تشهد الصين فترة من التباطؤ، وقد تسبب ذلك بقلق شديد لدى عديد من الناس، مع الذعر الذي تملك المستثمرين في شتى أنحاء الولايات المتحدة عند سماع أي أنباء تتعلق بهذا الموضوع.
وذكرت رئيسة مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جانيت يلين في مؤتمرها الصحافي الذي عقدته أخيرا لتوضيح قرار المحافظة على معدلات الفائدة المستهدفة من دون تغيير، ذكرت الصين 16 مرة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كما عبرت عن مخاوفها من أن التباطؤ الاقتصادي في الصين يمكن أن يفضي الى تأثير متصاعد، وأن يعيق النمو في الولايات المتحدة. ووصل الأمر عند عديد من المتشائمين الى حد إعلان أن ذلك يمثل نهاية «قصة الصين».الناتج المحلي الإجماليلم يعد الناتج المحلي الإجمالي في الصين ينمو عند حوالي 10 في المئة سنويا، كما كانت الحال خلال العقد الماضي. ويبلغ معدل النمو اليوم 7 في المئة – ولكن يتعين علينا وضع تلك الأرقام ضمن منظور محدد. في عام 2003 تنبأ جيم أونيل، وهو مؤسس مجموعة بريكس وفريقه في بنك غولدمان ساكس بأن يصل المعدل الحقيقي لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين بحلول عام 2015 الى 5.2 في المئة، وأن ينخفض الى أقل من 5 في المئة في عام 2017. وفي حقيقة الأمر لم يكن تباطؤ الاقتصاد الصيني غير متوقع، إذ لا توجد دولة تستطيع تحقيق نمو بنسبة 10 في المئة الى الأبد. وسوف تشهد هبوطا في العوائد، كما أنه كلما أصبحت الدولة أغنى ازداد تباطؤ النمو فيها. ومن خلال الحكم على توقعات أونيل فإن الصين تبلي بلاء حسناً في الوقت الراهن.وقبل 10 سنوات، عندما كانت الصين تنمو عند معدل يفوق 10 في المئة في العام، كان الناتج المحلي الإجمالي فيها يبلغ حوالي 2.5 تريليون دولار. وقد أضافت الصين في كل سنة حوالي 250 مليار دولار الى اقتصادها – أي ما يعادل كل الناتج المحلي الإجمالي لولاية لويزيانا الأميركية أو جمهورية الفلبين. ومع نمو الناتج المحلي الإجمالي اليوم عند حوالي 7 في المئة (أو أكثر من 10 تريليونات دولار)، فإن الاقتصاد الصيني يخلق كل سنة ولاية جديدة بحجم بنسلفانيا – وهذه حالة أكثر من لائقة.أسواق الأسهم الصينيةصحيح أن سوق الأسهم الصينية هبط بنسبة 40 في المئة عن معدل الذروة، ولكن ذلك ليس مؤشرا على التباطؤ في الصين بقدر ما هو عملية تصحيح لفقاعة غير عقلانية.وعندما علق محللون على هبوط سوق الأسهم في الصين تجاهل عديدون تحقيق السوق نحو 150 في المئة من الارتفاع خلال السنة الماضية. وحتى مع الاضطراب الأخير في سوق الأسهم فإنه لايزال أعلى بنسبة 50 في المئة عن العام الماضي. ولعديد من الأسباب ينطوي سوق الأسهم فيها على علاقة ضئيلة مع نموها الاقتصادي.وخلال الـ20 عاما الماضية، عندما كانت الصين تحقق نموا سريعا كاد سوق الأسهم فيها ألا يتزحزح، باستثناء البعض من التصحيح والوفرة غير المنطقية. وتصحيح سوق الأسهم في الصين هذه السنة لا يشكل بالضرورة مؤشرا على وجود مشكلة خطيرة في اقتصادها – ثم إن سوق الأسهم فيها لن يؤخر معدلات نمو ناتجها المحلي الإجمالي، نظراً لأن أقل من 15 في المئة من أصول العائلات الصينية المالية توجد في سوق الأسهم. والأكثر من ذلك أن هامش الديون يقل عن 2 في المئة من إجمالي أصول البنوك.ويرى البعض أن التباطؤ سوف يخلق أزمة ديون خطيرة في الصين ويفضي الى حصيلة مدمرة في العالم المالي ويدفع الصين نحو كساد اقتصادي . ويبلغ اجمالي الديون، بما فيها الشركات والحكومة، حوالي 180 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، بحسب أرقام الحكومة الصينية. ويجادل البعض في أن تضمين الالتزامات الحكومية الاخرى قد يرفع نسبة الدين الى الناتج المحلي الاجمالي الشاملة الى 250 في المئة. ويبعث هذا حقاً على القلق الى أن ننظر الى الجانب المتمثل في الأصول.ويقدر أن الصين – وبعد 30 سنة من النمو تمكنت من جمع أصول تصل الى 10 أمثال ناتجها المحلي الإجمالي، وقد بدأت الإصلاحات في عمليات تمويل الحكومات المحلية ونظام الظل المصرفي الذي يقدر أن يبلغ حوالي 25 في المئة الى 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي – ومع بلوغ معدلات التوفير الوطنية ما يقارب الـ 50 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، وهي كمية اصول ضخمة مع قدرة محدودة في الانتقال الدولي لرأس المال، فإن على من يريد تحقيق ربح من وضع الصين الكارثي ان ينتظر وقتا طويلا.ويوجد عديد من المتشائمين، ولكن الصين ستخيب أملهم من جديد. وبخلاف ما يقوله هؤلاء فإن قصة الصين تبعد كثيرا عن النهاية – إنها بداية فصل جديد من هذه الرواية الرائعة.
اقتصاد
لا داعي للقلق... الصين مازالت رائعة وتضيف سنوياً ما يعادل كل إنتاج الفلبين
03-10-2015