أوباما... الحانوتي!
لم يعد الرئيس الأميركي باراك أوباما يمارس مهمات الرئاسة إلا تأبين الذين يُقتلون ليس برصاص "داعش" ولا "النصرة" وإنما برصاص الذين جرفتهم موجة العنف والكراهية في الولايات المتحدة الأميركية، التي ثبت ويثبت يومياً أنها لم تتخلص من "عنصرية" متأصلة سببها التمييز الاستعلائي بين البيض والسود، وبين من يعتبرون أنفسهم "الأُصلاء" في تلك القارة الجديدة والوافدين الذين جاءوا تباعاً من أجل البحث عن لقمة العيش وعن الفرص المتوفرة هناك منذ سنوات بعيدة.بدت الولايات المتحدة بعد مقتل خمسة من رجال الشرطة برصاص قناص احتجاجاً على مقتل اثنين من السود، وبعد مواجهة دموية في إحدى مقاطعات سانت جوزيف بمدينة ميتشيغان بولاية شيكاغو، كبلاد ممزقة يسودها العنف والاقتتال العنصري، وكل هذا يتم ويجري في مشاهد مخيفة ومرعبة، من بينها استهداف عدد من "الزعران" مواطناً من الإمارات لارتدائه ثياباً وطنية عربية... وربما لأن هيئته كإنسان لوحت سحنته شمس المشرق لم تعجب المتأصلة في نفوسهم وقلوبهم النزعة العنصرية الدنيئة.
لم يثبُت إطلاقاً أن ذلك "الأفغاني" الذي هاجم نادياً ليلياً لـ"المثليين" في فلوريدا وقتل وجرح عدداً كبيراً منهم ينتمي لأي تنظيم إرهابي... لا إلى "داعش" ولا إلى غيره، وأنه، مثله مثل من كانوا هاجموا أطفالاً صغاراً قبل نحو 4 أعوام في مدرسة ابتدائية في ولاية كونيتيكت، وأيضاً مثله مثل ذلك الذي هاجم كنيسة مسيحية قبل نحو عام في ولاية ساوث كارولينا، مصاب بداء الانتقام والنزعة العنصرية الحقيرة.وهكذا وبالطبع فإن الرئيس الأميركي مثله مثل غيره ألقى بمسؤولية كل هذه الجرائم، التي تحدث في الولايات المتحدة إن ليس يومياً فأسبوعياً، على الاتجار بكل أنواع الأسلحة بدون أي ترخيص، وذلك عندما لم يجد خيطاً يأخذه إلى الشرق الأوسط والمنطقة العربية، حيث "داعش" و"النصرة" والعديد من التنظيمات الإرهابية.إن هذا هو واقع الحال... ويقيناً لو أن أوباما، هذا الذي سلَّم جَمل المنطقة العربية والشرق الأوسط بما حَمل إلى فلاديمير بوتين، وإلى إيران وإلى من هب ودب، دقق في الأمور جيداً لوجد أن "داعش"، باعتباره ابناً لـ"القاعدة" التي انتحلت اسماً في سورية هو "النصرة"، هو إنتاج شوْكي أميركي، وأن البداية كانت عندما رعت واشنطن ومعها الغرب بمعظمه عمليات التحشيد العشوائي لمواجهة الغزو العسكري السوفياتي لأفغانستان، فأسامة بن لادن ذهب إلى هناك لهذه الغاية ثم تحول بعد ذلك إلى ما تحول إليه، ثم لحق به أيمن الظواهري وغيره، فكانت "غزوة" نيويورك وواشنطن في سبتمبر 2001... التي تلتها غزوات كثيرة... من بينها غزوة بروكسل الأخيرة وقبلها غزوة باريس، حيث ستثبت الأيام المقبلة أن هذا الـ"داعش" كان ولا يزال عنواناً للمخابرات الإيرانية والسورية... وربما... ربما أيضاً للمخابرات الروسية! والله أعلم.