أكدت مسؤولة برنامج السلامة والصحة المهنية في المكتب الاقليمي لمنظمة العمل الدولية منال القزّي أن وضع سوق العمل الكويتي في ما يخص السلامة والصحة المهنية غير جيد، وبحاجة إلى مساعدة، لاسيما في ظل زيادة الحوادث العمالية، خصوصا في قطاع البناء.

Ad

وقالت القزّي لـ"الجريدة" إنه "موضوع السلامة والصحة المهنية في الكويت لايزال قابلاً للتطوير والتعديل، في ظل وضع الدولة يديها على مكامن الخلل، ومحاولة اتخاذ الاجراءات اللازمة لتقليص نسب الحوادث العمالية والوقاية منها، من خلال الاستماع الى الاستشارات الدولية في هذا الشأن"، مشيرة إلى أن "نسب الحوادث العمالية في البلاد كبيرة، حيث تخطت الـ 50 حادثاً خلال النصف الاول من العام الحالي، وهذا رقم كبير يمثل فقط أعداد الحوادث التي أبلغت بها الهيئة، غير أن هذا الرقم قد يضاعف 5 مرات لبلوغ النسب الحقيقة".

عمل الظهيرة

واعتبرت أن قرار الهيئة العامة للقوى العاملة بشأن حظر العمل وقت الظهيرة خلال الصيف، من مطلع يونيو حتى نهاية اغسطس سنويا، "يعد انجازا كبيرا في طريق السلامة والصحة المهنية للعمالة الوافدة، ويساعد بصورة فاعلة في عدم تعريضهم لمشكلات صحية خطيرة، لاسيما خلال الصيف الذي ترتفع فيه درجات الحرارة الى معدلات كبيرة، في الكويت ودول الخليج بصفة عامة".

ولفتت إلى أن زيارة وفد المنظمة للكويت تأتي في إطار مشروع التعاون الذي تم توقيعه في نوفمبر 2014، مع حكومتها، بالتعاون مع مكتب المنظمة في البلاد، ومنظمة الهجرة الدولية، وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي، وذلك بهدف الوقوف على أنظمة تفتيش العمل في الكويت، لاسيما في مجال السلامة والصحة المهنية، وتقديم المقترحات الكفيلة بتطوير تلك الأنظمة وزيادة كفاءاتها، مشيرة إلى أن الزيارة تهدف ايضا الى مراجعة آليات التفتيش التي تضمنها القانون 6 لسنة 2010، الصادر بشأن العمل في القطاع الاهلي، وكيفية تطبيقها.

وأوضحت أن من أبرز الملاحظات التي رصدتها تلك الزيارة عدم دراية العمال الوافدين بحقوقهم القانونية، إضافة إلى تخوفهم من الدولة وإن كانت تسعى الى حفظ حقوقهم، مؤكدة أن المنظمة تسعى الى تعريف العمال بحقهم في العمل نظير الحصول على مقابل مادي مع الزام صاحب العمل بتوفير الحماية لهم خلال العمل.

لجنة وطنية

وذكرت القزّي أن "وفد المنظمة عقد اجتماعات عدة مع الجهات ذات العلاقة، وتم الحديث خلال الاجتماعات حول امكانية استحداث لجنة وطنية للسلامة والصحة المهنية للعمالة الوافدة تضم اطراف الانتاج الثلاثة، أولها الحكومة ممثلة في وزارات الداخلية، والشؤون، والصحة، والتجارة، وثانيها العمال ممثلين في الاتحادات والنقابات العمالية، إلى جانب أصحاب الاعمال ممثلين في غرفة تجارة وصناعة الكويت".

وعن آليات التفتيش المتبعة في الكويت، ومدى توافقها مع المعايير الدولية للمنظمة، وهل هي قادرة على تحقيق الهدف المرجو منها من حفظ حقوق العمالة الوافدة، والقضاء على الشركات الوهمية ومحاربة تجارة الاقامات، قالت إن "هناك اجراءات عدة تتخذها الهيئة العامة للقوى العاملة، ممثلة في إدارة تفتيش العمل، للنهوض بالسلامة والصحة المهنية للعمالة الوافدة"، معتبرة أن "هذه الاجراءات جيدة جدا، ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، طريقة التوزيع الجغرافي للمفتشين وتغطية معظم مناطق البلاد، فضلا عن المتابعة الدورية للشركات الكبرى المسجل على ملفاتها الاف العمالة الوافدة، للوقوف أولا بأول على ما تعانيه من مشكلات في العمل أو السكن".

