زيارة قام بها السفير العنيزي إلى أحد الدواوين تلقى فيها، نيابةً عن كتاب الزوايا في الصحف الكويتية، هجوماً وانتقادات حادة، حيث صب عليه المنتقدون غضبهم من الحكومة، غير أن تلك الصواريخ التي أطلقوها عليه من نوع ليش؟ ولماذا؟ وإلى متى؟ زادته إحساساً بأن ما يحرك تلك المشاعر حب عميق للوطن وحرص على سلامته.

Ad

في الأسبوع الماضي زرت أحد الدواوين في البلاد، كان الجمع الطيب يتكون من نخبة ضمت العديد من الشخصيات العامة، ومن جميع الاتجاهات والمشارب، لم يكن يدور بخلدي أنني سأكون في مرمى هجوم حادّ وقوي ومباغت من كل الموجودين، حتى شعرت في لحظة بأنني السبب في كل ما تعانيه البلاد من تردٍّ في كل الخدمات العامة، وقد وجدها البعض فرصة لتفريغ الشحنة السلبية المتراكمة داخله.

بدأ الهجوم عندما قام أحد الإخوة الأعزاء بتأكيد أن مقالي في ذلك اليوم بعنوان "ما أروع الكويت" مدفوع الثمن وقد يتجاوز الآلاف! ولا أخفيكم أنني بقدر ما تألمت، فقد تمنيت أن يكون ذلك صحيحاً، فقد أجريت حسبة سريعة في ذهني، حيث بدأت بهواية الكتابة الصحافية (ومازلت) منذ فترة التسعينيات، تنقلت فيها من جريدة "الوطن" إلى جريدة "القبس" و"القبس الدولي"، واستقر المقام في جريدة "الجريدة"، ولكن المشكلة أنني لا أعتقد أن مقالاتي قابلة للتأجير، ثم توالى الهجوم من الإخوة الكرام بأنني وبعض الإخوة والأخوات كتاب الرأى والزوايا في الصحف الكويتية: نراكم في كل واد تهيمون في تحليل الأوضاع الدولية والإقليمية متناسين ما نعانيه نحن، المواطنين، وما وصلنا إليه من تردٍّ في الخدمات العامة، ما عدا بعض المقالات التي تمر أحياناً مرور الكرام...

أين أنتم من هذا الازدحام في شوارع الكويت طوال اليوم والذي غدا يلتهم البشر، مع استهتارٍ تجاوز الحد؟ أين أنتم من توضيح ما وصلت إليه الأوضاع المأساوية في مستشفيات البلاد، وعندها تحدث أحد الحضور عن تجربته الشخصية وأنه قام بنقل أحد أقربائه إلى قسم الطوارئ في المستشفى الأميري، وكم تألم عندما رأى المرضى وقد تم رصهم في الممرات، وقد علقت على الأسرّة أجهزة التغذية والأكسجين، في لوحة مأساوية ذكرتني بتلك اللحظات أثناء العودة من البحر الميت إلى مدينة عمان برفقة المغفور له جاسم الخرافي، رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته، وقد بدا عليه الانفعال، وهو يتحدت بالهاتف مع أحد المسؤولين في الدولة لطلب مساعدته لإيجاد غرفة خاصة لأحد رجالات الكويت لا لتلقي العلاج بل فقط ليموت فيها، بدلاً من أن يموت في الممرات، ولكن إرادة الله شاءت أن يسلم الأمانة إلى بارئها قبل أن يتم الحصول على غرفة خاصة...

وتواصل الهجوم حتى شعرت بأن الحضور الكريم يريد أن "يطلع حرته"من الحكومة من خلال الهجوم على كتاب الزوايا والآراء في كل الصحف المحلية، والتي لم تستطع أن تحرك ساكناً لحكومة أقامت بينها وبين الشعب سداً من زبر الحديد، فلم يسطع له نقباً، تواصل الهجوم: أين أنتم من موضوع التركيبة السكانية، وقد تجاوز أعداد العمالة الوافدة الملايين، فهل مصالح تجار الإقامات أهم من الكويت الوطن؟ وأين تذهب تلك المليارات المحصلة منها؟ توالى الهجوم والقصف بصواريخ من نوع ليش؟ لماذا؟ إلى متى؟ وغيرها، فأحسست أن حرارة المكان بدأت بالارتفاع والألم يزداد مع الإحساس بأن من يحرك تلك المشاعر حب عميق لهذا الوطن والحرص على أمنه وسلامته.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.