في ما لا يمكن وصفه إلا بخطوة أخرى جديدة على طريق ليّ عنق الحقائق ومحاولات تحسين الصورة المفضوحة، أصدر نائب المدير العام للجنة الأولمبية الدولية، الإسباني بيري ميرو، بيانا غريبا في توقيته مثل غرابته في محتواه، وجاءت معانيه الركيكة متطابقة قبل أهدافه مع ما أدلى به رئيس اللجنة الأولمبية الكويتية الشيخ طلال الفهد، في المؤتمر الصحافي الذي أعقب انتهاء الجمعية العمومية غير العادية التي عقدت في 22 أكتوبر الماضي، وتحديدا في ما يخص تعهد سمو الأمير بتعديل القوانين بما يتوافق مع الميثاق الأولمبي، ليؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن البيان تمت صياغته في الكويت قبل أن يمر إلى لوزان ويعود إلى الكويت ثانية، وكتب بقلم "جاسوس حولي" محلي الصنع حبره تفوح منه رائحة "كلور حمامات السباحة" مخلوطة بدموع الأسى والانتقام لنهاية حكاية "أولمبيا".

Ad

ولعل من الجدير ملاحظته هو نشاط بيري ميرو المحموم لمتابعة ملف القضية الكويتية، والتفاعل مع كل ما يرد في الإعلام المحلي والرد عليه بشكل لا يمكن أن يؤدي إلا إلى إثارة المزيد من الشك الموجود أصلا حول الإصرار على تقديم الإيضاحات المتكررة بشأن علاقة أطراف معينة وتسمية أشخاص بعينهم كمتسببين في الأزمة الرياضية، وتسمية على عكس الواقع.

بيان بلا طعم

ويقول ميرو في البيان: "إن التقارير الإعلامية الأخيرة حول تعليق عمل "اللجنة الأولمبية الكويتية" لحماية الحركة الأولمبية في الكويت من التدخل الحكومي قد فشلت في إظهار الحقيقة الكاملة، أو رسم صورة موضوعية للأحداث، لذا نود اليوم أن نوضح هذه الحقائق ونضع الأمور في نصابها".

ويزعم البيان أن الحركة الأولمبية الكويتية "لطالما واجهت تدخلا حكوميا متكررا منذ عام 2007، مما دفع "اللجنة الأولمبية الدولية" عام 2010 إلى تعليق نشاطاتها".

ويضيف: "تم رفع التعليق عنها قبل انطلاق دورة الألعاب الأولمبية في لندن عام 2012، وذلك عقب تقديم أمير الكويت ضمانا بتعديل القوانين الرياضية في الدولة بما يتوافق تماما مع الميثاق الأولمبي".

ويتهم البيان الحكومة بأنها "لم تلتفت إلى تحذيرات اللجنة الأولمبية الدولية الشديدة في عام 2014" بخصوص تعارض التعديلات على القوانين الرياضية التي قررت إجراءها مع مبدأ استقلالية الحركة الأولمبية في الدولة.

كما زعم ميرو في بيانه "أن سمو رئيس الوزراء قدم خلال اجتماع عقده مع رئيس اللجنة الأولمبية الدولية في سبتمبر الماضي، تعهداً واضحاً بحل جميع القضايا المعلقة بما يتماشى مع مبادئ الحركة الأولمبية".

وأضاف: "عقب هذا الاجتماع، أرسل الشيخ سلمان الحمود، وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب، رسالة لبحث القوانين الرياضية التي طلبت "اللجنة الأولمبية الدولية" توضيح أحكام محددة فيها تتعارض مع الميثاق الأولمبي".

وحددت "اللجنة الأولمبية الدولية" عددا من الأحكام غير المتوافقة مع مبادئ استقلاليتها، والتي تم إيضاحها خلال اجتماع أقيم يوم 12 أكتوبر بين "اللجنة الأولمبية الدولية" و"اللجنة الأولمبية الكويتية" ووزير الرياضة الكويتي.

وبغية إيجاد الحل المناسب، اقترحت "اللجنة الأولمبية الدولية" تشكيل مجموعة عمل مهمتها إيجاد الحلول المناسبة في هذا الشأن.

وفي محاولة لإلقاء مسؤولية إيقاف النشاط على كاهل وزير الإعلام وزيرالشباب، قال البيان: "لكن مع الأسف لم يوافق وزير الرياضة على أي من الخيارات المقترحة، مما دفع "المجلس التنفيذي للجنة الأولمبية الدولية" في 27 أكتوبر إلى تعليق عضوية "اللجنة الأولمبية الكويتية" مجددا كإجراء احترازي".

