الإعلان الذي كان

نشر في 14-12-2015
آخر تحديث 14-12-2015 | 00:10
 أ.د. غانم النجار حقوق الإنسان في حقبتنا هذه مكسورة الأضلاع، ومهيضة الجناح، و"منتوف" ريشها. الإنسانية، وبعد أن بدأت تتنفس منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي مع نهاية الحرب الباردة، عادت لما هو دون المربع رقم واحد.

مرت الذكرى الـ٦٧ لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والإنسانية متراجعة بصورة غير مسبوقة، وأبرز مؤشرات التراجع حالة اللاجئين البائسة بمستوى الحرب العالمية الثانية، وسيادة التطرف وخطاب الكراهية، يقابلها إجراءات عسكرية وتشريعية تنتهك حقوق الإنسان من قبل الإرهاب أو لمناهضة الإرهاب.

الإعلان كان وربما مازال منذ صدوره في باريس في منتصف ليلة العاشر من ديسمبر ١٩٤٨، جاء كرد فعل على قسوة جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي كانت عناوين للحرب الثانية.

 ظل الإعلان "مطموراً" و"معطلاً" و"مؤجلاً" حتى انتهاء الحرب الباردة، حين بدأ يستعيد شخصيته تدريجياً. فتحولت عشرات الدول من أنظمة شمولية الى شبه ديمقراطية ضمن مشاريع سيادة قانون وفصل سلطات ومشاركة سياسية.

بدأت إعادة إحياء "الإعلان" في المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيينا في يونيو ١٩٩٣، حين اجتمعت دول العالم ومنظماته الدولية ومجتمعه المدني للتأكيد مجدداً على قيمته وشموليته كمنهج لإدارة الدول ثم تتابعت التطورات كمبدأ التدخل الإنساني، والحق في الحماية الدولية وإنشاء مجلس حقوق الإنسان واستحداث المراجعة الدورية الشاملة، وتدعيم الآليات التعاقدية. ولكن كل ذلك لم يصمد طويلاً ولم يؤدِّ إلى حماية البشر كما كان يفترض، بل صاروا أهدافاً مستباحة، بحجج تقليدية كحماية الأمن الوطني، أو مكافحة الإرهاب، وتبرير كل فعل تسلطي، لا يختلف في ذلك دول متقدمة عما هو دون ذلك.

الحقيقة الواضحة كما كانت قد وردت في "الإعلان"، هي أن مكافحة الإرهاب وحماية الأمن الوطني لن تتحققا إلا ضمن منظومة حماية البشر وكرامتهم وآدميتهم، وهي منظومة أسهل وأقل كلفة وأقل دموية، كما أنها صديقة للإنسان. هذه الحقيقة مرفوضة جملة وتفصيلاً من القائمين على الصراع، حتى إن أعلنوا عكس ذلك الذين يفضلون الأسلوب التقليدي، القائم على موازين القوة، ليسود المنطق الأمني وكأنه نقيض لمبادئ كرامة الإنسان، مع أنه بالإمكان الجمع بينهما، وسيكتشف العالم ذلك لاحقاً بعد ضياع أرواح وتشريد الملايين ولكن متأخر جداً كالعادة.

***

بدأت يوم أمس ورشة عمل لباحثي الدكتوراه بالتعاون ما بين مركز السلام للدراسات والجمعية الأميركية للعلوم السياسية وتستمر خمسة أيام. وتتضمن محاضرة عامة للدكتور محمد الصباح وزير الخارجية السابق غداً الثلاثاء الساعة ٢:٣٠ في قاعة محاضرات حديقة الشهيد.

back to top