اختتم الكونغرس الأميركي الجمعة سنته بالتصويت على قانون هام يسمح بتمويل الدولة الفدرالية وأيضاً فرض تأشيرات على بعض السياح والزوار الأجانب خاصة الأوروبيين كما يجيز صادرات النفط.

Ad

وأقر مجلس النواب ثم مجلس الشيوخ تباعاً في خلال بضع ساعات قبل بدء عطلة عيد الميلاد ورأس السنة، تسوية تم التوصل إليها عبر التفاوض بين الغالبية الجمهورية والأقلية الديمقراطية.

وهكذا يمكن للرئيس الأميركي أن يذهب لتمضية عطلة عيد الميلاد مطمئناً هادىء البال.

وصرّح رئيس مجلس النواب الجديد الجمهوري بول راين "أن الكونغرس بإمكانه الآن التفكير بانطلاقة جديدة في 2016".

وقال الرئيس باراك أوباما في مؤتمر صحافي "إنها علاقة عمل جيدة"، مضيفاً "لقد أحسن فعلاً (راين)".

إلا أن السنة التي تشرف على نهايتها لم تخل سياسياً من بعض الاضطراب مع اضطرار رئيس مجلس النواب جون باينر للاستقالة ليحل مكانه في أكتوبر السياسي الشاب بول راين (45 عاماً) الذي هدأ الوضع بين الجمهوريين المعتدلين ومتمردي حزب الشاي (تي بارتي).

والقانون الذي اعتمد الجمعة يوزع 1149 مليار دولار من النفقات الفدرالية لانهاء السنة المالية، أي حتى 30 سبتمبر 2016، وذلك يضمن عدم إغلاق الإدارات، وميزانية العمل هذه تمثل حوالي ثلث النفقات الإجمالية للدولة الفدرالية، فيما يتعلق الباقي بالبرامج الاجتماعية الكبرى مثل الصحة والتقاعد وغيرها.

وهذا النجاح يعود في آن إلى بول راين والرئيس الديموقراطي، فلهجة المواجهة حتى التطرف التي سممت العلاقات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية توارت.

ويبدي الديموقراطيون ارتياحهم لأن التسوية خلت تقريباً من مطبات المحافظين، فإصلاح النظام الصحي المعروف بـ "اوباما كير" لم يمس عملياً، وبرنامج المناخ للرئيس أوباما بقي على حاله، واعتمادات الطاقة الهوائية والشمسية تم تجديدها كما أبقي على تدابير المساعدات المالية للأسر التي طالما طالب بها الديمقراطيون.

إلى ذلك فإن اختبار القوة حول التخطيط الأسري والاجهاض الذي طالما أثار القلق لم يحدث.

نفط، ضرائب

صحيح أن الديموقراطيين وافقوا على بعض مطالب الجمهوريين وأبرزها وأكثرها رمزية إبطال حظر تصدير النفط الأميركي المعمول به منذ 1975، لكن التنازل اعتبره اوباما مقبولاً لاسيما وأن الأسواق العالمية لم تكن تتوقع أي اضطراب.

وقد وضع الكونغرس القليل من النظام في البيت المالي من خلال التجديد أو فرض استمرارية نحو خمسين تدبيراً للتخفيضات الضريبية للأسر والشركات، بما يقدر بأكثر من 600 مليار دولار على مدى عشر سنوات.

ويتذمر أرباب العمل منذ سنوات من نقص الرؤية الضريبية لأن البرلمانيين اعتادوا بشكل مؤسف على ترك بعض التخفيضات تنقضي مدتها أو على انقاذ أخرى في اللحظة الأخيرة وأحياناً بمفعول رجعي.

وفي هذا الصدد عبّر مارك وينبغرغر رئيس مجلس إدارة مؤسسة التدقيق المالي ارنست اند يونغ والعضو في اتحاد أرباب العمل "بزنيس راوند تيبل" عن أسفه.

وقال أن "عدم استقرار الميزانية والشكوك المحيطة بالقانون المالي أديا إلى خنق الاستثمارات طيلة سنوات"، مضيفاً "من خلال عمله لحل هذه المشكلات المستمرة من أمد طويل، سيحفز الكونغرس النمو الاقتصادي والتحديث وخلق الوظائف".

تشديد التدابير على الحدود

إلا أن تشديد شروط الدخول إلى الولايات المتحدة بالنسبة لبعض رعايا 38 دولة أعضاء في برنامج الاعفاء من التأشيرات (30 بلداً أوروبياً إضافة إلى اليابان وأستراليا) كان موضع توافق نسبي.

فالفرنسي أو الألماني الذي يحمل أيضاً جنسية العراق أو سورية أو ايران أو أي بلد آخر صنفته الإدارة على أنه خطر، لم يعد بإمكانه المجيء إلى الولايات المتحدة بدون الحصول على تأشيرة.

وفي حال زار هذه البلدان منذ الأول من مارس 2011، يتعين عليه أيضاً الذهاب إلى قنصلية أميركية لمقابلة تأخذ خلالها السلطات الأميركية بصماتك وصورتك، إنه النظام نفسه المعتمد للسياح الصينيين أو البولنديين.

لكن موعد سريان مفعول هذا القرار كان لا يزال غير معروف الجمعة، فيما تعود مهمة تطبيقه للإدارة الديموقراطية.

وهذه القيود التي أثارت انتقادات شديدة من قبل الاتحاد الأوروبي، هي أحد ردود البرلمانيين على اعتداءات باريس، فهم يأملون أن يسمح الاجراء الجديد برصد جهاديين محتملين يحملون جوازات أوروبية، حتى وإن أكد الأوروبيون على أن التدبير سيكون تمييزياً خاصة بالنسبة للسياح الشرفاء.

لكن الخطر الإرهابي يطغى على النقاش السياسي وحملة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة منذ اعتداءات باريس (130 قتيلاً) وهجوم سان برناردينو (14 قتيلاً)، وتحضر إصلاحات جديدة لتعميق عمليات المراقبة لمرشحي التأشيرات، واحتمالاً لكبح وصول لاجئين سوريين لكن هذا الأمر لا يُحظى بالتوافق نفسه.