واختتم بيري ميرو بيانه بتأكيد أن"اللجنة الأولمبية الدولية" بابها مفتوح دوما لأي حوار بناء، ولإيجاد حل سريع بهذا الخصوص".

رد على تساؤلات لم تطرح

ومما سبق يتضح أن البيان الصادر من المدعو بيري ميرو قد أتى بصيغة الرد والإجابة عن تساؤلات تطرح منذ فترة ليست بالقصيرة في الإطار المحلي فقط بين المؤيدين والمعارضين للقوانين المحلية أو لموقف هذا الطرف أو ذاك، من دون أن يطلب أحد سواء من الجهات الرسمية أو حتى الأهلية من ميرو أو لجنته الأولمبية بتزويده بأسماء المتسببين أو الأطراف التي قدمت الشكوى أو زودته ولجنته بالمعلومات والكتب المتعلقة بالأزمة، ورغم ذلك فإن اللجنة الأولمبية الدولية تصر على أن تقحم نفسها في هذا الجدل من دون أسباب.

ويبدو أن نشر قرار الإيقاف، الذي كان مسببا وحدد الخطأ حسب وجهة نظر اللجنة الأولمبية الدولية، إضافة إلى طريقة وآلية إصلاحه، لم يحقق الهدف منه ولم يؤت ثماره، فكان لابد من السعي إلى محاولة كسب ود الرأي العام، وإعادة الثقة التي فقدت في "حلفاء الداخل"، فجاءت خطوات بيري ميرو متتالية تارة ببيان مفضوح كهذا اليوم، وأخرى بتصريحات لمواقع ومجلات عالمية توجه من خلالها الاتهامات لأطراف معينة دون غيرها، في محاولة مكشوفة لتأجيجه عليها بهدف صار معروفا، رغم أنه من المفترض أن دور اللجنة الأولمبية الدولية يكون العمل على حل الأزمة وما يشابهها، إذا كانت تعمل بشفافية وحيادية، لكنها مع الأسف الشديد تلعب دورا آخر في الأزمة الكويتية، وهو تحديد الأطراف المتسببة فيها، ويا ليتها حددت المتسببين الحقيقيين!

إعادة الثقة المفقودة

ومن الواضح أن جاسوس حولي ومعازيبه ومن أوعز لميرو بإصدار هذا البيان أرادوا أن تعمل اللجنة الأولمبية الدولية على إعادة إكسابهم ثقة الرأي العام التي فقدوها بالتطرق إلى قرارها بتعليق النشاط الرياضي بشكل يبعث على الملل، وخصوصا أن القاصي والداني على علم بهذا المسلسل السخيف، بهدف حث الحكومة والضغط عليها من أجل تعديل القوانين بما يتماشى مع الطلبات الصادرة من الكويت وليس الميثاق الأولمبي الدولي، خصوصا أن القوانين لا تتعارض مع الميثاق أو غيره.

والطريف في الأمر أن الذي كتب البيان لميرو أكد أن باب اللجنة الأولمبية مفتوح لأي حوار بناء ولإيجاد حل سريع، ونسي في الوقت ذاته أن اللجنة أوصدت بابها خلال الاجتماع الذي عقد في لوزان في 12 أكتوبر الماضي، حينما طالب الشيخ سلمان الحمود بمناقشة الأمر في وقت لاحق للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف، لكن "الأولمبية" صاحبة الباب المفتوح دائما قررت تعليق النشاط عقب الاجتماع بـ15 يوما فقط، مما يؤكد أن النية كانت مبيتة لاتخاذ القرار، بهدف الضغط لتعديل القوانين الوطنية التي لا تحتاج إلى تعديل!

أسئلة تطرح نفسها بقوة

ولتأكيد أننا لا نتجنى على أحد ولا نوجه أصابع الاتهام إلى أحد جزافا، فإن أول القصيدة كُفر كما يقولون، حيث عاود ميرو في بيانه الحديث عن التقارير الإعلامية التي يرى أنها لم تنقل الحقيقة كاملة بشأن التعليق، وهناك عديد من الأسئلة التي تطرح نفسها مجددا حول من يترجم هذه التقارير التي تكتب باللغة العربية؟ وإلى أي مدى تتابع "الأولمبية الدولية" الدول التي تدخل في خلاف معها عبر صحفها المحلية؟ ومنذ متى تهتم "الأولمبية الدولية" بالتقارير الإعلامية والعمل على تصحيح ما جاء بها للرأي العام المحلي؟

وثمة سؤال آخر يطرح نفسه بقوة وفقا لبيان ميرو: ما هي مصلحة اللجنة الأولمبية الدولية في تبرئة بعض الأشخاص وإلقاء التهم واللوم على آخرين بالهمز واللمز تارة، وبشكل صريح تارة أخرى؟