نقاط الضعف

وأضافت أن هناك في المقابل "نواقص وبعض نقاط الضعف التي تستلزم زيادة الوعي والتدريب لدى المفتشين، ومنها آليات وبنود التفتيش، وكيفية كتابة التقارير عن حوادث العمل القاتلة وغير القاتلة، إلى جانب تطبيق مواد القانون (6/2010) الخاصة بالصحة والسلامة المهنية على الوجه الأكمل، فضلاً عن زياة تدريب المفتشين وكيفية تدوين الحوادث، والوقاية منها، من خلال انشاء نظام داخل كل مؤسسة عاملة في القطاع الاهلي".

وأشارت إلى أن "الجيد في الأمر أن الإدارة على علم بتلك النواقص ونقاط الضعف وتحاول سدها ومعالجتها"، مبينة أن "مسؤولي الهيئة أبلغونا عن وجود 12 مفتشاً مختصين بالسلامة والصحة المهنية، فضلاً عن 12 الى 30 مفتش عمل في كل محافظة، وهو عدد لا بأس به".

الشركات الوهمية

وأشارت القزّي إلى أنه الاجتماعات شهدت مناقشة كيفية حماية العمالة المسجلة على ملفات الشركات الوهمية والمغلقة، من خلال تطوير عمليات التفتيش، وتم اقتراح افكار عدة لتحسين معالجة هذا الملف، مثل اغلاق ملفات تلك الشركات بصورة نهائية، لافتة إلى أن المنظمة تهدف إلى وضع سياسة وطنية في مجال السلامة والصحة المهنية في الكويت.

ورأت أن القانون 6 لسنة 2010، الصادر بشأن العمل في القطاع الأهلي "ليس قادرا بالصورة المثالية" على حماية حقوق العمالة الوافدة، لاسيما بشأن السلامة والصحة المهنية، مستدركة: "غير أنه يعد نقطة انطلاق، فالقانون شامل لكل ما يخص العمالة الوافدة دون الخوض في بعض التفاصيل الدقيقة التي تخص السلامة والصحة المهنية، إضافة إلى ذلك لا يوجد قانون بتلك السلامة والصحة، بل هناك فقط قرارات تابعة للقانون تنظم المسألة".

الاتفاقيات الدولية

ودعت القزّي الكويت إلى "المصادقة على الاتفاقيات الدولية الخاصة بالسلامة والصحة المهنية، والتي اهمها الاتفاقيتان (187 و155) بشأن الشروط الاساسية لتطبيق السلامة والصحة المهنية"، مشيرة إلى أن "الحديث عن انشاء محاكم عمالية في الكويت، أو استصدار قانون خاص بالسلامة والصحة المهنية من المقترحات الخيالية خلال الفترة الحالية، لكننا نسعى الان إلى اقرار الحقوق الاساسية للعمالة، كتقليص حوادث العمل ومن ثم الالتفات إلى هذه الامور".

وشددت على أن "زيادة معدلات الوقاية من مخاطر الاعمال ينعكس بالايجاب على حجم الانتاج، ويوفر الوقت والجهد المبذولين من تدريب عامل آخر للقيام بذات العمل في حال تعرض الاول لإصابة اثناء العمل، إضافة إلى توفيره المال الذي ستنفقه الشركة أو المؤسسة لتعويض العامل المصاب".

بدوره، قال المنسق الوطني لمشروع الاتفاقية بين المنظمة والكويت، جابر العلي إن هذا "المشروع يشتمل على قسمين، الاول المعايير الدولية الخاصة بالاتفاقيات الدولية، والثاني يختص بالتفتيش والصحة والسلامة المهنية"، لافتا إلى أن "المشروع يعد النشاط الثاني للكويت مع المنظمة، ويهدف إلى عمل تقييم أولي عن السلامة المهنية في البلاد، لعرفة النواقص والسلبيات"، مشددا على "أهمية التفتيش على العمل لكونه الضامن الوحيد لتنفيذ جميع الاتفاقيات الدولية الموقعة بشأن حماية حقوق العمالة الوافدة".