في رسالة سياسية واضحة، أجرى الجيش العراقي، أمس، استعراضاً عسكرياً في بغداد شاركت فيه ميليشيات «الحشد الشعبي» بحضور رئيس الحكومة القائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية حيدر العبادي.

وشاركت في الاستعراض، الذي انطلق من ساحة الفردوس، وصولاً إلى ساحة التحرير وسط العاصمة قطعات الجيش العراقي تبعتها فصائل الحشد الشعبي بمختلف صنوفها وآلياتهم، بمناسبة ذكرى تأسيس الجمهورية والانتصارات، التي تحققت ضد تنظيم «داعش» وتحرير الفلوجة.

Ad

ومنذ ساعات الصباح الأولى، نفذت القوات الأمنية انتشاراً واسعاً في بغداد، وقطعت عدداً من الطرق والجسور منها جسور السنك والجمهورية والشهداء والمعلق، وسط العاصمة.

وأعلن «الحشد الشعبي» فرض حظر جزئي على التجوال في بعض مناطق العاصمة، عازياً السبب الى الاستعراض.

وفي استفزاز واضح، شاركت كتائب حزب الله العراق في الاستعراض بكتيبة كبيرة، كما تم استعراض صاروخ أطلق عليه المتطرفون الشيعة اسم «صاروح النمر» تيمنا بالشيخ السعودي نمر النمر، الذي أعدمته سلطات المملكة بعد إدانته بالإرهاب.

وجرى الاستعراض بغياب رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، الذي يتردد انه في حالة صحية سيئة، وأيضا بغياب رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، وكذلك لم تشارك أي وحدة من قوات "البيشمركة" الكردية.

توقيت لافت

وجاءت مشاركة «الحشد الشعبي» بعد انتقادات وجهت للميليشيات الشيعية إثر تفجير الكرادة، الذي قتل فيه 300 شخص على الأقل، في أكبر خرق أمني للأحياء الشيعية في العاصمة، مما دفع شبان الكرادة إلى حمل السلاح دفاعاً عن النفس.

كما جاءت إثر دعوة رجل الدين الشيعي النافذ مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري إلى تظاهرات جديدة في بغداد ضد «الفساد».

ورأى المراقبون على نطاق واسع، أن الاستعراض جاء تعبيراً عن تفاهم بين العبادي والميليشيات لمنع الصدر من التظاهر خصوصاً بعد قيام أنصاره باقتحام البرلمان، واقترابهم من مقر الحكومة قبل أسابيع.

وكان الصدر قد زار، أمس الأول، ساحة التحرير وسط بغداد وتمسك بالتظاهر على الرغم من دعوة مجلس الوزراء العراقي إلى تأجيلها، وذلك غداة زيارته إلى موقع تفجير الكرادة مرتدياً الزي العسكري.

وقال الصدر، في مؤتمر صحافي عقده بساحة التحرير، إن «التظاهرة ستتم يوم الجمعة المقبلة في ساحة التحرير وستكون سلمية»، رافضاً أي اعتداء على الأجهزة الامنية من قبل المتظاهرين.

وعدّ الصدر كل شخص يخل بالأمن في العاصمة هو «ملعون»، ودعا إلى عدم ارتداء الزي العسكري في التظاهرات، ومنع المظاهر المسلحة فيها، متابعا أن «قدومي إلى بغداد هو رسالة اطمئنان لسكان العاصمة».

وأكد زعيم التيار الصدري، أن بغداد يجب أن تكون آمنة ومستقرة ويجب الحفاظ على دماء أهاليها».

رسالة إلى واشنطن

وأكدت كتلة «صادقون»، التابعة لحركة «عصائب أهل الحق» الشيعية المتشددة أن الاستعراض هو «رسالة إلى واشنطن بعدم الحاجة لقوات أجنبية، وبقدرة القوات العراقية على تحرير الأراضي من تنظيم داعش». وقال رئيس الكتلة حسن سالم معلقاً على إعلان بعض الفصائل استعدادها لحماية بغداد، إن «الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي ينطلق من منطلق وطني خاص، إذا كانت الأجهزة الأمنية عاجزة على حماية بغداد، وفيها بعض العناصر البعثية، فإن فصائل الحشد الشعبي لديها إمكانات وخبرة وجهاز استخباري متطور وهي جزء من المنظومة الأمنية»، وأضاف أن «إشراك فصائل المقاومة في حماية العاصمة بغداد لا يعد بديلاً عن الأجهزة الأمنية».

وبخصوص رفض رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي انتشار المظاهر المسلحة في العاصمة بغداد، أوضح سالم، أن «رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي لا يقصد فصائل المقاومة والحشد الشعبي»، مستدركاً بالقول «إنما قصد من يحمل السلاح خارج إطار هذه المنظومة ويوجد هذا الأمر في منطقة الكرادة».

أهالي الكرادة

إلى ذلك، أجمع أهالي ضحايا الكرادة على إقامة «مقبرة موحدة» لأبنائهم في النجف الأشرف، وفرضت اللجنة الأمنية في المنطقة إغلاقاً يومياً بعد السادسة مساءً، وقامت بتخصيص 25 عجلة لنقل المواطنين بهويات خاصة فيها ونصب ثلاث سيطرات لمداخلها المهمة.

قائد عمليات بغداد

وكشف مصدر مطلع، أن رئيس الوزراء حيدر العبادي كلّف اللواء الركن جليل جبار بمهام قيادة عمليات بغداد بدلاً عن الفريق عبدالأمير الشمري، الذي أعفي بعد تفجير الكرادة.

الحكيم ومعركة الموصل

إلى ذلك، جدد رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في العراق عمار الحكيم، القادم من جولة طويلة في طهران التأكيد على ضرورة إشراك «الحشد الشعبي» في معركة تحرير الموصل، لكنه شدد في الوقت نفسه على «أهمية الانضباط والالتزام بتوجيهات المرجعية الدينية والأوامر العسكرية».

وقال الحكيم، في بيان نشره مكتبه الإعلامي على هامش لقائه بقادة «سرايا عاشوراء»، التابعة للمجلس، إن «القضاء على داعش الإرهابي قريب، وإن الموصل هي المنازلة الأخيرة».

ولفت إلى «أهمية مشاركة الحشد في الموصل، لأنها ضرورة وطنية يفرضها تنوع المدينة والقدرة الضاربة، التي باتت عند الحشد الشعبي من خلال خبرته في قواطع العمليات ومواجهة الإرهاب».

وكان «الحشد» أعلن في وقت سابق أن قواته «لن تنتظر ترخيصاً من أحد لتحرير الموصل كونها مدينة عراقية».

إلى ذلك، أفاد مصدر أمني في محافظة نينوى أمس، بأن القوات الأمنية حررت دور قاعدة القيارة الجوية، جنوب الموصل، (405 كم شمال العاصمة بغداد)، من سيطرة تنظيم «داعش».