريمة تفجير مسجد الإمام الصادق، وبراءة والي «داعش» وابنته وصاحب المركبة المستخدمة في نقل الجاني إلى مكان التفجير.
أيدت محكمة الاستئناف أمس، برئاسة المستشار هاني الحمدان، حكم الإعدام بحق المتهم الأول عبدالرحمن عيدان، بتهمة الاشتراك في جريمة تفجير مسجد الإمام الصادق، التي نفذها المواطن السعودي فهد القباع بواسطة حزام ناسف، وأودت بحياة 26 مواطنا ومقيما، وإصابة نحو 200 كانوا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد.وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إن المتهم الاول عيدان سيطرت عليه مفاهيم دينية خاطئة وشاذة، مبناها كراهية المذهب الشيعي، ومن ينتمي اليه، ابتناء على انضمامه إلى جماعة محظورة وتنظيم هدام، فاتجهت إرادته فقط إلى قتل عدد منهم وإثارة الرعب وتخريب دار العبادة، مؤكدة أن تنظيم داعش الإرهابي، الذي يتخذ من العراق وسورية مقرا له، مخالف للقانون وأعماله مجرمة.وبرأت المتهم فهد فراج، الملقب بوالي «داعش» في الكويت، من تهمة الاشتراك في تفجير مسجد الإمام الصادق، وألغت حكم الإعدام الصادر بحقه من محكمة أول درجة، لكنها قضت بحبسه 15 عاما لانتمائه إلى تنظيم داعش المحظور، والمخالف للثوابت الأساسية في البلاد.وعن المحكومين بالإعدام الموجودين خارج البلاد، بعضهم في سورية وتركيا، وآخرون محبوسون في السعودية، قررت المحكمة وقف نظر الاستئناف المرفوع من النيابة العامة ضد المتهمين إلى حين انقضاء ميعاد أمر المعارضة أو صدور حكم في موضوعها أو انقضاء ميعاد الاستئناف.وأيدت المحكمة حكم محكمة أول درجة ببراءة المتهم جراح نمر من تهمة الاشتراك في جريمة التفجير، بعد توفير سيارته للمتهم الأول عبدالرحمن عيدان، كما برأت زوجة المتهم الاول، ابنة المتهم فهد فراج، من الاتهام، والغت حكم الحبس الصادر بحقها من محكمة أول درجة.أركان الاشتراكوأكدت المحكمة أن «المتهم الأول عبدالرحمن عيدان يعد شريكا في الجرائم المنصوص عليها في البند (أولا)، وذلك بما اتاه من أفعال تتحقق بها أركان الاشتراك طبقا لأحكام المادة (48) من قانون الجزاء، وإن كان الثابت بالأوراق ان المتهم -فهد سليمان القباع- هو فاعل الجريمة، إذ حقق بسلوكه نموذج الجرائم الواردة بالبند (أولا) وهي استعمال مفرقعات بقصد القتل والقتل العمد والشروع فيه مع سبق الاصرار والترصد، إذ انتهج طريقة ووسيلة من شأنها قتل من كان في مسجد الإمام الصادق، إذ دخل فجر يوم التنفيذ، وعين مكان التنفيذ، وتعلم كيفية استعمال الحزام، وارتداه بمساعدة المتهم الأول، وتمهل قليلا حتى يمتلئ المسجد بالمصلين، وكان عالما بما في الحزام الناسف من مواد شديدة الانفجار، وهي أسلحة قاتلة بطبيعتها».