اكتمل عقد اللئام على أرض الشام بعد دخول الجيش الروسي بدببته المتوحشة إلى سورية، ليكملوا مهمتهم بأيديهم بقتل السوريين، بعد أن كان الآخرون يقومون بذلك بأسلحتهم وذخائرهم، وليقوموا أيضاً بتمزيق ما تبقى من ذلك البلد الذي اجتمع على أرضه مجرمو العصر لينفثوا سمومهم ويمارسوا وحشيتهم ويحققوا أحلامهم المريضة، وليجعلوا مأساة الشعب السوري عابرة للحدود ومدمرة لمشاعر الإنسانية الحقة التي لا توجد في موسكو وطهران وبكين ولندن وواشنطن وتل أبيب والضاحية الجنوبية.
كل تلك العواصم و"الكانتون" تمارس لعبة تمزيق سورية وقتل وتهجير شعبها بأدوات مختلفة وتبادل أدوار متقن بينها لم يشهده العالم من قبل، فهم جميعاً متفقون على تقسيم سورية وتحطيمها وتهجير شعبها لأسباب مختلفة، أصبح أي متابع لتطورات الشأن السوري وأحداث المنطقة يعلمها رغم عمليات التمويه الضخمة التي يقومون بها مجتمعين وفرادى، وكتبت عنها منذ أن تراجع الرئيس الأميركي باراك أوباما عن الدفاع عن "خطوطه الحمر" بعد استخدام الأسد الصغير للسلاح الكيماوي ضد شعبه في ريف دمشق في أغسطس 2013، واستمرار مسلسل تساقط البراميل المتفجرة على المدنيين في جميع المدن السورية دون أي ردة فعل دولية لحظر الطيران فوق سورية.ونحن أيضاً في الخليج، كان لنا دور في مأساة سورية عبر أبنائنا الذين تستخدمهم إيران وسورية "بحرفنة" لابتزاز العالم، والغرب تحديداً، عبر عنوان الإرهاب والقاعدة وداعش، فنحن في الخليج لم نستطع أن نلجم الحالة التي أطلقناها منذ عقود ومولناها وأسميناها "الصحوة الإسلامية" والتي استغلتها إيران لتسوّق نفسها الحليف الإقليمي البديل للغرب عن التطرف العربي السني، ونجحت في العراق، وها هي تعيد الكَرّة في سورية وتحاول في اليمن، بينما يستبق رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو افتتاح مركز التنسيق الإيراني- الروسي- العراقي في بغداد بزيارة إلى موسكو تنتهي بتنسيق وتفاهم حول المصالح الإسرائيلية في سورية!نتذكر أنه بعد أيام من بداية أحداث أطفال درعا التي كانت شرارة الثورة السورية، أطلق الطاغية بشار الأسد أكاذيبه عن الإرهابيين والجماعات المسلحة في سورية، والتي لم يكن لها وجود حينئذ، ورددت طهران وموسكو نفس الأسطوانة وكأن أطفال حوران الذين قطعت أصابعهم وخرقت أجسادهم بـ "الدريل" الكهربائي هم قادة تنظيم القاعدة وتورا بورا، وهو نفس الأسلوب الذي استخدم في العراق، ونهر البارد وطرابلس وصيدا في لبنان لسحق استبداد النظام السوري، ومقاومة المشروع القومي الإيراني في المنطقة، ومنذ ذلك اليوم بدأ تصنيع الجماعات الإرهابية وتجميعها من سجون العراق والمنفى الإيراني.وللأسف، فإن شبابنا الخليجيين المتوهمين بخرافات دولة الخلافة الإسلامية الكبرى كانوا أساس اختلاق تلك التنظيمات، التي زودت بالسلاح ومئات عربات الدفع الرباعي الجديدة، وانسحبت جيوش من أمامهم، ليستولوا على مخازن سلاح ومعدات ثقيلة في مشهد عبثي فاقع، ليصدموا العالم بعد ذلك بأفعال "داعش" المروعة.واليوم إيران مع روسيا وميليشياتهما الطائفية تنهش الشام تحت "يافطة" محاربة الإرهاب، وتساعد فعلياً على قتل الشعب السوري الثائر ضد طاغية دمشق، والغريب أن إيران التي تتحدث عن الممانعة ومقاومة إسرائيل تقوم بأكبر خدمة تاريخية لتل أبيب عبر تفكيك وتدمير أكبر تهديدين جديين لها، بتدمير سورية والعراق وتفكيكهما إلى دويلات طائفية صغيرة لا تمثل أي تحدٍّ للكيان العبري، وهو ما كشف كذبة "حزب الله" في المقاومة وتبيان حقيقته، فلا يمكن لقوة مقاومة أن تضحي ببضع عشرات من مقاتليها لتحرير شريط حدودي في جنوب لبنان، وفي المقابل تمزق دولة بحجم سورية وتقتل وتشرد شعباً عربياً تعداده يجاوز 22 مليون نسمة، لذا فهو منطق جنوني ومعادلة خرافية، وحقيقة الأمر انه تنظيم طائفي ضمن مشروع قومي فارسي استغل قضية المقاومة ومحاربة إسرائيل للانتشار ولاستخدام طهران له كورقة مساومة وتفاوض في خارطة التوازنات إقليمياً ودولياً ونقطة ارتكاز لمشروع طهران في الإقليم.نعم المستبد والمتوحش والديكتاتور والطائفي والأصولي المتخلف ينهشون جميعاً في جسد الشام، وإيران تموّل الروس في تلك العملية عبر هيمنتها على المقدرات الاقتصادية لدولة عربية أخرى هي العراق، والعرب يتفرجون، والقاهرة تدور في فلك قراءة سطحية للحدث السوري محصورة في مخاوفها من الإخوان المسلمين، وتتحدث عن سقوط الأسلحة الثقيلة في يد المتطرفين إذا سقطت الدولة السورية، وكأنه تبقى شيء في سورية لم يسقط في ذلك البلد المحتل من إيران وروسيا والميليشيات الطائفية، ولكن التاريخ وأفعال أهل الشام ينبئاننا بأن الغزاة سيحتلون ويمزقون جسد سورية، ولكنهم لن يبقوا، وسيلقنهم أهل الشام من جميع أطيافهم درساً لن ينسوه وإن طال الزمان.
أخر كلام
اللئام يجتمعون على أرض الشام
04-10-2015