Concussion... إصابات اللاعبين الدماغية

نشر في 15-12-2015 | 00:01
آخر تحديث 15-12-2015 | 00:01
يعلم بيتر لاندزمان معنى التعرّض لضربة قاسية في الرأس لدرجة أن يشاهد النجوم أمام عينيه! قبل أن يصبح صحافياً استقصائياً ومخرجاً، كان لاندزمان يلعب كرة القدم الأميركية في المدرسة الثانوية ثم في الجامعة كلاعب وسط ومدافع. بعد خوض مباريات كثيرة، واجه أعنف اللحظات في المباريات وكان يستمتع بها.
قال لاندزمان حديثاً في لوس أنجلس: «كم مرة كان يرن هاتفي؟ طوال الوقت، كل يوم! كان شرفاً لي أن يرتفع الطلب عليّ وأعود إلى أرض الملعب وأهاجم بكل قوة».
لاندزمان كاتب فيلم  Concussion ومخرجه. يبلغ من العمر 50 عاماً ولا يزال يتمتّع ببنية قوية ويحاول خوض تجربة مختلفة. يتناول الفيلم الإصابات الدماغية في الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية، وهو موضوع مثير للجدل ويعتبر كثيرون أنه يطرح تهديداً وجودياً على أحد أبرز النشاطات الترفيهية الشائعة في الولايات المتحدة وواحدة من أهم المؤسسات في عالم الرياضة.

يبدأ عرض فيلم Concussion في 25 ديسمبر، أي في منتصف موسم الجوائز ودوري كرة القدم، وهو من بطولة ويل سميث بدور الدكتور بينيت أومالو، عالِم في مجال الطب الشرعي يبلغ عن أول حالة من اعتلال الدماغ الرضحي المزمن لدى لاعب كرة قدم محترف في عام 2005. يرتبط المرض بضربات متكررة على الرأس وقد يؤدي إلى الخرف والعدائية والاكتئاب وجرى تشخيصه عند تشريح جثث عشرات اللاعبين السابقين في الدوري الوطني لكرة القدم، منهم المدافع الشهير جونيور سو الذي انتحر في عام 2012.

 في شهر أبريل، وافق قاضٍ اتحادي على تسوية محتملة بقيمة مليار دولار في دعوى قضائية مرفوعة ضد الدوري الوطني لكرة القدم من آلاف اللاعبين السابقين بتهمة إخفاء المعلومات عن مخاطر الارتجاجات الدماغية. بموجب شروط التسوية، لم يعترف الدوري الوطني لكرة القدم بالذنب.

أوضح لاندزمان: {يواجه الفيلم تحدياً كبيراً. يتعدد الأشخاص الذين يتخذون مواقف خاطئة في هذه القضية. يبدو الوضع أشبه بعام 1491 حين كان كثيرون يظنون أن العالم مسطّح... وكأن ويل الذي يؤدي دور بينيت هو كريستوفر كولومبوس}.

تعليقات

انقسمت أولى التعليقات على الفيلم، لكن بما أنه يجمع بين أنجح النجوم على شباك التذاكر ويطرح قصة مهمة ومثيرة للجدل، من المتوقع أن يحقق العمل الذي كلف إنتاجه 35 مليون دولار نجاحاً تجارياً واسعاً.

نظراً إلى عمق العلاقة بين الدوري الوطني لكرة القدم والقطاع الترفيهي، يُعتبَر صدور فيلم Concussion مفاجئاً، فكيف بالحري أن تتولى إنتاجه شركة كبرى مثل {سوني بيكتشرز}؟ صحيح أن أفلاماً كثيرة استكشفت الجوانب الأقل جذباً من المباريات على أرض الملعب، مثل North Dallas Forty وAny Given Sunday، لكن ثمة تقدير واضح لهذه الرياضة عند تجسيدها على الشاشة.

قالت المنتجة جيانينا سكوت التي ساهمت في إطلاق المشروع مع زوجها ريدلي سكوت الذي شارك في الإنتاج: {كل من تحدثنا معه في البداية ظن أننا مجانين ولم يشأ أحد المشاركة في العمل. لكننا أصرينا أنا وريدلي على إصدار الفيلم وبذلنا قصارى جهدنا لتحقيق ذلك}.

كان أومالو نفسه أول من طرح قصته على قطاع إنتاج الأفلام، فاستعمل قصة نُشرت في مجلة {جي كيو} في عام 2009 للكاتبة جان ماري لاسكاس: إنها القصة التي يرتكز عليها فيلم Concussion. نشأ في بلدة في نيجيريا وهو سادس ابن بين أشقائه السبعة. لقد عشق الولايات المتحدة بفضل أفلامها وكان يعلم الأثر الذي يمكن أن تتركه.