وزادت ان المتهم القباع «عندما استعمل الحزام انفجر المكان على النحو السالف بيانه، وقتل ستة وعشرين شخصا، وأصيب العشرات نجوا من الموت بسبب لا دخل لإدارة المتهم فيه هو تداركهم بالعلاج، وكانت الوفيات والإصابات مرتبطة بسلوك الجاني -فهد سليمان القباع- ارتباط المسبب بالسبب، وانصرفت إرادة المتهم فهد القباع إلى قتل من في المسجد، وكان حرا مختارا مدركا لما يفعله، وانه يستعمل وسيلة شديدة الفتك تؤدي الى إزهاق أرواح المجني عليهم، بل اتجه قصده الى المزيد من القتل، فعندما وصل مبكرا تمهل وصاحبه بعض الوقت واتجها الى شارع الخليج العربي، حتى يمتلئ المسجد، وتوافر لديه سبق الاصرار والترصد بأن نفذ جريمته بروية وهدوء وفقا لخطوات مرسومة سلفا، فقد راقب وعاين مسجد الامام الصادق قبل الواقعة ببضع ساعات، وتدرب على كيفية استعمال الحزام الناسف ثم ارتداه بمساعدة المتهم الأول، وجز لحيته وارتدى دشداشة وعقال حتى يبدو كعامة الناس ولا يلفت النظر، وتربص بالمجني عليهم حتى يزيد عددهم الى ان انقض عليهم وقتلهم غيلة وغدرا».مفاهيم خاطئةواردفت المحكمة: «بناء على ما تقدم يثبت في يقين المحكمة أن المتهم الأول سيطرت عليه مفاهيم دينية خاطئة وشاذة مبناها كراهية المذهب الشيعي ومن ينتمي اليه ابتناء على انضمامه إلى جماعة محظورة وتنظيم هدام، فاتجهت إرادته فقط الى قتل عدد منهم، واثارة الذعر وتخريب دار العبادة -مسجد الإمام الصادق- الخاص بالطائفة الشيعية، ولم تتجه إرادته إلى غاية مؤداها المساس بسلامة البلاد واستقلالها». ولفتت الى انه «اذ انتهى الحكم المستأنف الى ذلك، وقضى ببراءة المتهم من تلك التهمة، وكان استئناف النيابة العامة لم يأت بجديد من شأنه ان يغير من وجه الرأي في هذا القضاء فإنه يكون مرفوعا على غير اساس»، ومن حيث إن المتهم التاسع -فهد فرج نصار- ومنذ فجر التحقيقات وبجلسات المحاكمة أنكر ما اسند اليه، ونفى أي صلة له بواقعة تفجير مسجد الإمام الصادق، وقد علم بها من أجهزة الاعلام والمحيطين به، والتمس البراءة مما اسند اليه».واستدركت: «ومن حيث إن أقوال ضابط جهاز أمن الدولة والمتهمين، والتي جعلتها النيابة العامة عمادها في إسناد الاتهام لا تصلح للأخد بها في مقام الاقتناع، فهي مجرد إمارات ودلائل لا يجوز أن تبنى عليها أحكام الإدانة، لأنها استنتاج على سبيل الإمكان والاحتمال، ولا تؤدي الى جزم أو يقين والإمارات والدلائل في مجال التطبيق العملي تخول المساس بحرية الشخص وحرمة المسكن من أجل تمحيص هذا الاستنتاج والتحري عما اذا كان يمكن ان يتحول الى استنتاج على سبيل الجزم، وبذلك يظهر الدليل الذي يجوز ان تبنى عليه الإدانة».امارات ودلائلوأوضحت المحكمة أن «الإمارات والدلائل محض شبهة، والقوانين لم تكتف بكلمة إمارات أو دلائل، ولكن اشترطت فيها أن تكون قوية جدية وكافية على النحو الوارد في المادة 62 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية أي إمارات قوية ودلائل جدية، ومؤدى ذلك ان الاستنتاج الذي يكون مبناه إمارات أو دلائل هو استنتاج على سبيل الاحتمال، وجرت أحكام القضاء على أن الإمارات والدلائل مجرد تصريح بإجراءات التحقيق للتحري، ووزن الشكوك والشبهات القوية المنبعثة منها، ولا يصح اعتبارها من القرائن أو الدلائل غير المباشرة».