منذ طرحها للاستخدام التجاري في عام 2007 أعادت طائرة إيرباص إي 380 شعوراً بالجمال غاب طويلا عن عالم السفر. وتشتمل مقصورات الدرجة الأولى فيها على أماكن استحمام ومقاعد جلدية وردهات لتقديم الشراب، كما تذكر السلالم العريضة التي تربط بين الطبقتين بالسفن العابرة للمحيطات في حقبة العشرينيات من القرن الماضي. ومن الوجهة المالية هي تكلفة ذات أبعاد مماثلة.

وقد انكمش الطلب الذي كان شديدا عليها من قبل شركات الطيران بشكل لافت، وتعول الشركة بصورة مكثفة في مبيعاتها حاليا على عميل واحد هو طيران الإمارات. ولم تشتر شركة طيران أميركية واحدة طائرة واحدة من هذا النوع، كما أن الخطوط الجوية اليابانية التي تشتهر بأنها من أكبر طالبي الطائرات الضخمة قد اشترت عددا قليلا منها فقط. وقامت ايرباص بتسليم 193 طائرة من طراز اي 380 فيما كانت تتوقع بيع 1200 خلال عقدين من الزمن، ولديها طلبات لشراء 126 طائرة فقط لصنعها خلال السنوات الخمس المقبلة. والأسوأ من ذلك أن العديد من الطلبات يبدو غير مؤكد نظراً لتحول شركات الطيران بعيداً عن الطائرات الضخمة (السوبر جامبو).

Ad

وتقر إيرباص بسوء توقيتها بالنسبة الى طائرة اي 380 التي يبلغ ثمنها 433 مليون دولار، ولكنها تباع دائماً بخصم. وقد حدثت الأزمة المالية العالمية في الوقت الذي تحسن فيه الانتاج في سنة 2008، كما أن ارتفاع أسعار النفط دفع شركات الطيران الى التردد في شراء طائرات ضخمة ذات أربعة محركات. وحققت الشركة في السنة الماضية فقط نقطة التعادل في الإنتاج، واعترفت بأنها لن تتمكن قط من تعويض ما يصل إلى 32 مليار دولار أنفقتها على التطوير. ويقول ظفر خان المحلل لدى سوسيته جنرال إن القلق يتمثل في أن الانتاج إذا تراجع كثيراً عن 30 طائرة سنوياً فإن البرنامج سيعود الى المربع الأحمر، ويضيف "المحنة تبدأ عند خسارة المال".

ويصعب تحقيق خفض مباشر في نفقات طائرة إي 380، إضافة الى الإحراج المتمثل في الإقرار بالفشل في البرنامج، ويتعين على إيرباص عندئذ اغلاق معامل في شتى أنحاء أوروبا وإعادة تشغيل الآلاف من العمال في أماكن أخرى. وترى شركات الطيران انخفاضاً في قيمة إعادة بيع طائراتها من طراز إي 380 وغياب هذه الطائرة سيدفع المطارات في شتى أنحاء العالم تتساءل عن الحكمة في بناء منشآت لهبوطها، وقد بنت دبي، على سبيل المثال، محطة مخصصة لطائرات إي 380.

وتقول إيرباص إن عشر سنوات فترة قصيرة جداً من أجل تقرير مصيرها. وفيما قال رئيسها التنفيذي توماس إندرز في شهر ديسمبر الماضي إن الشركة سوف تقيم مستقبل الطائرة "بدم بارد" فإن رئيس قسم المبيعات جون ليهي تعهد بمواصلة البرنامج قائلاً إن "طائرة اي 380 وجدت لتبقى، نحن نحافظ ونبتكر ونستثمر فيها".

