انطلاقاً من المقولة الشعبية "خبز خبزتيه يالرفله اكليه" يمكن أن أبدأ حديثي حول التصريح الذي أدلى به النائب الفاضل عبدالرحمن الجيران لإحدى الصحف الكويتية، ولا فض فوه، وخسأ حاسدوه، اتهم أبناء الكويت بعدم الإخلاص دون أن يستخدم بعض الألفاظ التي قد تحجّم أو تخفف وقع الآثار السيئة لتصريحه، فقد استخدم أسلوب التعميم بقوله "الكويتيون تربوا على عدم الإخلاص في العمل والكسب السريع دون بذل أي جهد"، وكما يقال "من فمك ندينك"، والسؤال: هل حضرة النائب الفاضل مقتنع بما قال؟ وهل يعلم أنه بهذا الوصف أطلق الحكم على نفسه وعائلته وحزبه واعترف جهاراً نهاراً وعلى الملأ بأنهم جميعاً غير مخلصين؟ فإذا كان مقتنعاً بما قال فنقول: يا معلم الناس علّم نفسك وأنت الرمز لتيار ديني وتحمل شهادة ودرجة علمية، ويسبق اسمك حرف الدال، ولن أتهمك في درجتك العلمية فأنا أحرص ما أكون على مقامات الناس وكراماتهم، ولكن أتساءل وأنت من أنت في مقامك ودرجتك العلمية والأمانة التي حمّلها لك ناخبوك كيف لمثلك أن يطلق الألقاب والكلمات والأوصاف دون أن يقيدها؟ ونسيت حديث الحبيب المصطفى، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه، والذي رواه الشيخان والترمذي في سننه ومالك في موطئه، والذي قال فيه: "إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها في الجنة، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم"، ثم ماذا ستقول لربك يوم القيامة عندما سيحاجك من اتهمتهم؟!
سيدي الفاضل قد يحمل تصريحك بعض الواقعية، ولكن لا يمكن تعميمه على شعب كامل، فشعب الكويت غالبه مخلص ومكافح، إلا بعض من وُلِد وفي فمه ملعقة من ذهب، وقد تكون أنت أحدهم، والمثل الشعبي يقول: "كلٌّ يرى الناس بعين طبعه"، واللبيب بالإشارة يفهم يا سيدي، واعلم أن السواد الأعظم من الشعب الكويتي مغلوب على أمره يقاتل من أجل لقمة عيشه وتوفير الحياة الكريمة له ولأسرته، فإذا كنت تعيش في برج عاجي في الضواحي النموذجية فاعلم أن غالبية الشعب تقيم في مناطق خارجية تنقصها كل الإمكانيات والتسهيلات، وأزيدك من الشعر بيتاً بأن ما يقدم لهم من خدمات تعليمية وصحية وأدوية تأنف منها العمالة المنزلية لدى الطبقة المخملية، وأعتذر إليك وإلى غيرك، وخصوصاً العمالة المنزلية لاستخدام هذا الوصف، وللأسف الشديد ابتلينا بنواب وصفت الكثير منهم في ما سبق بـ "نوائب الأمة" ابتليت بهم الكويت وتحمل أهل الكويت عبثهم وتهور بعضهم، إلا من كان بالحق صادحاً، أما مجلسكم هذا إلا من رحم الله، فقد نسي هموم المواطن الكويتي البسيط، وانبرى للدفاع عن مصالح فئات أخرى، فبعضهم أقصى اهتماماته إرضاء بعض الجشعين، بينما آخرون طائفيون حتى النخاع، في حين حمل البعض الآخر لواء المثالية للدفاع عن مصالح الوافدين على حساب المواطن البسيط، ولا أعترض إطلاقاً على تحسين أوضاع الناس، ولكن المواطن أولى، فكما قلت سابقاً "جحا أولى بلحم ثوره" يا سادة، والكويت بُنِيت بسواعد أبنائها سابقاً وحالياً، وستنتهض مستقبلاً، وستعود درة للخليج وبلاداً للعرب، كما كانت بإخلاص أبنائها وحبهم لترابها وغيرتهم وحرصهم على تقدمها ومكانتها وريادتها بين الأمم وكفاكم اتهاماً لأبناء الكويت والحط من قدراتهم وإمكاناتهم، فليس من المعقول أن تستمر عقدة الخواجة والوافد راسخة في الأذهان، والمثل الشعبي يقول: "ما يحك ظهيرك إلا ظفيرك"، فأخلصوا أنتم يا نواب الأمة وممثلي الشعب لهذا الوطن في أعمالكم، وكونوا قدوة للآخرين، ازرعوا فيهم مزيداً من الأمل والثقة بالنفس، ولا تكونوا خناجر مسمومة تغرزونها في ظهورهم، وربما دون أن تعلموا وتجعلوهم يشقون بسببكم، ويرددوا شعراً للشاعر إدريس جماع:إن حظي كدقيق فوق شوك نثروهثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوهصعب الأمر عليهم ثم قيل اتركوهإن من أشقاه ربي كيف أنتم مسعدوه؟والحافظ الله يا كويت
مقالات
ما هكذا تورد الإبل يا دكتور
09-01-2016