أخرج لاندزمان أول عمل له في عام 2013 وكان عبارة عن فيلم درامي تاريخي بعنوان Parkland، وقد وقع الاختيار عليه لتولي الكتابة والإخراج. لكن مر المشروع على شركات إنتاج عدة قبل أن توافق رئيسة شركة {سوني} السابقة إيمي باسكال على إنتاج الفيلم. قال لاندزمان: {وصل عرض ريدلي إلى شركة {فوكس}، لكنّ هذه الشركة ناشطة في مجال كرة القدم وترتبط كل شركة إنتاج أخرى أصلاً بعالم كرة القدم. لذا كانت شركة {سوني} المكان الوحيد لإنتاج العمل. هي معروفة بإنتاج أفلام ذكية ومؤثرة للراشدين مثل Moneyball وFoxcatcher

وZero Dark Thirty وبدعم المخرجين الذين يريدون إعداد أفلام جريئة}.

يتذكر سميث ما حصل قائلاً: {اتصل بي ريدلي يوماً وقال لي: لدي هدية لك! قرأتُ السيناريو وشعرتُ بأنه مكتوب بأسلوب جميل. إنه عمل فني يرغب فيه الجميع. لكني لم أشأ أن أؤدي دور ذلك الرجل. لطالما كنت أحد محبي هذه اللعبة ويلعب ابني تراي كرة القدم أيضاً}. لكن بعد مقابلة أومالو وسماع قصة حياته، اقتنع سميث في النهاية بتجسيد الدور: {تأثرتُ كثيراً حين شرح لي المعطيات العلمية وفهمتُ أنني كأب لا أدرك حقيقة ما يحصل. حين كان ابني يلعب كرة القدم، لم تحصل أي مناقشة عن الارتجاج الدماغي. لم يُذكَر هذا الموضوع طوال أربع سنوات. حصل ذلك في مدرسة {أوكس كريستيان} المعروفة بتنظيم مباريات كرة قدم. إذا كنت أنا لا أعلم عن الموضوع، أفترض أن الأهالي الآخرين لا يعلمون أيضاً}.

تقول منتجة فيلم Concussion ومديرة الإنتاج السابقة في شركة {سوني}، إليزابيث كانتيلون، إن الفيلم خضع لتدقيق حذر مثل أي فيلم آخر مقتبس من قصة حقيقية: {يكون معظم الأفلام الواقعية والسردية التي تدور حول أحداث معاصرة تحت المجهر. عملتُ في فيلمَي The Social Network

وCaptain Phillips. تحصد هذه القصص الانتقادات والتدقيق. لذا يجب التنبه إلى أدق التفاصيل}.

إصابة الهدف

يقول ريدلي سكوت من جهته إن العمل النهائي يصيب الهدف بغض النظر عن النقاشات الداخلية التي حصلت: {لا أعلم إذا كان أحد يستطيع أن يحقق ما فعله بيتر}.

بغض النظر عن التعليقات السلبية التي يتلقاها الدوري الوطني لكرة القدم، بسبب حالات الارتجاج الدماغي أو الاعتقالات بتهمة العنف المنزلي أو فضيحة {ديفليغايت}، يبدو أن نسبة مشاهدة مباريات كرة القدم تزداد. هذه السنة، جذبت المباراة النهائية رقماً قياسياً بلغ 114.4 مليون مشاهد.

يقول الفريق الذي يقف وراء الفيلم إن العمل لا يهدف إلى القضاء على كرة القدم الأميركية (حتى أومالو يقول إنه ليس ضد كرة القدم!) لكنه يسعى بكل بساطة إلى زيادة الوعي بشأن مخاطر الرياضة لصالح اللاعبين والمعجبين والأهالي. حين سُئل سميث إذا كانت المعلومات التي اكتشفها غيَّرت طريقة مشاهدته للمباريات، سكت للحظة قبل أن يجيب: «لم أشاهد أي مباراة في هذا الموسم بعد. لا أتجنبها عمداً فقد كنت منشغلاً بالعمل بكل بساطة. لا أظن أنني سأتمكن يوماً من النظر إليها بطريقة سلبية. لا يمكن ألا أستمتع باللعبة. لكنه وضع شائك وأظن أنه سيكون كذلك بالنسبة إلى الجميع».

back to top