لنا الآن قرابة ثلاث سنوات ونحن والعالم في كر وفر بمواجهة "داعش"، وكلما قلنا هانت جدّ إجرام جديد، جربنا معهم كل الأسلحة التقليدية وغير التقليدية والعمليات الاستخباراتية والتجسسية ولم ينفع معهم ومازالوا هنا، حاولنا كذلك محاربتهم بالإسلام وإقناعهم بالوسطية التي لا أحد يعرف حدّيها ولم نفلح معهم أيضاً، فهم دائماً يجدون التفسيرات والتأويلات سيئة النية، أما نحن فقد اكتسبنا خبراتنا من خلال التعامل مع "الواد" الإخونجي الحليوة المسمسم المتمسك بإسلامه الخفيف السلس القابل دائماً للمساومة والمسايرة، والذي لم يكن يحرجه إلا السلفي، ولم يكن يحرج هذا السلفي إلا الأسلف منه، وهكذا دواليك طاسه في بطن طاسه، ويبدو أننا وصلنا إلى آخر البئر، وهؤلاء "الدواعش" أسلفهم كلهم حتى هذه اللحظة، وقد جاءوا ليحرجوا الجميع، لذا فلنغير قواعد اللعبة قليلاً ونقلب الطاولة عليهم، ونخرجهم من ملعبهم، ونواجههم بالمسيحية التي قد نجد فيها حكمتنا الضالة، لعلنا نفلح هذه المرة، ولنتبع معهم، على سبيل المثال، قاعدة "مَن ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر"، ولنعترف بهم وبدولتهم وبحدودها التي سيستوجب عليهم عندئذ الالتزام بها والتوقف عندها، وعلاج "نوستلوجيا" الفتوحات، وترك هواية مطاردة الغبار في البراري بسيارات الدفع الرباعي، فإذا كنا "لا نستطيع هزيمتهم فلنضمهم لنا" في النادي الدولي ولعبة الأمم والسياسة والدبلوماسية، وليرسلوا سفراءهم ولنرسل سفراءنا كما كان الوضع مع أفغانستان الطالبانية، ولنبدأ اللعب عالمكشوف. الوضع الجديد ليس سيئاً بالمطلق، بل سيحقق لنا عدة مكاسب أيضاً، فمن جهة خارجية ستكون "داعش" دولة سنية متشددة حاجزة بمواجهة إيران الدولة الشيعية المتشددة، وليتفاهموا مع بعضهم ويكفونا شرهم، ونتمنى أن يكون كل طرف صادقاً في نيته القضاء على الآخر، ومن جهة أخرى داخلياً سيكون وجودها فرصة لتجربة صدق إيمان الحالمين لدينا بالدولة الإسلامية والمتعاطفين مع "داعش"، وسنرى إن كانوا سينتقلون للعيش أو سيذهبون للاستثمار والعمل والسياحة وشراء الشقق هناك بدلاً من تركيا والبوسنة ودول كأس أوروبا، أما مَن يفضل البقاء بيننا لينشر الفكر "الداعشي" فسيكون حينها من السهل تطبيق القانون عليه بتهم الخيانة والتخابر مع دولة أجنبية بلا أي تحسس أو تردد والتباس، كما هي الحال الآن، وأخيراً نحن نريد أن نرى بالعين المجردة كيف سيتحقق حلم الدولة الإسلامية والخلافة على أرض الواقع، وكيف سيديرونها، فالتمني والعيش في جلباب الماضي شيء والواقع شيء آخر، تعالوا ادفعوا رواتب واخلقوا اقتصاداً وفرص عمل ونظموا حياة بشر وحققوا تنمية، إن نجحوا فالله يوفق دولة إخوتنا الذين بغوا علينا، وإن فشلوا فعلى الأقل جربنا أحلام ربعنا الرومانسيين دواعش القلب واللسان باختبار عملي على حساب غيرنا لعلهم يقتنعون بعد ذلك.
أخر كلام
دعوا «داعش» تعيش...
16-07-2016