واستطردت: «ومن ثم تكون الأدلة التي ركنت اليها النيابة العامة لا ترقى الى مرتبة اليقين الذي يمكن به القطع والجزم على صحة الافعال المنسوب صدورها الى المتهم التاسع والمنصوص عليها بالبند (أولا) من تقرير الاتهام، فلا يصح إدانة المتهم بالاشتراك في جرائم استعمال مفرقعات بقصد القتل لمجرد انه هلل وكبر مع غيره فور علمه بواقعة تفجير مسجد الإمام الصادق، أو لأنه توقع حصول حدث علم إرهابي في البلاد أو لأنه له صلات بأعضاء في التنظيم الارهابي، ولا تصلح تحريات ضابط جهاز امن الدولة بمفردها دليلا على إدانة المتهم، فضلا عن خلوها من اي معلومات بشأن كيفية حصول الاشتراك ووسيلته على النحو الذي عناه المشرع».واشارت الى ان «المتهم التاسع محبوس بالسجن المركزي منذ عدة اشهر سابقة على واقعة تفجير المسجد، ومفاد ذلك انه كان تحت بصر الاجهزة الامنية، خاضعا للرقابة والتفتيش على مدار الساعة، بما يتيسر معه توافر دليل أو أكثر من دليل إن كان له دور في واقعة تفجير المسجد، خاصة بعد التهديدات التي تلقتها الاجهزة الامنية، واعتقادها بأن له يدا في تلك التهديدات حسب أقوال ضابط امن الدولة».وقالت: «رغم ذلك خلت أوراق التداعي، وما قدم فيها من مضبوطات فحصتها المحكمة وشاهدتها، من ثمة أدلة مادية تطمئن اليها المحكمة على سبيل القطع واليقين والجزم بأن المتهم التاسع قد اشترك في الجرائم المنصوص عليها في البند (اولا)».مأخذ شرعيواردفت المحكمة ان «الاوراق خلت ايضا، وما قدم فيها من مستندات، من اي تسجيلات صوتية او مرئية ذات مأخذ شرعي تطمئن اليه المحكمة، ويثبت لها على سبيل القطع والجزم واليقين ان المتهم اشترك في الجرائم سالفة البيان، وخلت الاوراق ايضا من اي مكاتبات او اوراق او تعليمات مكتوبة او شفوية لثمة اجتماعات حضرها المتهم التاسع، وتثبت ان له صلة بجرائم القتل واستعمال المفرقعات بقصد القتل».وقالت ان «ما اسند الى المتهم التاسع فهد فرج نصار من تهمة الانضمام الى جماعة محظورة تقوم أهدافها على الفكر التكفيري المناهض للدولة والداعي الى عصيان سلطاتها وهدم نظامها الاساسي، وقد بين الحكم المستأنف واقعة الدعوى بشأن تلك التهمة، وبما تتوافر معه كل العناصر القانونية لتلك التهمة، والتي دان المتهم التاسع بها، واورد على ثبوتها أدلة سائغة استقاها مما شهد به ضابط جهاز امن الدولة، وما قرره المتهمون التاسع، فهد فرج نصار، والثالثة عشرة هاجر فهد فرج نصار، والرابعة عشة سارة فهد فرج، والسادسة عشرة ياسمين محمد عبدالكريم، وهي أدلة سائغة كافية من شأنها أن تؤدي الى ما رتبه الحكم عليها، وتأخذ بها هذه المحكمة وتجعلها أسبابا لحكمها، تفاديا لتكرار لا موجب له».وأشارت الى انه «وحيث إن المتهم التاسع مثل امام هذه المحكمة، وانكر ما اسند اليه، وتلتفت المحكمة عن إنكاره الذي لا يدرأ مسؤوليته إزاء أدلة الثبوت التي ركنت اليها المحكمة، ولا يعدو إنكاره ان يكون محاولة منه للافلات من العقاب».