"اللي مرتاح ويشرب قهوته بماي حكومي وكهرباء حكومية وتمويل حكومي وأرض حكومية سهل جداً ينتقد الحكومة"...
صدقوا أو لا تصدقوا العبارة السابقة لم تكن على لسان لجنة خيرية تنشط وسط أدغال إفريقيا بين الضواري والهوام، أو جمعية إغاثية تلاحق أيتام آسيا عبر مستنقعات الأرز لتمسح على رؤوسهم، هذه العبارة نطق بها وزير دولة في حكومة وصفها الدستوري "منفذة" لا "فاعل خير"، حكومة تستمد سلطتها من نصوص الدستور لا بحسب شرعية "هنيالك يا فاعل الخير والثواب"، وزير يفترض به أن يعلم أن أول ردّ على كلامه سيكون وسط دفَّتي الدستور الذي أقسم عليه، هذا الدستور الذي لم تستثنِ مواد حرياته احتساء القهوة بالماء الحكومي والتنعم بالكهرباء الحكومية، والتمون باللوازم التموينية، ودخول قرعة بيوت الإسكان، بل أطلقت زناد يد الانتقاد المشروع وجعلت منه ناراً على علم ديموقراطيتنا ذات الخمسة والخمسين عاماً.إن مجرد التفكير في ديمقراطية بدون انتقاد يشبه نكتة الرجل الذي أراد مشاهدة القنوات الفضائية، فباع التلفزيون الوحيد المتوفر في منزله ليشتري بثمنه "رسيفر"!انتقاد الحكومة هو حق أصيل من حقوق الشعب، وهو حق مكفول مدى الحياة الدستورية، مكفول ضد ماء الحكومة وكسر كهربائها وخدش تموينها، وسيبقى حقاً أبدياً ما دمنا نملك الفاتورة الأصلية وهي ذات الفاتورة القديمة التي خطها المؤسسون، فاتورة مختومة بختم الدستور ذاته، فاتورة تقول سطورها في "مادة 36" إن "حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون".
مقالات - اضافات
خارج السرب: فاتورة 36
12-12-2015