وعبر مقدم الطائرة القصير وسطحها الأعلى فوق قمرة القيادة لا تضاهي إي 380 طائرة بوينغ جامبو 747، ولكنها على الرغم من ذلك نافست الأخيرة بشدة، وربما كان ذلك النجاح الأكبر الذي حققته إيرباص بطائرتها. ومنذ سنة 2012 عندما بدأت شركة بوينغ بتسليم أحدث طراز من طائرتها 8-747 كان أداؤها أسوأ كثيراً من طائرة ايرباص إي 380 حيث باعت 40 طائرة فقط، ولديها 11 طلب شراء.

يذكر أن بيع الطائرات ذات الأربعة محركات أصبح صعباً بسبب استهلاكها الشديد للوقود. وفي عام 2011 استغنت ايرباص عن طائرتها إي 340 – وهي موديلها الآخر من الطائرات ذات الأربعة محركات– مع تحول شركات الطيران الى الطراز الأصغر والأكثر توفيراً مثل إيرباص إي 330 أو بوينغ 777، كما أن إضافة محركات أكثر توفيراً للوقود الى طائرة ايرباص اي 380 تنطوي على مجازفة في ضوء العدد القليل من طلبات الشراء لها. وعلى الرغم من شعبية إي 380 في أوساط الركاب بسبب القمرة الفسيحة وطيرانها المريح فإن شركات الطيران تجد صعوبة في قبولها في الأوقات الاقتصادية المضطربة. وقد تعلمت الخطوط الجوية الماليزية هذا الدرس بشكل صعب في أعقاب حادثي تحطم لطائرات أخرى، ولم تتمكن من الحصول على حركة كافية لشغل نصف دستة من طائرات اي 380 كانت اشترتها. وتحاول هذه الشركة التخلص من طائرتين من هذا الطراز، ولكنها لم تتمكن من العثور على مشترين.

وشهدت ايرباص في الآونة الأخيرة عقوداً نازفة كانت تبدو صلبة ومتماسكة. وفي العامين الماضيين قرر 3 عملاء لـ إي 380 إلغاء طلباتهم بسبب الصعوبات المالية أو لحدوث تغير في استراتيجية العمل. وأعلنت شركة التأجير أميديو Amedeo قبل ثلاث سنوات عن خطط لشراء 20 طائرة من طراز إي 380 ولكنها عجزت عن ايجاد شركة طيران واحدة ترغب في استئجارها فقررت تأجيل التسليم. وتعتبر شركة طيران الامارات حتى الآن الأكثر اعجاباً بهذه الطائرة، حيث تملك 81 طائرة عاملة و61 على شكل احتياط، وهو ما يصل إلى 45 في المئة من طائرات اي 380 التي سلمتها ايرباص أو لديها طلبات لشرائها. ويتملك القلق الشركة ازاء مستقبل طائرات الجامبو، ويقول رئيس شركة طيران الامارات تيم كلارك "أظن أن حجم الطائرة يخيف معظم عالم شركات الطيران".

وكانت إي 380 مشروعاً مدفوعاً بالهيبة والمكانة بالنسبة الى ايرباص والى الحكومات الأوروبية التي دعمت البرنامج. وقد حققت الشركة نجاحاً في طائرتها من طراز اي 320 ذات الممشى الواحد التي طرحتها في ثمانينيات القرن الماضي، ولكنها سعت الى شريحة أكبر من السوق المربحة في الرحلات الطويلة. ومع غياب المديرين الذين وضعوا الخطة قبل عقدين من الزمن خفتت الحماسة كما يقول ريتشارد أبولافيا، وهو مشهور بانتقاده لهذه الطائرة ونائب رئيس مستشار الطيران لدى تيل غروب Teal Group والذي يضيف "يبدو أن أحداً لا يريد هذه الطائرة باستثناء شركة طيران الامارات، وقد تتمكن اي 380 من البقاء حتى سنة 2020، ولكن حتى ذلك قد ينطوي على تفاؤل الآن".

وهذه قائمة بطلبات الشراء لايرباص اي 380 حتى شهر مايو 2016: الامارات 142 طائرة، اير فرانس 12، البريطانية 12، لوفتهانزا 14، أميديو 20، خطوط كوانتاس 20، الخطوط السنغافورية 24.